هناك كثير من الأسباب التي تدعو كاثرين أولريتش للشعور بالثقة في إنجازاتها في العمل. وفي الواقع، لديها ما يجعلها تشعر باليقين بأن الأمور سوف تسير على ما يرام.
تعمل أولريتش مديرة إنتاج بشركة "شاتر ستوك"، وهي شركة لبيع الصور للصحف والمجلات، والشركات الأخرى، وقد أصبحت شركتها واحدة من أكبر شركات خدمات الصور في العالم. لكن أولريتش تقول إنها تشعر دائما بالخوف والحذر.
وتضيف: "أشعر دائما ببعض الخوف، وغالبا ما أفكر فيما إذا كان المستهلك سيجد منتجا أفضل من ذلك (الذي ننتجه). وربما يجعلني ذلك أبدو غريبة بعض الشيء، لكن كلمة الخوف تجعلني باقية في منطقة القمة".
إن ما تحتاج إليه حقا هو أن تشحذ خوفك عندما تكون قد أتقنت مجال عملك. فإذا كنت تشرف على شركة ما، أو قسم فيها يحقق نجاحا كبيرا، فإن القلق بشأن ما يمكن أن تواجهه مستقبلا هو الطريق الوحيد للبقاء في القمة.
القلق بشأن ما هو قادم هو بالضبط ما يفكر فيه رجل الأعمال بوس أوست في كل مرة يذهب فيها إلى اجتماع مع أحد أعضاء الإدارة العليا.
ويعمل أوست في وظيفة مرموقة، فهو نائب رئيس مؤشر ناسداك للبورصة، ثاني أكبر سوق للبورصة على مستوى العالم، بعد بورصة نيويورك. ويفضل أوست أن يبدأ مثل تلك الاجتماعات بالاحتفاء بما حققه فريقه من نجاح.
ثم يبدأ بعدها النقاش حول ما يفعله المنافسون في الوقت الحالي.
ويقول أوست: "الشعور بالخوف أمر جيد"، ويضيف أن مثل ذلك الشعور بالخوف "يجعلك تفكر في منافسيك، وهذا في حد ذاته سيجعلك أفضل".
والأمر المهم هنا هو شحذ ذلك الشعور بالخوف من أجل التوصل لأفكار جديدة، كما يقول أوست.
ففي بورصة ناسداك، هناك طريقة واحدة لتحقيق هذا الأمر، وهي من خلال برنامج "الهدية"، والذي يشجع جميع العاملين بالشركة، والبالغ عددهم أربعة آلاف عامل، على تقديم أفكار جديدة.
الشعور بالخوف من الفشل يساهم في التوصل لأفكار جديدة
وينبغي أن تتضمن المقترحات المقدمة خطة عمل مفصلة، ثم بعدها يقوم أحد المسؤولين الكبار بمراجعة تلك المقترحات. وبعد ذلك تمنح الأفكار التي حصلت على الموافقة تمويلا أوليا وفترة تجريبية لتنفيذها.
وبالطبع لا تنجح جميع هذه الأفكار، وهذا أمر مقبول، كما يقول أوست. وبإظهار هذا النهج الذي يسمح بالإخفاق في بعض الأحيان، سيعني هذا أن مزيدا من الأفكار سيظهر على السطح.
ومن بين الأفكار الكبرى التي حققت نجاحا في شركة ناسداك، فكرة "صندوق السوق الخاص"، والذي يسمح للشركات الخاصة بالتجارة في سوق الأسهم، من خلال تلك الشركة، وبالتالي أصبح ذلك مصدرا لجني الأرباح لها، كما يقول أوست.
ورغم أن تلك الفكرة لم تكن جديدة، وكانت شركات أخرى منافسة تنفذها، إلا أن هذا يعد جزءا من النجاح في حد ذاته، ويؤكد على أنك لا تزال منافسا للآخرين، أو ربما في مقدمتهم، كما يضيف أوست.
ويتابع بالقول: "حينما أكون في اجتماع مع الإدارة العليا، أحب أن أطرح هذا السؤال "ماذا الذي يقوله المنافسون في اجتماعاتهم الآن؟"
ويضيف: "إن القلق بشأنهم هو ما يبقيك منافسا لهم".
البقاء في القمة
بمجرد أن تشحذ ما لديك من مخاوف أو قلق بشأن المنافسين، فقد حان الوقت للتأكد مما إذا كانت الثقافة السائدة في الشركة ترقى إلى مستوى التحدي المتعلق بالبقاء في القمة، كما يقول كريس إدموندز، وهو مستشار في شؤون الإدارة، ومؤلف سبعة كتب في فنون الإدارة، من بينها كتاب "The Culture Engine" (محرك الثقافة).
غالبا ما تظل الشركات الصغيرة في موقف أفضل فيما يتعلق برعاية الإبداع من أجل توفير منتج ما في الأسواق، وبالتالي يتعين على الشركات الكبرى التفكير في طريقة للحفاظ على تفوقها.
فإذا كنت تشغل منصبا رفيعا في شركتك، فهذا يعني أن عليك العمل من أجل تمكين أعضاء فريقك، كما يقول إدموندز. وإذا كانت الشركة في مرتبة متدنية وتعاني من بيروقراطية خانقة، فقد آن الأوان لتغيير ذلك، وخوض غمار المخاطر.
عليك أن تمنح الأشخاص الذين يتمتعون بالموهبة والإبداع صلاحية اتخاذ القرار. وهذا يتطلب أيضا وجود مديرين يتسمون بالشجاعة للتخلص من السياسات عديمة الجدوى والقيام بما هو ضروري.
المرونة
أطلقت شركة "شاتر ستوك" لخدمات الصور فكرة غير تقليدية في بداية هذا العام، تتمثل في تكوين فرق عمل من خمسة إلى عشرة أفراد كونتهم الشركة لغرض واضح ومحدد، وهو التركيز على احتياجات العملاء، كما تقول أولريتش، وهي مديرة إنتاج بالشركة.
وتوصلت هذه الفرق إلى خاصية جديدة متعلقة بالبحث على موقع الشركة، والتي تسمح للمستخدمين برفع صورة ما إلى موقع الشركة، ومن ثم البحث عن الصور المشابهة لتلك الصورة.
وقد استغرق الأمر نحو عام من المناقشات قبل تنفيذ ذلك المقترح، والذي يعد نقطة تحول سريعة جدا في سوق التقنيات الحديثة.
ولا تأتي مواكبة مثل هذا النوع من التحول السريع بدون تكلفة، فهذا يعني بالنسبة لها أن تبقى في حالة من الشعور بالقلق الدائم، والتفكير الدائم في المقترحات التي قد يطلقها شخص آخر في إحدى الشركات المنافسة، وهذا يعني أن تشعر دائما بشيء من الخوف.
وتقول أولريتش: "لقد أصبحت حياتي كلها أكثر إرهاقا، لأنني أصبحت على هذه الشاكلة"، لكن هناك أيضا منافع كبيرة تحققها مثل هذه العقليات.
اضافةتعليق
التعليقات