إذا أردت أن تكون شيئا يستحق أن يخدمه هذا الكون، أن تكون الشمس بعظمتها خادمة لديك فلابد أن تعتني بتلك الذات الخطيرة.
يقول الامام الصادق عليه السلام: (ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها.. كأن على خيولهم العقبان يتمسحون بسرج الإمام يطلبون بذلك البركة، ويحفون به، يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد).
علينا أن نستعد.. علينا أن نتهيأ.. ألم يحن الوقت بعد.. ألم يحن الوقت أن نجهز أعمالنا لكي يطلع عليها إمام زماننا ولا نخجل في أن يدقق بصيحفة أعمالنا.. إذا سألوا كل واحد منا هل أنت مستعد للقائه في الغرفة التالية ماذا ستكون الإجابة، هل أنت مستعد؟ أم أن قلبك ضعيف لابتلاءات الدنيا وفي أقل منعطف ستنهار؟
هل قلوبنا كزبر الحديد أم هشة رقيقة، هل قلوبنا عجزت أن تكون كهذا الحداد الذي كان لديه بصيرة وواجه صعوبات حياته..
هناك قصة لطيفة تحثنا على العزيمة والمثابرة عند الابتلاءات، يقال قضى أحد الحدادين عمره في معاصي الله ثم هداه الله فآمن بعد الضلال وبدأ يشارك بأعمال البر كافة لكن أموره المعيشية بدأت تسوء يوما بعد يوم وبدأ يفشل في أي عمل يقدم عليه ف جاء في أحد الأيام صديقا له لكنه لم يكن مؤمنا وسأله سؤال: أليس غريبا أن تزداد أوضاعك سوءً بعد تحولك من الفساد إلى الصلاح؟ أنا لا أعاتبك على تحولك لكن أردت أن أخبرك أن توجهاتك الروحية لم تنفع بشيء.
لكن الحداد كانت عنده بصيرة فقال: صحيح أن أوضاعي تزداد صعوبة لكن ليس من الصحيح أن بعد هذا التحول في حياتي أتوقع بأن تتحسن أحوالي. فقال له صديقه ولماذا؟
قال تعرف أن عملي هو صناعة السيوف أي إني أستلم قطعة من الفولاذ الخام، في البداية أضع الفولاذ في درجة عالية من الحرارة حتى يحمر لونه ثم أبدأ بالضرب الشديد عليه حتى يصبح بالشكل المخصوص ثم مباشرة أرمِ به في ماء بارد فيصعد منه البخار حتى يملأ المكان كله وعليّ تكرار هذا العمل عدة مرات إلى أن يصبح سيفا حادا فلن يصبح سيفا منذ المرة الأولى.
أحيانا لا تتحمل قطعة الفولاذ تحمل هذا التغير المفاجئ من الحرارة الشديدة من الضربات إلى البرودة فينفطر إلى عدة أجزاء فأضطر إلى أن أرمي به مع قطع الخردة التي في المخزن لأن الفولاذ الذي يتقطع لا يتحمل الضربات والتغيير المفاجئ، ثم قال الحداد لعل الله رمى بي في المشاكل والمصائب لأتحمل الضربات حتى أتحول إلى سيف قاطع في إيماني وليس إلى مجرد خردة لا تنفع في شيء، والتفت إلى صاحبه وقال: عندما أتعرض إلى الصعوبات أقول يا الله لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، اجعلني كما تريد ولا ترم بي كالخردة!
(ونحن نقول يا الله لين قلبي لولي أمري لكي يصل إلى قداسة نظرة من نظراته ونكون ذا بصيرة ونتحمل آلام البعد وأوجاع الإنتظار كي نصبح من خير أنصاره وأعوانه والمستشهدين تحت لوائه ولا يكون قلبنا كخردة بالية لا تنفع بل تضر).
قال رسول الله (ص) ذات يوم - وعنده جماعة من أصحابه - : اللهم!. لقّني إخواني مرتين، فقال مَن حوله من أصحابه: أمَا نحن إخوانك يا رسول الله؟!. فقال: لا، إنكم أصحابي، وإخواني قومٌ في آخر الزمان آمنوا ولم يروني، لقد عرّفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم، لأحدُهم أشدُّ بقيّةً على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيج الدجى، ينجيهم الله من كلّ فتنةٍ غبراء مظلمة.
اضافةتعليق
التعليقات