إن العلاقات الأخوية هي من أروع الروابط الإنسانية، ومن أكثرها عمقاً وأثراً في حياة الأفراد والجماعات. فالأخوة هم ركائز الأسرة، وأعمدة المجتمع الذي ينبني على التراحم والتعاون والتكافل.
غير أن هذه العلاقات الأخوية لا تخلو من امتحانات وتحديات قد تنشأ عن الغيرة والتنافس، لا سيما إذا أضيفت إليها عوامل أخرى كالخلاف بين الزوجات. وهنا يأتي دور الزوج الحكيم الذي عليه أن يتحلى بالحكمة والحنكة في إدارة هذه المعادلة المعقدة.
فالزوج الحكيم هو من يدرك أن حقيقة الحب التي تربطه بزوجته وأخيه هي واحدة لا تتجزأ. عليه أن يوازن بين التزاماته تجاه كليهما، ولا يسمح لأحدهما بالتطاول على حقوق الآخر. بل عليه أن يسعى بحكمة إلى الحفاظ على علاقاته مع الجميع، مستلهماً الدروس من الماضي ومتطلعاً إلى المستقبل.
وخير مثال لنا في هذا الشأن هو الإمام العباس عليه السلام، الذي جسّد في موقفه الخالد على ضفاف الفرات أروع صور الوفاء والتضحية الأخوية. فحين أراد أن يشرب من الماء، ذكّر نفسه بأن حسيناً عليه السلام هو الأولى بالماء، فلم يلتفت إلى عطشه وفضّل أخاه عليه، حيث قال "يا نفس من بعد الحسين هوني ... وبعده لا كنت أو تكوني ...هذا حسين وارد المنون ... وتشربين بارد المعين ... هيهات ماها فعال ديني ... ولا فعال صادق اليقين ".
وهذا الموقف الرائع يجسّد بجلاء معنى الأخوة والإيثار والتضحية. هنا تكمن العبرة والدرس. فقمة الإيثار أن تكون على شفا الموت عطشان وتحمل الماء على كتفك ثم تقتل وأنت عطشان أن تعطي لغيرك ذلك الشيء الذي تتعلق به حياتك. فقد تجلى الإيثار في أعظم صوره في العباس عليه السلام.
لقد أظهر العباس عليه السلام بموقفه النبيل أنه كان يحب الحسين حباً صادقاً وإيمانياً، لا يشوبه أي مصلحة دنيوية.
فالأخ هو السند والملجأ في كل الأوقات. لا ينبغي أن نسمح لأحد أن يلوث هذه العلاقة المقدسة، أو أن يحاول التفريق بيننا وبين إخواننا. فالأخوة هي رابطة روحية أعمق من مجرد صلة الدم، وعلينا أن نحميها بكل ما أوتينا من قوة وإخلاص.
لنتعلم من العباس عليه السلام درس الإيثار والتضحية من أجل الآخرين، ولنتعلم منه معنى الاخوة والوفاء ولنجعل هذه القيم نبراساً يضيء دربنا في هذه الحياة .
اضافةتعليق
التعليقات