مررت في واحة الجميع وعرفت ما يرغبون ويحبون وأي شيئ يحزنهم ويسعدهم وكيف تسير مشاعرهم مع الأيام دون أن يعلموا أنني أعلم!.
كأنني قمت بعملية اختراق متكاملة لأدمغتهم وحيواتهم مكّنتني من معرفتهم فردا فردا..
ففي يوم ما اشتريت هدية إلى زميلتي في العمل كانت ضاربة إلى الحمرة مع خطوط صغيرة من الذهبي حين رأتها اندهشت كيف عرفت أنها تحب هذه الألوان وبالأخص كيف عرفت أنها مولعة بـ "التُحَف"..!
حاولت أن تستطرق في حديثنا بعد أيام عن هديتي محاولة بشكلٍ ما عدم سؤالي للحفاظ على الاتكيت الخاص بها ولكنني كنت أعرف جيدا ما تروم إليه ورغم ذلك لم أبح لها بسري!
إنها موضة الأيام، تعرف عني وأعرف عنك فللأسف لا توجد خصوصية في حياتنا الشخصية مما أدى بنا إلى السطحية وسهولة الوصول إلينا دون تعب أو مجهود، لقد عرفت أنها مولعة بحب التحف من خلال تعليق لها مع أحد الأشخاص ونظرا لسياسة موقع الفيس بوك الذي يظهر التعليق لقائمة الأصدقاء عرفت، مع العلم أن المنشور الذي تركت عليه تعليقها ليس له علاقة بالتحف.
هل تعلمون ما هو أصعب من الوحدة والحزن؟
سأخبركم أنا، أن من الأصعب في كل شيئ أن يعرف من حولك بما تعيشه ولكن لا يصدر عنهم صوتا فقط يرون حالتك المحدّثة لا أكثر، وهذا يظهر لك أن الجميع اعتاد على ما تدونه بالإضافة إلى شعورك بمدى عجزك من أن تقف بحزم وصرامة وأن تتخذ موقفا في حياتك يحفظ لك خصوصياتك..
أي مما يعني عزيزي القارئ أن كثرة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن الأمور الشخصية ليست بالخطوة الحميدة ولا يُشجع عليها أيضا ولا يُنصح بأن ما تعيشه يكون مربع نقش يراه كل من هب ودّب حيث كشفك عن حياتك الشخصية مخاطرة كبيرة تقوم بها دون أن تشعر قد يستغلها شخص ما أو ينسبها إليه بصفة تدعى بـ "انتحال الشخصية".
فعليك أن تفهم ما معنى أن تكون كالنظرية الهندسية التي يتعب فيها الجميع من أجل برهنة المعطيات للوصول إلى اثباتها.
ويمكنك الآن أن تجرب بشكل غير ملحوظ الابتعاد عن مشاركة أنشطتك على مواقع التواصل الإجتماعي وستعرف حينها ماذا أقصد تماما.
حيث إن الانسان الذي يجعل للأحداث التي تدور في حياته بعض الخصوصية ستجعله يبدأ بإدراك أعماقه بنفسه فلو قام بمشاركتها على يومياته ما كان قد أدرك درجة أهميتها.
إن الحياة التي ترى بالعين المجردة تختلف تماما عن الحياة التي ترى بالمجهر فالأولى الكل بإمكانه معرفتها بلا جهد أما الثانية لن يعرفها سوى بضعة أشخاص قد فعلوا ما فعلوا في سبيل معرفة أمر ما عن صاحبها وهؤلاء هم الأشخاص المهمين في القضية الذين ينقسمون بين الصالح والطالح وهنا عليك أخذ الحيطة والحذر ..
وعامةً: إن حصولك على التفاعلات والتعليقات لن يزيد من حسابك المصرفي فلا تكترث لهذا الأمر واسمح لخصوصيتك بخصوصيتها واجعل من نفسك شخصا متزنا يفرق بين أن يحدث حالة أو يبدي رأيه في قضية ما أو يكتب للتطوير الذاتي والمجتمعي وما إلى ذلك.. وبين أن يشارك شعوره السعيد أو الحزين أو كوب قهوته مع تواجده في إحدى الأمكنة.
اضافةتعليق
التعليقات