إن العلم والعبادة والدمعة وكل ما ينشأ عن الحب والعشق والإرتباط بآل البيت (عليهم السلام) ينمو ويزكو في الحياة خيرًا وحتى بعد الممات فما كان لله ينمو يبقى أثرهُ في الدنيا والآخرة على سواء أما ما لم يكن لله وما استبطن الكفر والبغض والحسد والنفاق والظلمة فلن ينمو وسيمحى أثرهُ ويجتث أصله ولو بعد حين ولذا فليحرص الموالي على عمله الصالح لاسيما دمعتهُ في عزاء الحسين بن علي (عليه السلام) لأن آثارها بظهورها وبطونها أعظم من بقية الأعمال وثوابها لا يعصيه إلا الله تعالى.
فقد ورد في الرواية إذا كان يوم عاشوراء من المحرم تنزل الملائكة من السماء على عدد الباكين في الأرض على أبي عبد الله الحسين ومع كل ملك قارورة بيضاء فيدورون على المحافل والمجالس التي يذكر فيها مصاب الحسين (عليه السلام) وأهل بيته فيحملون في تلك القوارير جزع الباكين ودموع أعينهم على الحسين فإذا كان يوم القيامة ويوم الحشر والندامة وأتى الباكي على الحسين (عليه السلام) وليس لهُ عمل سوى هذهِ الدمعة وهذا الجزع على الحسين.
فيقف محتارا في أمره فيقول المولى تعالى قفوا يا ملائكتي فأن لهذا العبد أمانة عظيمة ودرة ثمينة فأعرضوها على الأنبياء حتى يفرضوا قيمتها ويعطوا ثمنها فيجمع الله الأنبياء والأوصياء حتى يقوموا هذهِ الدمعة الثمينة بأعظم قيمة فيأتي آدم أبو البشر فيقال له يا آدم قوم هذهِ الدمعة لهذا العبد الفقير الخاطئ الذي لا يملك غيرها فيتقدم آدم ويقول: إلهي أنت الكريم الغفور الرحيم قيمة هذهِ أن تكفيه العذاب من نار جهنم فيقال له يا آدم قليل ما قومتها به فيأتي الملائكة على نبي الله نوح فيحضر نوح فيقول: يا إلهي يا كريم يا غفار قيمتها أن تكفي صاحبها شر الحساب وشر العقاب فيأتي النداء هذا قليل ما قومتها يا نوح فيأتي الملائكة بإبراهيم ويقول: إلهي أنت القادر على كل شيء وأنت الكريم الذي لا يبخل، قيمتها أن تسهل على صاحبها الحساب وتجعلهُ يستظل تحت عرشك وتسكنه فسيح جنتك فيأتي النداء قليل ما قومتها به يا إبراهيم وهكذا حتى يعرضوها على جميع الأنبياء والأوصياء فيأتي النداء قليل ما قومتها به إلى أن يؤتى بها إلى سيد الأنبياء وخاتم النبيين محمد "صلى الله عليه واله" فيحضر سيد المرسلين وشفيع الأمة فيأتي النداء يا محمد قوم هذهِ الأمانة لهذا العبد الخاطئ العاصي من أُمتك حتى يشتريها الله تعالى منه بأغلى ما يكون من الأثمان فيقول سيدنا محمد: يا رب أسأل وأنت العالم من نطقي أن هذا الشيء الذي أمرتني بتقويمه لعبدك الفقير من أين أتى ومن أين حصل عليه ومن أين أكتسهُ فيأتي النداء قد جلس يومًا مع جماعة يذكرون مصاب ولدك الحسين فتأسف وتحسر حتى خرجت قطرة من دموع عينيه فحفظَتها له الملائكة فصورتها بقوتي وقدرتي وجعلتها لهُ هذه الدرة البيضاء وأمرتُ ملائكتي أن يحفظونها له فكانت لهُ ذخيرة في هذا اليوم.
فإذا سمع رسول الله هذا الكلام يخر ساجدًا لله تعالى ويقول يا رب العالمين يا مالك يوم الدين أنت أكرمُ الأكرمين ورحمتك وسعت كل شيء وأحسب على ذلك.
اضافةتعليق
التعليقات