دائمًا مرحلة المراهقة يتخللها تقلبات كثيرة، وهو ما يلقي بظلاله على الصداقات التي تكونها المراهقات خلال تلك الفترة؛ لذا دائمًا ما نتذكر مقولة شكسبير: «الصديق هو الذي يعرفك كما أنت، ويتفهم الوضع الذي كنت فيه، ويقبل ما أصبحت عليه، ولا يزال يسمح لك بلطف التطور والتغير».
ويقول الكثيرون إن «الأصدقاء مثل الزهور في حديقة الحياة» أي أنها تحتاج إلى نوع من الماء والتربة لتنمو بصحة جيدة وقوة، إذن كيف تبدو الصداقة الصحية؟ وكيف تبنين صداقة قوية ودائمة؟ فيما يلي طرق لجعل صداقتك تدوم لوقت أطول:
- اختيار الأصدقاء بحكمة، إذا سمحت بوجود الأشخاص الخطأ في حياتك، فستفقدين العديد من الأشياء، مثل فرحتك، وسلامك وحبك وأملك؛ لأنهم سيؤثرون عليك.
- كوني لطيفة، إن الفعل اللطيف البسيط يمكن أن يغير مزاج شخص يمر بوقت عصيب، فعليك القيام بالأمور التي تجعل حياتك وحياة أصدقائك أسهل، بدلاً من الشعور بالثقل.
- كوني حقيقية، في بعض الأحيان قد لا يجلب لك الصدق وقول الحقيقة الكثير من الأصدقاء، ولكنه سيجعلك دائماً بين الأصدقاء المناسبين لك ولطباعك.
- أظهري التقدير، تأكدي من التعبير عن شعورك لإظهار أنك تهتمين بأصدقائك، إن مدحك على الصفات الجيدة أو الأشياء التي يقومون بها هو أيضًا طريقة رائعة لإظهار تقديرك.
- دعي أصدقاءك تعرف كيف تقدر قيمة الصداقة، واكتبي لهم ملاحظة، أو اخرجي لتناول طعام الغداء في أحد الأماكن المفضلة لديك، من المهم أن تجدي الوقت وتشكري الأشخاص المؤثرين في حياتك.
- كوني مستمعة جيدة، لا يعني أنك صديق جيد أن لديك كل الكلمات الصحيحة لتقوليها، ولكن عليك فقط أن تكوني مستمعة جيدة، انتبهي واستمعي جيدًا لما يقوله الشخص الآخر.
- الاعتراف والاعتذار، في بعض الأحيان عندما ينزعج أحد الأصدقاء من تصرف قمت به، وكل ما يريد أن يسمعه منك هو «آسف» بطريقة بسيطة، فكل ما عليك هو تعلم كيفية الاعتراف والاعتذار عندما تفعلين شيئًا خاطئًا.
- اعلمي أن لا أحد مثالي، فكل شخص يرتكب أخطاء في الحياة، وكل شخص لديه عيوب، ولكن قبول كل ذلك هو المفتاح لصداقة أقوى وطويلة الأمد.
- شاركي صديقاتك الأوقات السيئة، الإنسان يرى الألوان الحقيقية للأشخاص خلال تلك الفترة، الصديق الحقيقي موجود دائمًا عندما تسوء الأمور.
قم بتحديد الهدف من الصداقة لتكون صداقة حقيقية
قبل البحث عن صداقات وتكوين صداقة عليك أن تحدد الهدف الذي تسعى إليه من ذلك، فتحديدُ الهدف المرجوّ من تكوين صداقات يساعدك على اختيار الأصدقاء بشكل أفضل.
ورغم أن غالبية الباحثين عن صداقات يريدون الوصول إلى السلام الداخلي والاطمئنان النفسي والانخراط المجتمعي إلا أن لكل واحدٍ منهم مطلبه الخاص والمختلف عن الآخر.
وحول هذه النقطة اشتكت فتاة في سؤالٍ لها ورد إلى موقع حلوها تحت عنوان "لا أجيد تكوين صداقات" وقالت: أنا بنت لا أجيد فن تكوين صداقات رغم حبي للناس، لا أستطيع أن أكوّن صداقة معهم، فقط أتعرف عليهم ولا أستطيع أن يكون بيننا علاقة وطيدة إن غبت عنهم لا يسألون إن حدثت لي ظروف لا يقومون بالواجب رغم أني بادرت لهم بالاهتمام وشاركتهم ظروفهم.. لا أشعر أن أحدهم يرغب بي كصديقة فقط يعرفوني وقت الحاجة".
