من المعروف أن الشمس تشرق في مواعيدها المحدودة، ولا تخلف عنها منذ ملايين السنين.. وكذلك يفعل القمر، والنجوم، والسحب، والأمطار، وتموجات البحر، وحركة الرياح، ودرجات الحرارة والبرودة.. فكلها تسير وفق جدول زمني كوني دقيق، مقاس بما لا ينتهي من أجزاء الزمن.
وإن الحياة تقوم على نظام دقيق متزن، ويمكننا أن نعيش هذه الدقة ليس بالأيام والساعات فحسب، بل بجزء من مليار جزء من الثانية.
ولأن من عوامل النجاح الرئيسية أن تنسجم حركة الإنسان مع النظام الكوني، فلابدّ من أن يكون الإنسان منظماً في حياته حتى ينجح، والاّ فإن الشمس لا تنتظر النائمين حتى يستيقظوا، فتشرق لهم، والربيع لا ينتظر الكسالى حتى يزرعوا، فيأتي، والعمر لا ينتظر المسوفين حتى يتحركوا، فيدور دورته. فليس مطلوباً من الأجرام الكونية أن تنظم حركاتها معك، بل المطلوب منك أن تنظم حياتك معها.
وإذا تأخرت عن ذلك، تكون عن حظك قد تأخرت...
إن تنظيم الاوقات والاعمال وترتيبها أمر ضروري ليس فقط من أجل أدائها بشكل أفضل، بل من أجل راحتنا نحن ايضا.. فمن مشي على نظام صحيح أنجز من الأعمال أكثر من غيره من دون أن ينغض عليه التشويش الذهني، والعصبي..
إن النظام هو الركيزة الأساسية في المجتمع، والانضباط هو منشأ القوة الرئيسية في الجيوش، والتنظيم هو سر من أسرار النجاح.
ولهذا فقد أوصى الإمام علي (عليه السلام) أولاده في أهم وآخر وصاياه قائلاً: "أوصيكما، وجميع ولدي، ومن بلغه كتابي: بتقوى الله، ونظم أمركم" (نهج البلاغة/عبده، ج3، ص144).
وفي الحقيقة فإن الإنسان بالإنضباط ينجز ما يعجز عن إنجازه تلقائياً، فكم من أمور لا تستطيع إنجازها ما دمت لم تلتزم بنظام دقيق لها. ثم تنجزها بسهولة عندما تلتزم بجدول زمني محدد، وعمل يومي محدود.
إن التنظيم كما قيل قديماً يوفر نصف الوقت، والرجل الذي ينظم أدوات عمله، ويعرف مكان كل شيء بدقة يستطيع الحصول على الاشياء والمعلومات في مدة قياسية.. والوقت عامل حاسم في النجاح وقد يكون الفارق بين النجاح والفشل دقائق قليلة... هذه الدقائق الثمينة يوفرها التنظيم!.
إن الإنضباط قد يكون شاقاً ولكنه يشعر المرء بأنه مسؤول عن حياته، وانجازاته.
إن الكثيرين منا يتمنى لو كان هناك "جني"، مستور يقوم بمساعدته على إنجاز أموره، إلا اننا ولحسن الحظ لا نمتلك مثل هذا الجني، فكل ما لدينا هو قوة محركة تدعى الإنضباط، وهي تستلزم منا ثمناً باهظاً... وقد نتساءل ما هو الإنضباط؟، والإجابة: هو الالتزام بنظام دقيق لا حياد عنه، أي انه النظام الذي يكتنفه العزم وبذل الجهد، وبعبارة اخرى فهو نمط من التفكير يقوم على النظام والعزيمة..
وهنالك عدة خطوات لتنظيم الأمور الحياتية والعملية بشكل أسهل:
1- ضع جدولاً لأعمالك، بشكل يتناسب مع أوضاعك.
2- قم بالتدريب على تنظيم الأعمال.
3- تصور مسبقاً ما تريد أن تعمله في كل يوم.
4- تعلم الإنضباط الداخلي، عن طريق اتخاذ قرار حاسم بذلك.
5- أحذف كل ما هو غير مهم، لتتفرغ لما هو أهم.
6- برمج متعتك، ولذاتك.
7- حقق التوازن.
8- استخدم الانضباط كعناية بالنفس وبالعمل.
واخيراً وليس آخراً، يتكون الإنضباط بالتمرس، فالقليل يقودنا إلى الكثير، إذ تزداد رغبتنا في الحسنات والمنافع. فإذا ما تخطينا الكسل نهائياً شعرنا بتحسن كلي. فالإنضباط يجعلنا في أفضل حالاتنا جسداً وذهناً.
اضافةتعليق
التعليقات