يعاني الكثير من الأشخاص من موضوع عدم القدرة على النوم بشكل طبيعي وبالتالي يبحثون هؤلاء الأشخاص عن وسائل تمكنهم من النوم ومن هذه الوسائل الضوضاء البيضاء وشاع دورها في مساعدة الجميع بما فيهم الأطفال في الخلود إلى النوم.
"الضوضاء البيضاء" الحقيقية هي عبارة عن الصوت الهائج لجميع الترددات، التي يمكن أن تسمعها الأذن البشرية عند إطلاقها بشكل عشوائي وبنفس الشدة. وفي السنوات الأخيرة، تم تطوير العديد من التطبيقات والأجهزة التي تستخدمها وغيرها من الأصوات "المريحة"، مثل طنين المروحة أو أمواج البحر المتلاطمة؛ لمساعدة الناس على النوم.
إحدى النظريات التي قيلت عن هذه الأصوات المريحة هي أنها تساعد في إخماد الأصوات المزعجة الخارجية مثل ضوضاء الشارع، بالإضافة إلى أن الاستماع إلى نفس الصوت كل ليلة، قد يؤدي إلى نوع من "الإشراط الكلاسيكي" الذي يربطه الناس بالاستغراق في النوم.
كيف تساعد الضوضاء البيضاء على النوم؟
تعمل الضوضاء البيضاء على خلق إيقاع موسيقي من أجل وجود أصوات دائمة في الخلفية، وذلك من أجل منع أي أصوات من إثارة وعي الشخص.
هناك كثير من التطبيقات المتوفرة على الهواتف الذكية، والتي تساعد في الحصول على الضوضاء البيضاء من أجل المساهمة في سرعة الخلود إلى النوم، كما أن هناك أجهزة خاصة للضوضاء البيضاء.
فوائد الضوضاء البيضاء
هناك بعض الفوائد المرتبطة بهذه الضوضاء، والتي تشمل:
تساعد في استرخاء الأطفال
الأطفال معتادين على الضوضاء البيضاء، فمنذ وجودهم برحم الأم، تكون هذه الضوضاء من حولهم.
إن كان الطفل يستيقظ كثيرًا خلال نومه، فإن استخدام الضوضاء البيضاء من شأنه أن يقلل من ذلك ويساعده في النوم بصورة أفضل.
تُخلص من طنين الأُذن
في حال المعاناة من مشكلة طنين الأذن، فإن الضوضاء البيضاء من شأنها أن تساعد في التخلص من هذا الطنين، وبالتالي يتمكن الشخص من النوم أحسن من ذي قبل.
تُساعد في علاج اضطرابات النوم
في حال كان الشخص يعاني من مشكلات واضطرابات في النوم، فقد تساعد الضوضاء البيضاء في التخلص من ذلك، حيث تملك القدرة على حجب أي أصوات أخرى تزعج الشخص عند النوم.
الآثار السلبية للضوضاء البيضاء
على الرغم من فوائد الضوضاء البيضاء لكن لا يخلو الأمر من بعض الآثار السلبية، حيث قد تُؤدي الضوضاء البيضاء إلى الأضرار الآتية:
الإصابة بمشكلات السمع: يمكن أن يكون مستوى صوت الضوضاء البيضاء عاليًا، مما يُسبب أذى في الأذن خاصةً مع تكرار التعرض لها يوميًا بنفس مستوى الصوت العالي.
اعتماد الطفل عليها بشكل مطلق: قد لا يستطيع الطفل النوم إلا عند سماع الضوضاء البيضاء، مما يعني أنه على الأم تشغيل الضوضاء البيضاء في أي مكان.
انزعاج بعض الأطفال: كثير من الأطفال لا يرغبون بسماع الضوضاء البيضاء، لكن الأم تصر عليها يوميًا مما يُسبب انزعاج وضيق للطفل.
لذلك من الضروري أن تحد الأم من استخدام الضوضاء البيضاء من أجل نوم طفلها، حتى لا يصبح معتمدًا عليها بشكل كلي، ولحماية سمع الطفل أيضًا.
الدراسات تؤيد فاعليتها
على الرغم من أن الآلات المصممة لتعزيز النوم باستخدام مفهوم الضوضاء البيضاء ظهرت في أوائل القرن السابع عشر، إلا أن الأبحاث عليها لم تبدأ إلا بعد الثمانينيات، حين درس الباحثون تأثير الضوضاء البيضاء على الأطفال.
ووفقاً لدراسة رائدة عام 1990 نشرت في أرشيف الأمراض في الطفولة، توصل الباحثون إلى أن الضوضاء البيضاء تساعد حديثي الولادة على النوم بشكل أسرع، وأنها تحسّن من مقدار الوقت الذي يقضيه البالغون في مراحل النوم المختلفة عند الاستماع لها طوال الليل.
