في الآونة الاخيرة نلاحظ كثرة الاحاديث والجدال التي اخذت حيزاً واسعاً حول حجاب المرأة، خصوصاً بعد الضغوطات التي باتت تتعرض اليهن النساء المحجبات في دول الغرب وبالأخص باريس التي اصدرت قانون فرض منع الحجاب في الدوائر العامة والمدارس على اساس ان الحجاب يمثل اثبات الهوية الإسلامية وهذا يسبب تمايز ديني بين اطياف الشعب الاوربي، ويخالف الاسس العلمانية التي تقرّها البلد!.
ولكن لم يتوقف منع الحجاب او المطالبة بخلعه على الدول الاوربية فقط، بل توسعت هذه الدائرة لتشمل الدول العربية ومن ابرزها مصر، فقد صرح الصحفي والكاتب المصري "شريف شوباشي" لقناة فرانس24 على ان الحجاب ليس فريضة اسلامية، بل هو عبارة عن حركة انتقلت الينا بعد النكسة التي تعرضت اليها مصر سنة 1967، فبعدما تم خلع الحجاب في القاهرة على يد هدى الشعراوي سنة 1923، قرر الكثير من الشيوخ اعادة الحجاب على فرض ان النكسة التي تعرضت اليها الدولة هي بسبب ابتعادهم عن الدين!، وبعد ذلك عادوا بالحجاب، على اثر النكسة الثقافية والصدمة المعنوية التي تعرضوا اليها.
وقد دعا شوباشي نساء مصر الى خلع الحجاب وقال بأن الحجاب ليس مظهراً دينياً بل هو جزء من الإسلام السياسي، فجاء بجملته الصريحة: (يا نساء مصر اخلعن الحجاب)"!.
واعتبر البعض بأن خطوة باريس في اصدار قانون منع الحجاب هي خطوة سليمة للحفاظ على سلامة الأمن، والمساواة والابتعاد عن التمايز الديني والنهج على خطى الدولة العلمانية السليمة لتحسين العيش المشترك، متناسين بأن الدولة العلمانية تحث على العدالة والمساواة التي ما نهجتها الدول الاوربية بعد!، اضافة الى مفهوم الحرية التي تتغنى بها الدولة العلمانية فنستطيع ان نقول من خلالها بان الحجاب يعد حرية شخصية ولا يمس القانون ولا باقي القوميات باية صلة.
وعندما نقول بأن مصر غابت عن الحجاب لمدة خمسين سنة، اي اننا نقرّ بأن مصر كانت قبل هذه المدة ملتزمة بالدين الصحيح والاسس الصحيحة وتخلفت عنها لمدة خمسين عاما فقط، ثم عادت الى وعيها من جديد لأنها شاهدت الاثار السلبية اوالعقوبات الالهية على حسب ما نقل، ففترة خمسين سنة تعد لا شيء امام تاريخ الحجاب الذي امتد منذ ظهور الاديان!.
فالكثير يعتبر الحجاب هو العَلَم للدين الاسلامي، على الرغم من ان جميع الاديان السماوية اقرت بالحجاب واعتبرته فريضة لا تقل اهمية عن باقي الفرائض، ومن يريد ان يبتلع الفرائض الدينية يبدأ اولاً بالحجاب، كما نلاحظ ذلك في دولة رضا شاه، فقد كان عميق الاقتناع بضرورة اضعاف سطوة طبقة رجال الدين الايرانيين كجزء من عملية التحديث للمجتمع والدولة بإيران، فقد اعلن بداية قيام ملكية عصرية علمانية، لكنها كانت ملكية مطلقة استبدادية، والتي حول من خلالها فرض الحجاب الى فرض منع الحجاب!.
فقد كان من ضمن اجراءات فرض السفور على النساء وطرد النسوة من وظائفهن في الدولة والادارة إن رفضن السفور. كما انه صار ممنوعاَ على النساء المنقبات استخدام وسائل النقل العامة، وقد دأب الشاه على تنظيم حفلات ساهرة ومناسبات غير شرعية يدعو فيها كبار الموظفين ورجال الدين.. وكان على هؤلاء ان يظهروا مع زوجاتهم سافرات!، يعني نستطيع ان نقول بأن دول الغرب يستخدم نفس الاسلوب مع المسلمين من اجل انتزاع الهوية الاسلامية.
فالمفاهيم التي باتت تتردد في الآونة الاخيرة هي ان الحجاب ظاهرة اجتماعية وان المجتمعات الاسلامية تلتزم بالحجاب على اساس انه موروث اجتماعي وليس واجباً وفرضاً دينيا! وتبقى هذه الحركات مستمرة مادام نسبة المحجبات تشاهد زيادة ملحوظة في العالم، وتبقى هذه الحركات مغلفة ومسيسة من اجل عملية اسقاط الاسلام، وزعزعة المفاهيم الدينية الصحيحة، وتشويش الفكر العقائدي عند العالم وبالأخص في الدول التي تحارب الحجاب!.
اضافةتعليق
التعليقات