يرى خبراء أننا لا ندرك في كثير من الحالات ما إذا كان لنا منافسون في العمل أم لا. وغالباً ما تولّد المنافسة غير الشريفة جوّاً من التوتر، وتؤثر سلباً على أدائنا في العمل.
فكيف تستطيع الكشف عما إذا كان لديك منافس في العمل؟ وما الذي يمكنك القيام به إذا كان هناك عداء متزايد مع منافس لك أو مع مديرك؟
يظهر التنافس عموما بسبب الحاجة إلى توزيع موارد محدودة في مكان العمل. ويعني ذلك، بالنسبة للعاملين، التسابق مع نظرائهم للحصول على ترقية أو زيادة في الراتب. وبدون وجود ضوابط واضحة تبين المسار نحو التقدم الوظيفي، يمكن لذلك التسابق أن يتحول إلى منافسة أكثر خطورة.
ولا ندرك، على الأغلب، هؤلاء الذين يشعرون بالتهديد بسبب أداءنا، كما تقول هيلاري أنغر إلفينباين، أستاذة السلوك التنظيمي بجامعة واشنطن بمدينة سانت لويس الأمريكية.
وكانت إلفينباين واحدة من بين ثلاثة مسؤولين عن دراسة أجريت هذا العام تتعلق بالتنافس في مكان العمل. وفحصت الدراسة البيانات المتوفرة من عاملي المبيعات لدى وكلاء لبيع السيارات، وطلبة جامعيين يعملون في مشروعات جماعية.
واستطاع كثيرون ممن شملتهم الدراسة أن يتوقعوا الأشخاص الذين يحبونهم في العمل، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد من ينافسونهم. ويعود السبب في ذلك إلى أن المنافسة غالباً ما تكون "غير متبادلة"، حسب إلفينباين.
وبعبارة أخرى، من السهل أن تعرف ما إذا كان لديك أصدقاء في العمل أم لا: فإذا كنت ودوداً مع شخص ما وهو يحمل تجاهك نفس المشاعر، فيمكنك حينئذ أن تتأكد تماماً أنك قد أقمت علاقة إيجابية مع هذا الشخص. غير أنه لغرض الحفاظ على الانسجام الاجتماعي، يميل الناس إلى إخفاء منافستهم للآخرين، حسبما يقول الباحثون.
تجري المنافسة في العمل في ظروف ودية في أغلب الأحيان، فإن "العداء يظهر عندما يتحول الأمر إلى مسألة شخصية.
وتوصلت إلفينباين في دراستها إلى أن الناس يميلون إلى التنافس مع زملائهم من ذوي الأداء الأفضل. وكان ذلك، في العادة، من طرف واحد، ويحدث على الأرجح بين موظف ومدير، وليس بين العاملين في نفس الدرجة.
أكثر من منافسة
وبينما تجري المنافسة في العمل في ظروف ودية في أغلب الأحيان، فإن "العداء يظهر عندما يتحول الأمر إلى مسألة شخصية"، كما توضح إلفينباين.
ومن السهل أن يبدأ التناحر بين العاملين بسبب المواعيد الصارمة والمحددة لتسليم المهام، وكثرة الضغوط، وقلة المحادثات وجها لوجه، وهو ما يجعل العاملين يقفزون إلى استنتاج الأمور، فيسيئون فهم نوايا نظرائهم.
ويمكن لهذه الأمور أن تتسبب في وقوع منافسة كبيرة غير محمودة، وتحوّلها إلى عداء خطير بعد فترة، كما يقول توم دايامانتي، أخصائي علم النفس لدى شركة "كوربوريت كاونسيلينغ أسّوشيتس" للاستشارات، ومقرها نيويورك.
ويقول دايامانتي إنه لكي تعرف الشخص الذي يكن لك عداء يتعين عليك أن تنظر فيما إذا كان هناك شخص يعيق أفكارك واقتراحاتك الرائعة بشكل مفاجئ، أو ما إذا كان هناك شخص عاملك في أكثر من موقف بطريقة غير عادلة، أو ما إذا كان هناك أشخاص لا ينصتون لوجهات نظرك. وغالباً ستساعدك هذه الإشارات على وضع خطة مسبقة للقضاء على أي عداوة محتملة قبل تأزم الموقف.
إن تقليل مشاعر المنافسة مبكرا يمكن أن يساعدك على أن تكون أكثر سعادة وأقل توترا على المدى البعيد. ولكن عندما يبدأ التنافس يحمل طابعا شخصيا بصورة أكبر، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد الأمور عليك في الحياة والعمل على حد سواء.
ويقول دايامانتي: "التبعات النفسية تشمل التوتر والقلق وعدم الثقة في النفس".
ليس من السهل أن تضع حدا للتنافس والتناحر في مكان العمل، بل إن بعض الشركات تشجع أجواء العمل التي تؤدي إلى ذلك، على أمل أن يؤدي هذا في النهاية إلى خلق بيئة تساعد على الإنتاج والإنجاز، حسب ألفينباين. لكنها تشير إلى أن هذا الأمر يحدث بالتأكيد في بعض شركات المبيعات أو تلك العاملة في القطاع المالي.
وفي نفس الوقت، نجد أن العاملين الذين يميلون للمنافسة بصورة طبيعية هم أكثر عرضة لأن يجدوا أعداء لهم وأن يشعروا بالتنافس مع نظرائهم، حسب إلفينباين، التي تضيف: "متى ما وجدت منافسة طويلة الأمد، سيتوفر مجال للتناحر". وتساعد هذه المشاعر السلبية في بعض الأحيان على نجاح العاملين الذين يحبون التنافس.
كما أن العكس صحيح. ويمكن للمديرين الذين يعاملون مرؤوسيهم بإنصاف أن يساهموا في تقليل الحاجة إلى التنافس والتناحر بين العاملين. تقول إلفينباين: "الحل هو الإنصاف والشفافية. بهذا الشكل، سيركّز العاملون بشكل أقل على ما يقوم به الآخرون ويركزون بصورة أكبر على إنجاز مهماتهم هم".
وبالتالي، هل ينبغي أن تذهب إلى مكان العمل كل يوم وأنت قلق مما إذا كان زملاؤك يسعون للنيل منك؟ بالطبع لا. وحتى لو حدث ذلك، فإن معظم حالات التنافس والتناحر لا تستمر إلى الأبد، وغالباً ما تتبدد مع التقدم الطبيعي للوظيفة.
حتى إن بعض هذه الحالات تتحول إلى تحالفات في أجواء عمل معينة - مثلاً عند حدوث ترقية أو تغيير في أحد الأقسام، حسب ماريان بيبودي، المشاركة في تأسيس شركة متخصصة في تنمية المهارات القيادية في بوسطن. ولكن في الحالات التي يسلك فيها البعض سلوكاً غير مهني، يمكن للعلاقة أن تدمر إلى الأبد، حسب بي بي سي.
اضافةتعليق
التعليقات