تتمثل أكثر الأسباب شيوعًا وراء وجود العاطفة في الشعور أو الاعتقاد بأننا مهددون إما فيما يتعلق بأمننا الذاتي، أو فيما يتعلق برفاهيتنا بالتالي تفرض النظرية الشائعة أن الأصل يوجد كآليات بقاء بيولوجية، ذلك أنها طرق مختصرة تتجاوز المداولات المنطقية في مواقف، لا يتوفر فيها ببساطة وقت كافٍ لتحديد الأمور بشكل ملائم. نحتاج في مواقف معينة إلى أن نكون قادرين على التفاعل المباشر، والتلقائي لمجرد البقاء.
إذا كنت إنسانًا من العصر الحجري، وعليك خوض تحليل مقصود لجميع تداعيات اندفاع نمر كبير في اتجاهك، والتفكير في خياراتك المختلفة للخروج من الموقف، ستنتهي إلى وجبة خفيفة للنمر. تكمن الفكرة في أننا نفحص دائمًا ودون وعي البيئة من أجل أحداث وعلامات معينة.
إذا ما لوحظت علامة معينة، تثير عاطفة متصلة بتلك العلامة المعينة. تمرر رسالة للنظام العصبي اللاإرادي، لتنشيط عمليات معينة، بينما تحال نفس الرسالة إلى عقلنا الواعي لتخبرنا بما هو على وشك الوقوع. إذا كنت مهتما، فإليك الكيفية التي يحدث بها هذا بتفاصيل أكثر:
يمكن أن تأخذ المعلومات العاطفية مسارين عبر العقل. يبدأ كلاهما من نفس النقطة: فقد استقبلت المستقبلات رمزًا وأرسلته إلى جزء في المخ يدعى المهاد. من هناك يجري تمرير الإشارة إلى الكتلة اللوزية، التي تعد جزءًا من المخ على شكل اللوزة الصغيرة، ويعتقد بأنها معنية بالتفاعلات العاطفية. تعد الكتلة اللوزية متصلة بأجزاء المخ المتحكمة في النبض، وضغط الدم، وتفاعلات أخرى في النظام العصبي اللاإرادي.
هناك مع ذلك طرق مختلفة يمكن أن تسلكها الإشارة لتصل إلى الكتلة اللوزية. يتمثل أحد هذه الطرق في طريق سريع مباشر إلى الكتلة اللوزية، التي تحدث استجابة مباشرة تثير النظام العصبي اللاإرادي، لكن دون أي فكرة حقيقية عما تستجيب فعليا له.
يسافر الطريق الآخر عبر مساحات عامرة بكثافة أكثر، وهو أبطأ بعض الشيء. تتحرك أولا الإشارة إلى ذلك الجزء من المخ الذي له علاقة بالانتباه والتفكير (القشرة الدماغية)، قبل أن تنتقل إلى الكتلة اللوزية. يستغرق هذا مدة أطول، لكنه يعطينا فكرة أكبر عما تعنيه الإشارة.
يعني هذا من الناحية العملية البحتة، أنه إذا ما أتى نحونا - وبسرعة كبيرة - شيء كبير، وهو ما يعد مثيرًا يثير شعور الخوف يعني الخوف - ضمن أشياء أخرى - زيادة النبض، وزيادة تدفق الدم في العضلات الكبيرة في أرجلنا، لإعدادنا للجري بعيدًا إذا ما احتجنا إلى ذلك.
بما أن الجسم يستجيب قبل العقل، ستكون قد قمت بالمناورة والمراوغة والدفع بسيارتك عن الطريق قبل أن يتوفر لديك الوقت للتفكير: "اللعنة تلك الشاحنة تسير على الجانب الخطأ من الطريق" أو ربما تدرك أنك تقفز فقط في الوهم، وأنك غارق حتى وسطك في الوحل دون سبب وجيه.
سيستغرق جسمك وقتا أطول ليعود إلى حالته الطبيعية عما ستستغرقه أفكارك. يعني هذا أنه بالرغم من أن الخطر جرى تفاديه، سيستمر قلبك في الخفقان بسرعة، وسيجف فمك لبرهة، سواء تطلب الأمر منه ذلك أم لا.
بعبارة أخرى، تبدأ المشاعر كنظام تلقائي لإخراجنا من المواقف المهددة لنا. وتحدث تغييرات ضرورية لأجزاء مختلفة من عقولنا، وتؤثر في نظامنا العصبي اللاإرادي، الذي ينظم بدوره وظائف مثل التنفس، والتعرق، ومعدل ضربات القلب. لكن المشاعر تبدل أيضًا تعبيرات وجهنا، وأصواتنا، ولغة الجسد.
لسنا عاطفيين طوال الوقت العواطف تذهب وتأتي، وفي بعض الأحيان يحل بعضها محل بعض. يكون بعض الناس عاطفيين أكثر من غيرهم، لكن حتى عندما لا يكونون مشبعين بأي عواطف معينة تنتابهم نوبات عاطفية. هناك اختلاف بين الشعور والمزاج، الشعور أقصر، وأكثر قوة، في حين أن الحالة المزاجية يمكنها أن تبقى مدى الحياة، وتعمل كـ "خلفية" لمشاعرك.
اعتبرت المشاعر، قبل الوقت الحالي، غير ذات أهمية نفسية، انتهى داروين إلى أن الكثير من تعبيراتنا العاطفية لم تعد تشغل أي دور، بما أنها لا تزال تستخدم بذات وأنها ستختفي في النهاية بتقدم البشر تبدو مملة جداً، أليس كذلك؟ لحسن الحظ، لا الطريقة عندما كنا نتأرجح من شجرة إلى أخرى، وتتخلف فقط من عهد كان فيه البشر كائنات أكثر بدائية. الغالبية اتفقت على أن المشاعر ستصبح أقل أهمية بمرور الوقت يتفق مع هذا العلماء المعاصرون ندرك اليوم أن مشاعرنا تحتل فعليا مركز الصدارة في كل حياة بشرية. فمشاعرنا هي من تربط معًا كل الأشياء التي تعد مهمة بالنسبة لنا بخصوص الآخرين، والأحداث والعالم.
عندما نملك عاطفة، نقول إننا "نشعر بشيء ما. إن ما "نشعر" به فعليا هو تلك الاستجابات البدنية المثارة فينا. تعد بعض التغييرات مجهدة ومزعجة، خاصة تلك التي تطلب مجهودًا بدنيا كبيرًا.
لكن تغييرات أخرى تعد أكثر متعة بكثير. إنها تشكل ما بإمكاننا تسميته بالمشاعر الإيجابية، لكن الخبرة التي نشير إليها عندما نقول نحن "نشعر" بالفرح أو الغضب تعد فعليا اختبارنا للاستجابات البيولوجية التلقائية الحادثة فينا.
ربما يبدو الأمر جافا بعض الشيء أو غير رومانسي، وآسف لأني قمت بتبديد سحر كلمة أخرى ملتبسة؛ أولاً قراءة العقل" والآن "المشاعر"، لكن إذا فكرت فيهما، ستجد أن أهميتهما لم يجر النيل منهما على الإطلاق.
اضافةتعليق
التعليقات