إن من ابرز الأسماء التي برزت في عصر الامام الصادق (عليه السلام) هو التلميذ زرارة بن أعين الشيباني الكوفي، فقد كان من المميزين والمثابرين في المدرسة الجعفرية، وقيل عنه انه من أوتاد الأرض وأعلام الدين، والفقه في الاحكام، وعرف عنه الصدق في نقل الحديث، زرارة بن أعين، عاصر الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ويعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري.
بين احضان اسرته
ولد في سنة (80 هـ) وقيل (70) في مدينة الكوفة، ابيض البشرة، وكان يخرج إلى الجمع وعلى رأسه بُرنس اسود وبين عينيه سجَادة وفي يده عصا، فيقوم له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته فربَما رجع عن طريقه، وكان خصماً، جدلاً، لا يقوم احد لحجته إلا ان العبادة أشغلته عن الكلام والمتكلمون من الشيعة تلاميذه.
بيت أعين الشيباني من البيوتات الشريفة وكان اغلبهم من أهل الحديث والكلام والأصول والتصانيف، ورويت عنهم روايات كثيرة، فعاش في ربوع العلم، ومجالسة الحكماء وعاشر العلماء حتى اصبح من المقربين للامام الصادق (عليه السلام)، رزق زرارة بولدين وهما الرومي وعبد الله وكلاهما من اصحاب الثقة في نقل الرواية.
اما أخوته فمنهم حمران وبكير وعبد الرحمن وعبد الملك وكلهم من الأجلاء، وأما بكير فهو الذي قال الإمام الصادق (عليه السلام) فيه: «رحم الله بكيراً وقد فعل»، وقال أيضاً بعد وفاة بكير: «أما والله لقد انزله الله بين رسول الله وبين أمير المؤمنين صلوات الله عليهما»، وكان أولاد البكير وأحفاده من أهل الحديث أيضاً، وله بقعة ومزار معروف في خارج بلدة دامغان، أما عبد الرحمن بن أعين فهو الذي شهد له المشايخ بالاستقامة والعدل، وأما عبد الملك بن أعين فقد كان عارفا بالنجوم وعلم الفلك و ترحم عليه الإمام الصادق عليه السلام، وقد زار عليه السلام قبره مع أصحابه في المدينة، وضريس هو ابن عبد الملك و من الثقات ايضا.
مكانة زرارة عند الامام الصادق (عليه السلام)
وروي ان أبا عبد الله عليه السلام قال للفيض ابن المختار: «فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس» وأومأ بيده إلى زرارة بن أعين، وروي أيضاً انه قال عليه السلام: «لولا زرارة لظننت ان أحاديث أبي عليه السلام ستذهب»، ونقل عنه يونس بن عمار حديثاً عند الإمام الصادق عليه السلام في باب الإرث وقد كان أخذه زرارة عن الإمام الباقر (عليه السلام) فقال الصادق: "إما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فلا يجوز ان ترده".
قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا زرارة ان اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف، قلت: نعم جعلت فداك اسمي عبد ربه ولكني لقبت بزرارة، وقال أيضاً: اسمع والله بالحرف من جعفر بن محمد (عليهما السلام) من الفتيا فازداد به إيماناً.
عن جعفر بن محمد: (عليه السلام) (أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين).
عن موسى بن جعفر (عليه السلام) : (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقدادوأبو ذر... ثمّ ينادي المنادى: أين حواري محمّد بن علي وحواري جعفر بن محمّد (عليهما السلام)؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري، وزرارة بن أعين. فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين).
عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) : (يا زرارة، حقّاً على الله أن يدخلك الجنّة).
عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : (بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة بن أعين، أربعة نجباء، أُمناء الله على حلاله وحرامه، ولولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوّة واندرس).
عن الإمام جعفر بن محمد: (ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي(عليه السلام) إلاّ زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي (عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة).
مكانته عند الشيعة وأقوال علمائهم فيه
قال النجاشي: (شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم، وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، صادقاً فيما يرويه).
قال عبد الله المامقاني (ووثّقه كلّ مَن صنّف في الرجال وإن اختلفت في حاله الأخبار، فالأصحاب متّفقون على أنّ هذا الرجل بلغ من الجلالة، والعظم، ورفعة الشأن، وسموّ المكان إلى ما فوق الوثاقة المطلوبة للقبول والاعتماد، وتظافرت الروايات بذلك، بل تواترت معنى).
الرحيل المعطر
توفي زرارة بن أعين (سنة 148 للهجرة) بعد شهادة الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) بشهرين أو أقل، وكان في فراش المرض أيام شهادة جعفر بن محمد الصادق (سلام الله عليه)، ومنهم من يرى وفاته كانت سنة 150 للهجرة، ويقال انه عاش سبعين سنة، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء(2211) مورداً.
اضافةتعليق
التعليقات