وأجابها المدرب والكاتب ماهر سلامة بالنصيحة أن عليها معرفة الهدف من الصداقة كوْنها ليست ترفاً، فقال:
سيدتي.. الصداقات ليست ترفاً، بل هي حاجة لنا لننمو ونتطور ونتقدم في محيط محب نتقدم إلى الأمام. وإن لم تحقق الصداقة هذا الهدف فلا داعي لها. إذاً عندما تضعين هذه الغايات للصداقة، عندها تنتقين من يسهم في تشكيل عالم أجمل تعيشين به معهم. الصداقة ليست لإضاعة الوقت. لذا عليك البحث عما يليق بك حتى ولو لم يكن بمستواك، لكنه يحس بقيمة الصداقة من جوانب ذكية وجميلة وواعية.
الاهتمامات المشتركة بين الأصدقاء
ابحث عن الاهتمامات المشتركة بينك وبين الأصدقاء المحتملين، حين بدأ موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنشاء خوارزمية ظهور الصداقات المقترحة على صفحة الحساب الشخصي لكلٍ مشترك لديه منح الاهتمامات المشتركة أولوية قصوى لعرض أصدقاء مقترحون لكل مستخدم.
خوارزمية فيسبوك ليست مبنية على الاجتهاد الفردي بل وفقاً لتوصيات مجموعة كبيرة من أمهر الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والتربويين الذين يعملون لدى الشبكة.
فمثلاً تخيل نفسك مهتم بكرة القدم وتشجع فريق مانشستر يونايتد، ستجد الموقع يقترح لك أصدقاء يحبون نفس الفريق، ونفس الأمر مع الفتاة المهتمة مثلاً بالموضة والأزياء، سيقترح عليها فيسبوك صديقات بنفس الاهتمامات وهكذا.
من هذا المنطلق عليك تحديد اهتماماتك ويُفضّل اللجوء إلى الأماكن التي يتشارك بها آخرون نفس هذه الاهتمامات، فكم من صداقة بدأت بنقاش حول مباراة أو نادي كرة قدم؟ أو حوار عابر عن رواية؟.
حين تتعرف على شخص يتشارك معك نفس الاهتمامات فهذا يرفع مستوى العلاقة، فمثلاً لو كنت تحب لعب كرة السلة وتعرفت على شخص بنفس الاهتمام، فهذا يزيد من احتمالية التعارف بينكما، والتواصل ثم اللقاءات.
هذا لا يعني أن كل صديقيْن يتشاركان في الاهتمامات، لكن تذكر أننا هنا نتكلم عن عملية البحث عن صديق، لذلك من البديهي أن نبحث عن مفاتيح العلاقات.
العفوية لتكوين الصداقات
العفوية مفتاح لصداقات جديدة ومميزة، كم صديق في حياتنا صنعتهم العفوية؟ كم صديق حميم تعرفنا عليهم في لقاء عفوي، أو لأنك جلست بجانبه في أول محاضرة بالجامعة، أو قدمت له مساعدة في أول أيام المدرسة؟
ورغم أن هذه الصداقة بُنيت على عوامل أخرى متعددة إلا أنك لو أعدت القصة إلى جذورها ستجد أن صداقتك به بدأت عبر لقاء عابر لم يكن في بالك يومها أن هذا الشخص سيكون صديقاً مقرباً لك.
إذاً، من ذلك نستنتج أنه عليك ترك بعض الأمور في الحياة للقدر، وبعض الصداقات لا تُصنع وإنما تُولد من تلقاء نفسها وعفويتها، والإيمان بذلك سيُريحك نفسياً أن الأصدقاء سيأتون لوحدهم في بعض اللحظات.
اخرج من عزلتك تجد صديقاً
قتل العزلة يساعد في تكوين صداقات جديدة، لا تقل أريد تكوين صداقات وأنت لا تختلط مع الناس ولا تتكلم معهم ولا تشاركهم أحزانهم وأفراحهم، لأنك لن تجد العلاقات تُبنى والصداقات تُؤسس طالما ليس لديك أي بادرة تجاه الآخرين.