وفي دراسة أحدث أجريت عام 2017، ينام البالغون بنسبة 38٪ أسرع أثناء الاستماع إلى الضوضاء البيضاء. وقد وجدت عدة دراسات حديثة أخرى تأثيراً إيجابياً للضوضاء البيضاء على النوم.
على سبيل المثال، الناس الذين يعيشون في منطقة عالية الضوضاء في مدينة نيويورك ينامون بشكل أسرع وأفضل أثناء الاستماع إلى الضوضاء البيضاء، وفقاً لدراسة أجريت عام 2021.
وفي دراسة أخرى، أدى الاستماع إلى الضوضاء البيضاء عبر سماعات الرأس إلى تحسين جودة النوم للمرضى المصابين بأمراض خطيرة في وحدة مستشفى صاخبة في الهند.
نصائح لدمج الضوضاء البيضاء في روتين وقت النوم
حاول أن تبدأ الاستعداد للنوم في الوقت نفسه كل ليلة حتى تتمكن من الحفاظ على وقت نوم ثابت. وبمجرد وصولك إلى غرفة نومك، عتِّم الأضواء، واضبط المنبه، ثم شغِّل جهاز أو تطبيق الضوضاء البيضاء قبل إطفاء الأنوار مباشرة.
مع الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كنت تفضل تشغيل الضوضاء البيضاء طوال الليل أو أثناء محاولتك النوم فقط، واضبط مؤقت الجهاز أو اختر مقطع صوت طوله مناسب حسب حاجتك.
الضوضاء البيضاء والأطفال
الأصوات المتكررة بنمط ثابت هي ما يطلق عليها مسمى الضوضاء البيضاء، التي تساعد الأطفال حديثي الولادة وحتى عمر السنة على النوم بشكل منتظم، دون أن تبذل الأم مجهودا خارقا لتحفيز طفلها على النوم، أصوات مثل تشويش التلفزيون، أو صوت المكنسة الكهربائية، أو صوت مجفف الشعر، أو زخات المطر، أو محضر الطعام، يمكنك الاعتماد عليها بشكل كبير للوصول لنوم مثالي لطفلك الوديع.
تخصيص اللون الأبيض لتسمية هذا النوع من الضوضاء، أتى من فكرة تكوّن اللون الأبيض من اندماج جميع الألوان ببعضها، فهكذا هي الأصوات المختلفة الترددات حين تندمج فيخرج منها ما تسمى بالضوضاء البيضاء.
إذا كان هناك أكثر من شخص بالغرفة، كل منهم له صوت، صوت أحدهم يمضغ الطعام، والآخر يستمع لهاتفه، وآخر صوت شخيره عال، ففي هذه الحالة، فإن أضمن حل للنوم هو اللجوء للضوضاء البيضاء، وهو التركيز على صوت واحد منتظم، والخروج من كافة الأصوات الأخرى، فلو ركزت كافة حواسك على الاستماع لصوت الشخير، فإنك لن تسمع باقي الأصوات، وبهذا ستضمن عدم تشتتك في أكثر من اتجاه، وتفتيت تركيزك وانتباهك بعيدا عن النوم.
للضوضاء البيضاء سحرها الخاص على الأطفال، فهي ليست مجرد صوت نمطي يدمنون الاستماع إليه، لكن السر يكمن في أن تلك الأصوات تشبه إلى حد كبير الأصوات التي كانوا يستمعون إليها وهم أجنة في رحم الأم، مثل دقات قلب الأم، وصوت تدفق الدماء في الأوردة الدموية، وأصوات المعدة والقولون، فهذه الأصوات التي تتقارب مع نمطية الضوضاء البيضاء، هي ما تولد ألفة بينها وبين الطفل، لذا يشعر بالأمان عندما يستمع إليها وينام في سكون.
أضرار وفوائد الضوضاء البيضاء على الأطفال
الراحة التي تحصل عليها الأم بعد تنويم طفلها من مزايا الضوضاء البيضاء، حيث قد يتمكن الأطفال من النوم بشكل أسرع مع وجود ضوضاء بيضاء في الخلفية؛ إذ يمكن أن تحجب الأصوات المزعجة.
كما تحتوي بعض آلات الضوضاء البيضاء للرضع على إعداد نبضات قلب يحاكي وضعيتهم في رحم الأم؛ ما قد يكون مريحًا لحديثي الولادة.
لكنها كذلك لها بعض العيوب التي أثبتها العلماء الذين نصحوا بعدم الاعتماد عليها وسيلةً لتنويم الطفل بشكل دائم، مع مراعاة الاعتماد على هذه الوسيلة لفترات محدودة وبصوت منخفض، وذلك لأسباب عدة أولها أنها قد تضر بحاسة سمع الطفل عند الإفراط في استخدامها، لذلك فإن درجة الصوت المسموح بها لا تتجاوز 60 ديسيبلا، كما أن الاعتياد عليها قد يخلق من الطفل شخصا مزعجا في حالة عدم وجودها، فلا مجال لنومه دونها.
اضافةتعليق
التعليقات