إنْ كانت سنتك الفائتة، التي لانزال نعيش أيامها القليلة المتبقية، لم تكن على المستوى المطلوب، فخاب ظنك فيها، أو على العكس كانت سنة ناجحة وسعيدة، فإنها في الحقيقة وليدة بذور أنت من زرعها ورعاها، فنمت وحصدتَ زهرة فوّاحة عطرة أو زهرة عفنة باهتة مليئة بالشوك الُمدمي..
يقال؛ أنَّ ذبول الأزهار ليس دليلا على قبحها.. بل انَّ الساقي ليس جديراً بالإعتناء بها.
حقاً، فكل شيء في هذه الحياة إذا تأملته بعين الواقع ستجد أن لاجميل ولاقبيح فيه سوى نظرتك إليه أو ماجنت يديك عليه، وكل عام بل كل شهر أو حتى يوم، هو مجرد صفحة بيضاء وأنت من يجعل منها رواية جميلة أو هزلية أو تراجيديا سوداء.
ولأنَّ مامضى فات، دعونا من الماضي وحسراته وذكرياته، ولنتكلم عن المستقبل بلسان المتفائل وننظر إليه بعين الأمل عسى أن يكون عام خيرٍ ونجاح وسعادةٍ وفلاح.
أيام قلائل ونودع سنة 2018 بحلوها ومرّها، وها هم أكثر الناس يحضرّون لاحتفالات السنة الجديدة التي من أهم معالمها شجرة (الكريسمس) و(البابا نويل) وغيرها من صور الفرح والإحتفال..
لسنا هنا بصدد التحدث عن جدوى تلك المظاهر وصحتها، وإن كنا لانعارض بعضها إنْ لم تتضمن المحرّمات الشرعية، وإنْ كنا أيضا لانؤيد المبالغة في ممارساتها فلنا نحن المسلمين مناسبات كثيرة أيضا وللأسف مغبونٌ حقها، وهي تستحق منّا بعض من هذه المظاهر السعيدة، ولاندري حقا أين تكمن السعادة بنهاية السنة التي هي حصاد أعمارنا التي تُفنى وأجلنا الذي يقترب مع كل عام!.
بيت القصيد في مقالنا هذا، هو أنَّ العاقل يؤمن ويستثمر البدايات الجديدة؛ كالشمس بعد ليلٍ داج، وبالربيع المزهر بعد شتاءٍ قارص، بعيد ميلاده، بأول يوم بعد ليلة القدر أو العيد، وأيضا بسنة جديدة تحمل في طياتها أمنيات وفرص جديدة، حتى وإن لم تكن السنة الميلادية ضمن مناسباته الدينية أو الوطنية، فقد جرت العادة بالإعتراف بها في كل مفاصل الحياة ولابأس بإعتبارها ضمن المحطات التي يقف عندها هنيهة قبل إرتجاله لقطار السنة القادمة.
وعليه، على كل شخص أن يجلس لوحده قليلا ويفكر قبل التخطيط للسنة المقبلة ويستذكر إيجابيات وسلبيات السنة القديمة ويدوّنها، فيشكر الله على نعمه فيها ويستغفره من أخطائه وتقصيره، وإن لم يعبأ بذلك فهو محكوم بعيش تلك العقبات مرة أخرى أو سيبقى على قمة جبل وأمامه قمم أعلى وأجمل بإنتظار مساعيه.. يعضد ذلك قول الامام علي (عليه السلام): من تساوى يوماه فهو مغبون.
فحري بكل منا أن يقوم بجردٍ سنوي فيصفّي حساباته القديمة ويجدد بعضها، ويتعظ من أزماته فيعيد ترتيب الأشخاص في حياته على أساس تصرفاتهم، مع أن الوقت لايغير أحد، فقط "الزمن يكشف كل انسان على حقيقته".
قبل أن تبدأ السنة الجديدة، إصنع خطة خاصة بك، وقم بعمل قائمة بأهدافك في كل المجالات الصحية والشخصية والاجتماعية والمهنية والروحية.. وحدد وقتاً زمنيا لها، وضع لنفسك مكافئات إن حققتها، حدد الأهم والمهم فيها وركز على أولوياتك ومسؤولياتك المجتمعية، ولتعرف التفاصيل؛ أكتب أسئلة حولها وحاول الإجابة عليها، وتسلّح بالإيمان والثقة والصبر الجميل في تحقيقها، وكما يقال، "قم بواجباتك ودع الأقدار تعمل عملها"، فتوكل على الله الذي يحقق ماهو خير لك منها وفي الوقت الذي يراه مناسبا.
ليس المهم أن تكون أهدافك عظيمة، قد تكون صغيرة ولكنها كالأحجار التي تتجمع لتصنع جبلاً. وأخيرا ضع عنوانا لسنتك الجديدة يعبّر عن طموحاتك وأملك فيها، على سبيل المثال؛ سنة التغيير، النجاح، التطور، تحقيق الأحلام... وتوقع الخير والنجاح، "فكل متوقعٍ آت".
اضافةتعليق
التعليقات