حملتها تحت المطر، واجتاحني عبق الطفولة، حين رأيت قطراته الكريستالية تنساب عليها بسرعة كأحلامي المُغادرة، وقفت قليلا لاستجمع شجاعتي التي اجبرت على نسيانها، فقط لاكون في نظر الجميع فتاة مطيعة لا تخالف التقاليد المجحفة مهما كانت (نعم رايتها مجحفة لانها سلبتني حرية الاختيار في اغلب الاحيان دون الخروج عن تعاليم الدين الحنيف)، تمنيت ان لا ينقطع المطر ويستمر بالهطول اكثر وأكثر، لولا اني تذكرت مأساة مدينتي معه، وكيف يكون نقمة لا نعمة عليها في تردي الاوضاع الخدمية فيها، حين تتجمع تلك القطرات اللطيفة في حفر الشوارع، لتتحول الى مياه قبيحة المنظر والرائحة بعد امتزاجها بمياه شبكات المجاري الاسنة، ترتفع شيئا فشيئا بامواج متسارعة كأنها احدى الوحوش الكاسرة تمزق ضحيتها بانياب لا تعرف الرحمة، لتحل ضيفا ثقيلا دون دعوة مسبقة على بيوت دافئة، تعيث فيها فسادا كبيرا حين تنغص على ساكنيها راحتهم..
تراجعت عن امنيتي رغم عشقي لها، وطلبت ان اعيش لحظتها فقط مع ساحرتي القرمزية في عالم خيالي خاص بي، دون ان اكترث لنظرات المارة الساخطة والساخرة من لونها المبهج، ولا الومهم ابدا فعيونهم تبرمجت على رؤية لون واحد، يجب على المرأة ان لا تحطم قيوده ابدا، انه لون الكوابيس والظلام، تماما كلون عقولهم الجاهلية، فبدأ طريقي المعتاد والممل مميزاً بها، ها انا احملها اخيراً بعد فترة طويلة من سباتها الذي لم اعتقد يوما سينتهي، خوفا من مواجهة تلك العقول، وتفضيل ان انتقع بالماء على ان اسمع كلام مجتمع منغلق الانسانية، يفضل ان يرى ارتجافي تحت المطر على ان لا احتمي بشيء ملون يخفف عني الملامح الرمادية لصباح خجلت شمسه عن الاستيقاظ، وازعاج تلك الغيمات المزمجرة برعدها وبرقها لتزيد ارتعابي، كنت اشعر انها هي من تحملني، وتقودني الى عالم ينسيني رحلة عمر طويلة، في وطن اصبحت ايامه كسنين مصر العجاف التي تنتظر يوسفها لتخضر السنابل من جديد بعد طول جفاف، دقائق معدودة وقصيرة لموقف بسيط خلقت بداخلي تحد كبير لمجابهة من زال ينتفض من الوان الحياة المخملية بمظلة قرمزية.
الخلاصة / لا تجعل القوانين الجاهلية تتحكم في قراراتك واختياراتك ان لم تتنافى مع الرسالة السماوية، كن انت من يقرر، فالدين يسر لا عسر.
اضافةتعليق
التعليقات