ترتبط الضغوط بالأحداث اليومية، فكلنا بلا استثناء نتعرض يومياً لمصادر متنوعة من الضغوط الخارجية، بما فيها ضغوط العمل والدراسة، والضغوط الأسرية، وضغوط تربية الأطفال، ومعالجة مشكلات الصحة، والأمور المالية، والأزمات المختلفة. كما نتعرض يومياً للضغوط ذات المصادر الداخلية، والمضاعفات المرضية، والآثار العضوية والصحية السلبية التي تنتج عن أخطائنا السلوكية في نظام الأكل، أو النوم، أو التعرض للملوثات البيئية.
ومعالجة الضغوط، لا تعني التخلص منها، أو تجنبها، واستبعادها من حياتنا. فوجود الضغوط في حياتنا أمر طبيعي، ولكل فرد منا نصيبه من الأحداث اليومية بدرجات متفاوتة، ووجودها لا يعني أننا مرضى، بقدر ما يعني أننا نعيش ونتفاعل مع الحياة، ونحقق طموحات معينة، وخلال ذلك، وبسببه تحدث أمور متوقعة أو غير متوقعة. ومن ثم فإن علاج الضغوط لا يتم إلا بالتخلص منها، وإنما يتم بالتعايش الإيجابي معها، ومعالجة نتائجها السلبية.
ومعالجة الضغوط تعني ببساطة أن نتعلم ونتقن بعض الطرق التي من شأنها، أن تساعدنا على التعامل اليومي مع هذه الضغوط، والتقليل من آثارها السلبية بقدر الامكان. صحيح أن التغيير من البيئة المشحونة بالتوتر والبعد عن الموقف المثير لضغط، قد يؤدي إلى تحسين تلقائي في الأعراض النفسية التي تنتج عن الضغوط. ولهذا يعتبر التغيير من الموقف (كالعمل المشحون بالتوتر والصراع) من أهم مصادر التحسن. فقد تبين أن حوالي 60 % من حالات الاضطراب المرتبطة بالحروب وعصاب الحرب تشفى بعد إبعاد المجندين من خط النار.
وفي كثير من الأحيان يتعذر تغيير البيئة ، وفي تلك الحالة لا يكفي أسلوب تعديل البيئة أو تغييرها. إن معالجة هذه الضغوط تتطلب إتقاناً للأساليب العلاجية بما فيها التدرب على الاسترخاء، وتعديل الحوارات الشخصية، وإعادة فهمنا للواقع، ولإمكانياتنا الانفعالية، والتدرب على المهارات الاجتماعية التي من شأنها أن تساعدنا على حل مختلف صراعات العمل والأسرة والتوافق معها. ولهذا فإننا نعتبر الفصول التي يتضمنها هذا الباب، جزءاً أساسياً من المهارات المطلوبة في معالجة الضغوط.
ولبلورة الخطوط العريضة، والنقاط الرئيسية التي يمكن أن تشتمل عليها الأساليب الملائمة لمعايشة الضغوط، والتغلب على آثارها السلبية..
معالجة الضغوط أولاً فأولاً لتجنب تراكمها:
سجل الضغوط التي تواجهها في الوقت الحالي. وعالجها أولاً فأولاً، فحتى الضغوط البسيطة، أو التافهة، تتحول إلى عبء ضار بالصحة إذا ما تراكمت، وتجمعت دون القيام بحلها أولاً فأولاً.
التخفف من الضغوط وليس التخلص منها تماماً هو المطلوب:
اجعل أهدافك معقولة، فليس من الواقعي أن تتخلص من كل الضغوط والأعباء تماماً من حياتك. اجعل هدفك بدلاً من ذلك ينصب على التخفيف من هذه الضغوط.
