كنت مستلقية على فراشي أحاول أن أشغل عقلي بالتفكير بأي شيء عسى أن يتلطف النوم بحالتي المتعبة ويسحبني بكل هدوء إلى أعماقه، حتى اتجهت بأفكاري ألى عالم المطبخ والطعام وبدأت أتذكر وأتخيل الطبخة الفلانية التي تحوي الكثير من عصير الليمون فما أن فكرت بحموضة الليمون حتى بدأ لعابي يسيل من تلقاء نفسه!.
استغربت جدا من هذه الحالة بالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تحدث لي ذلك ولكن هذه المرة انتبهت إلى أمر مهم جدا. وهو كيف أن الجسد يتفاعل مع الأفكار بهذه الطريقة السريعة والعجيبة، وما إن فكرت بالأمر حتى قلت مع نفسي: إذا كانت فكرة تناول الليمون يفعل بي كل هذا فماذا يا ترى تفعل الأفكار السلبية ومشاعر الخوف والقلق بجسدي؟!
وفجأة وجدتني أعد الأمراض الجسدية التي أعاني منها بداية من نوبات الصداع وحتى مرض القولون العصبي والخفقان... الخ.
وتيقنت بأن جميع الأمراض التي أعاني منها ما هي إلاّ ردة فعل طبيعية لأفكاري ومشاعري السلبية التي أعيشها... نعم هكذا وبهذه الطريقة المرعبة يتفاعل جسم الإنسان مع العقل البشري.
شخصيا أعاني من فرط التفكير السلبي وبصورة مبالغة جدا، فحتى أثناء العمل أو القيادة أستمر بالتفكير بالمشاكل والمواقف التي صادفتني خلال الشهر وأبدأ بتضخيم الأمور والتوسع فيها أكثر فأكثر حتى تبدأ دقات قلبي بالتسارع ويصاحب ذلك تعكر شديد ومفاجئ في مزاجي فتتغير حالتي مباشرة ويضيق صدري وأبدأ بالصراخ على أطفالي لأتفه الأسباب وأقلها.
فكرت مع نفسي هل بإمكاني أن أخدع عقلي وأحاول التفكير بأِشياء إيجابية لكي أحسن من صحتي النفسية أولا من صحتي الجسدية ثانيا.
قبل يومين وعن طريق الصدفة قرأت مقالة علمية تتحدث عن "البلاسيبو" او ما يسمى "بالعلاج الوهمي"، (وهي عبارة عن مادة تُعطى للمريض بهدف علاجه، ولا يكون له تأثير حقيقي في علاج المرض بعينه، فبها يتم إيهام المريض نفسيًا بأن هذا العلاج الذي يتناوله يحمل شفاءً لمرضه وأنه علاج فعال في التخلص منه).
في الحقيقة يحاول الأطباء خداع العقل البشري ليتمثل الجسد بالشفاء، وجدت هذا الموضوع قريبا جدا من حالتي التي أعاني منها، ففي الأمرين المحاولة تؤدي إلى خداع العقل لينعكس تأُثيره على الجسد.
ففكرت تجربة البلاسيبو بطريقتي الخاصة، حاولت الاستماع إلى الفيديوهات التحفيزية التي تتكلم عن الطاقة الايجابية وطرد الطاقة السلبية خصوصا في الأوقات التي يكون جسدي في حالة عمل كتنظيف البيت مثلا أو أثناء الطبخ... الخ، أو استخدام طريقة إسلامية أكثر فكلما حاول عقلي السير في شارع السلبية اقتحمته بعجلة الاستغفار لأني أعتقد بأن الأفكار السيئة هي وليدة الشيطان إذن هي فعل تغضب الله ومن الممكن أن يحاسب عليه الانسان خصوصا أنها تسببا ضررا نفسيا بل وحتى جسديا لذلك كلما اتجه عقلي إلى هذه الأفكار أحاول استعادة نفسي بالاستغفار والصلوات.
ولكني أعرف جيدا بأن هذا الأمر يحتاج إلى المداومة حتى يتحول هذا الفعل إلى عادة، ويصبح التفكير الايجابي وتحجيم المشكلات هو اأمر بديهي في حياتي الفكرية، ويتعلم عقلي أن ينظر دائما إلى النصف الممتلئ من الكأس، ويحاول التفكير بالأِشياء المفيدة، فمثلا أثناء الطبخ أفكر في الكلام الذي قرأته قبل أيام في الكتاب الفلاني وأناقشه مع نفسي في عقلي، أو أحاول أثناء التنظيف التفكير في الحلول التي تخلصني من المشكلة الفلانية بدلا من التفكير في تفاصيل المشكلة نفسها!
بهذه الطريقة بالتأكيد سأتمكن من طرد شياطين عقلي وجذب الروحانية والطاقة الايجابية إلى حياتي، وعندما قرأت مقولة أمير المؤمنين (عليه السلام): "كل متوقع آت"، أدركت أن كل الظروف والمواقف التي أعيشها أنا التي أوجدتها في حياتي لأني تسببت في جذبها إليّ من خلال التفكير المفرط بها.
وهكذا تفاعل عقلي مع كل التفاصيل السلبية التي فكرت فيها وانعكس أثرها على حياتي الاجتماعية وصحتي النفسية والجسدية.
إنه بإختصار لغز البلاسيبو، فلماذا لا نستخدم هذا العلاج الوهمي بالصورة التي تحقق تطورا في حياتنا ويترك أثرا بليغا على حاضرنا ومستقبلنا؟، مادام هنالك كلاما يؤكد على أن الانسان هو نتاج ما يفكر به ويتمناه سواء كان خيرا أو شرا، وتأكيدا على ذلك يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "تفاءلوا بالخير تجدوه".
اضافةتعليق
التعليقات