أرسطو قال ذات مرة لتلميذٍ لديه :"تكلم حتى أراك"، وهي قاعدة حياتية يُمكن تطبيقها على مشكلة تكوين الصداقات، فكيف سينجذب إليك الناس ويقبلون صحبتهم لك والخروج معك وأنت متقوقع في مكانك جسداً وروحاً؟!.
الثقة بالنفس والصداقة
الثقة بالنفس تجذب الأصدقاء الجيدين، في بعض الأحيان تشتكي الفتاة من مشكلة تكوين صداقات مع بنات ويشتكي الشاب من مشكلة تكوين صداقات مع شباب، لكن عدم قدرتهم على تكوين صداقات هو عَرَض للمشكلة وليس المشكلة بحد ذاتها.
وفي هذا الصدد ورد إلى موقع حلوها سؤال لفتاة من السعودية تقول: "لا أستطيع تكوين صداقات أو مواجهة المشاكل.. لم أفلح في تكوين صداقة.. أحاول دائما سعادة غيري والبدء بكرم الجيران لكن بالمقابل لا يجدي نفعا، هل السبب في شخصيتي ضعيفة أم لأني إنسانة لا أُحَب، مستسلمة لا أستطيع مواجهة المشاكل".
وهنا كانت النصيحة من الأخصائية د.هداية نفسيه بالقول: مشكلتك تتلخص في ثقتك بنفسك وليس ضعفاً في شخصيتك، لذا فالحل بالنسبة لهذه المشكلة يتلخص في تعزيز ثقتك بنفسك.
هل حقاً نحن أصدقاء؟
عدم الاستعجال في تقييم العلاقة مع الأصدقاء المحتملين، يقع كثيرون ممن يبحثون عن تكوين صداقات في فخ الإقبال على الطرف الآخر والنصيحة هنا أنه عليك اعتبار الطرف الآخر صديق بعد فترة معقولة من الاحتكاك والمعاملة فهي التي تُظهر المعدن الحقيقي للبشر، وأنت بحاجة لصديق صدوق لا مجرد عدد في حياتك فعدد الأشخاص الكثير لا يمنح بالضرورة القيمة التي تسعون من خلالها لتكوين الصداقات.
أشياء تجنبها لتكوين صداقات ناجحة
فيما يلي بعض الأمور التي يساعد تجنبها على اكتساب أصدقاء حقيقيين:
1- لا تكن متصنعاً، كن طبيعياً قدر الممكن، وإذا كان هناك من خصالك ما تشعر أنه معيب أو مشين ففكر بطريقة التخلص منه والتي لن تكون بالتأكيد التصنع لإخفائه.
2- كن متعاوناً، لا تبخل على الآخرين بالمساعدة التي تقدر عليها.
3- لا تكن واشياً أو حاملاً للأخبار، تجنب نقل الأحاديث بين الناس والحديث عن أخبارهم، فالشخص الذي يثرثر كثيراً وينقل الكلام يفقد مصداقيته بين الناس.
4- كن حراً وأعطي الحرية لصديقك، فربما يكون أحد أسباب عدم القدرة على تكوين صداقات مميزة أنّ الشخص لا يعطي الصديق الجديد مساحة كافية من الحرية والخصوصية، فيتدخل بكل شيء ويحاول أن يعرف كل شيء دفعة واحدة.
5- لا تخبر أحداً عن آلامك دفعة واحدة، عندما تشعر بوجود صديق محتمل لا تخبره عما يؤلمك دفعة واحدة، هذا قد يعطي نتيجة عكسية.
6- لا تكن مغروراً، فالغرور عدو الأصدقاء.
في الختام شروط الصداقة الناجحة لا تكمن بمدى عدد الأصدقاء، ولا فارق العمر بالضرورة، أو الفارق في المستوى الاجتماعي والمعيشي، بل هناك متطلبات لنجاح العلاقة بين الأصدقاء مثل الاحترام والصدق والتزام المواعيد وتقديم المساعدة وكتم الأسرار.
اضافةتعليق
التعليقات