التوازن بين الاحتياجات الخاصة وإلحاحات الآخرين:
ليس باستطاعتك أن تفي باحتياجات الآخرين ومتطلباتهم منك، فاجعل هدفك من العلاقات الاجتماعية معقولاً. فمن المتعذر أن تلبي، وأن تجعل هدفك هو إرضاء كل من تعرف ومن لا تعرف، وكل من هو في حاجة إليك. من الجميل بالطبع أن تساعد، وأن تمنح بعضاً من وقتك وجهدك للناس، ولكن لا تنسَ أن لك أيضاً احتياجات خاصة للصحة والراحة، ووقت الفراغ، والترفيه. فلا تنس أن تكون واقعياً في تلبيتك لمتطلبات الآخرين، وإلحاحاتهم، وأنك أيضا في حاجة إلى وقت خاص لك وإلى قدر من الخصوصية، والعزلة.
تعلم الرفض للطلبات غير المعقولة.
المعالجة البناءة للصراعات وخلافات الرأي:
عندما تثور بينك وبين الآخرين صراعات، أو خلافات في الرأي لا تجعل هدفك أن تكسب كل شيء، ولو كان ذلك على حساب الآخرين. افتح دائما مجالاً للتفاوض، وتبادل وجهات النظر، والوصول إلى الحلول التوفيقية. وتذكر دائماً أن أفضل الحلول هي تلك التي تحقق كسبا متبادلاً لجميع الأطراف الداخلة في الصراع أو الخلاف، ما أمكن.
توزيع الأعباء على الآخرين:
وزع الأعباء الملقاة على عاتقك، بدلاً من أن تضع نفسك في موقف المسؤول عن كل كبيرة وصغيرة في المنزل أو العمل. إنك بذلك تحقق كسببين: تمنح نفسك وقتاً أطول، وفرصة أفضل للاهتمام بأولويات أخرى تشعر بأنها أهم، كما أنك تمنح الآخرين فرصة أكثر لتحمل المسؤولية، ومن ثم يكون بإمكانك تحويلهم إلى قوة إيجابية فعالة لسير العمل، وأمور الأسرة، ومن ثم تخفيف الأعباء الملقاة عليك.
إيقاع العمل:
تمهل، وهدئ من سرعتك، وإيقاعك في العمل والحركة، ومعالجة الأعباء اليومية. بعبارة أخرى، تجنب أن تزحم وقتك وتملأ جدولك اليومي بنشاطات يومية على مدار الساعة. امنح نفسك يومياً وقتاً للراحة والاسترخاء، والترفيه، والتأمل. نظم جدولك اليومي بطريقة متوازنة، بحيث تجعل فيه وقتاً لهواياتك، وحياتك الاجتماعية، والروحية، وللأسرة والعمل.
الإقلال من الشعور العدواني، وتعلم طرق جديدة للتغلب على الغضب والانفعال..
الاسترخاء.
مراقبة أسلوب التفكير وطريقة تفسير الأمور:
التفكير في الأمور قد يكون أحيانا أسوأ من الأمور ذاتها، ومن ثم تجيء أهمية تدريب الذات على الحوار الإيجابي مع النفس وتجنب تفسير الأمور بصورة كارثية مبالغ فيها. لأن أسوأ ما في الأمور هو أن نسمح لمبالغاتنا، وتهويلاتنا، بأن تحكم حياتنا، وأن يمتد تأثيرها، بسبب تفكيرنا فيها بصورة سلبية. والحوار الداخلي والحديث الإيجابي مع النفس، فن يمكن إتقانه والتدرب عليه، ويمكن إتقانه وفق هذه الخطوات:
- مراقبة الذات عند مواجهة الأمور الصعبة أو البسيطة.
- تحديد الحالة الانفعالية المسيطرة عند مواجهة هذه الأمور: هل هي غضب، أم اكتئاب، أم قلق وخوف؟.
- مراقبة الأفكار، والحوارات الداخلية، وأسلوبنا الخاص في فهم الأمور، وأنواع التفسيرات التي نضعها للموقف أو المواقف التي تواجهنا.
- تبين الصلة بين ما يتملكنا من انفعالات غاضبة أو مكتئبة، وبين محتوى الأفكار وأنواع التفسيرات التي تضعها للمواقف التي تواجهنا.
- بعد ذلك يجيء دور تجنب استخدام نفس التفسيرات التي ارتبطت بالحالة النفسية السيئة.
اضافةتعليق
التعليقات