مثل كرة النار تتقاذفها فئة على الأخرى، أضحت مسؤولية أسباب الانحلال الأخلاقي والتهاون في تطبيق قواعد الحياة السليمة والكسل الفكري المتغلغل في المجتمع.
فالحكومة تتهم الأهل بالتقصير والإهمال وتطالب المنظمات المدنية بإسنادها، والمنظمات المدنية تطالب الحكومة بتمويلها وزيادة مستحقاتها من أجل العمل الجاد، والمؤسسات الدينية تحمل الحكومة والمجتمع المسؤولية، والغني يتهم الفقير والفقير يتهم الغني والأمي يتهم المتعلم والمتعلم يتهم الجهلة والأميين في خراب البلاد.
والإعلام يلوك الأخبار متمني كثرة الأحداث لإنعاش الصحف بقضايا صارخة لضمان الاشتهار وارتفاع القراءات، والاعلام الدولي يقرأ ومراكز البحوث والدراسات وشعب الاحصائيات تجمع المعلومات وتنشر الاحصائيات والنسب الكاذبة منها والصحيحة، والجميع متربع على عرش الواعظين ويلبسون ثوب الصلاح والفلاح ومتظاهرين بحب المجتمع وخدمته والباطن الذي يأتي في رأس قائمة اهتمامهم هي خدمة أطماعهم.
{وقفوهم إنهم مسؤولون} فالجميع مدانين والجميع يتحمل مسؤولية انزلاق المجتمع في غياهب الجهل والخطايا، وليس هناك استثناء لفئة ولكن هناك نسبة مسؤولية تقع على عاتق البعض وأخرى أدنى منها. فمسؤولية الرؤوس المتنفذة والأغنياء والمتعلمين هي أكبر بكثير مما يتحمله الفقير والجاهل والمعدم والأمر واضح لكل ذو بصر وبصيرة.
عندما سألوا فرعون كيف تفرعنت؟
أجابهم: لم يقف احد في وجهي فتفرعنت.
نعم، فكل شخص لا يجد من يقف بوجهه تتفرعن أفعاله وتكبر أطماعه وتشرئب بداخله كل الشهوات والرغبات والغايات، وحالنا اليوم ليس ببعيد عن هذه العبارة، فقد تحولت الدار دار ظلم وجور منذ أن فقد ميزان العدالة توازنه ولوي عنق القوانين وغض البصر عن أفعال المجرمين، وازداد الفقير فقرا والغني غنى، وأذل العزيز وأكرم الخاضع وتسيد التابع والراضخ والمنبطح، وتضاعف ذلك الصنف من الرجال، صاحب الهندام النظيف والشكل الوقر الذي لا ينفك يتكلم عن التقوى والصلاح وفي الخفاء يراود النساء وهن في أحضان أزواجهن ولعابه يسيل على المراهقات وأنيابه تكشر بوجه الفقراء. هذا مايجري في أرضنا اليوم!.
يقال إن العدالة تنبثق وتتفرع بوجود النبلاء أصحاب الشمائل والخصال الحميدة فبأفعالهم العادلة وثباتهم على الحق وأيمانهم الراسخ بالله يرأبون الصدوع التي يصنعها الفاسدون ويرتقون تمزقات المجتمع.
هم مثل ربان السفينة يوجهون الدفة للمسار الصحيح وإن تكالبت الأيادي فوق أيديهم لتغيير ذلك المسار...
فهل انقرض النبلاء في بلادنا؟!.
اضافةتعليق
التعليقات