في عالم التكنولوجيا ونحن نتصفح مقاطع الفيديو القصيرة والمعروفة بالريلز نجد مجموعة من المقاطع التي تعطي تعليمات في مجال التنمية والطب والتمارين الرياضية والطبخ ووصفات للتجميل وختاما الدين! والذي يطبق منها سواء على مستوى الوصفات الطبية أو في مجال التجميل والطبخ يجد أحيانا أن هذه الوصفات غير ناجحة بل تتسبب بنتائج عكسية تماما، وهذه نتيجة لمستها وأنا أتعلم الطبخ من هذه الريلزات فقد فشلت كثيرا من الأطباق حتى لجأت إلى وصفات أمي الناجحة أو وصفات الطباخين المشهورين.
ومثل هذا الفشل يدل على أن كثير من المقاطع لا تعدو عن كونها لزيادة عدد المتابعين ولا تقدم معلومة حقيقية مسندة إلى حقائق أو علم بدليل، نجد هناك مشاهير في التيك توك تقدم وصفات طبخ وبشرة وأمور طبية ثم تعطي محاضرة في الدين وعلم النفس والتنمية، فتستغرب من هذا الشخص الموسوعي! فهناك من يتخذه قدوة ونموذج ويعجب به! أما الشخص الحاذق الذي يبحث في المجالات التي يقدمها يجدها نصائح فاشلة غير واقعية ونصائحه في الدين لا تنتمي إلى حقيقة الدين وغيرها من الهفوات التي أخذت تغزو البيوتات العربية، هذا غير المقاطع المبنية على مشاهد تمثيلية مضحكة لكنها تهدم ثقافات امدت لسنوات، فمن منا لم يشاهد مشهد لزوجة تتجاوز على زوجها، أو ابن يتجاوز ويعمل المقالب بوالده وغيرها من المشاهد التي تهدم الأسس الأخلاقية في الأسرة.
الذي يتجول في أفكار الشابات والشباب وحتى الأطفال تجدهم نسخة مكررة من أفكار اأولئك المشاهير أو ما تتم تسميتهم بالبلوكرات، ففي أحد الأيام تفاجئتُ بإحدى طالباتي وهي تحاججني في قضية الحجاب وأنه لم يذكر في القرآن الكريم وغيرها من الأمور التي لا تنتمي للمنطق بشيء وعندما طلبتُ المصدر الذي اعتمدت عليه في معلوماتها عن الموضوع ارسلت لي مجموعة من مقاطع الفيديو لإحدى البلوكرات وهي تناقش قضايا دينية وسيرة الرسول الأكرم وهي غير ملتزمة دينيا وحتى أخلاقيا، وبعد حوار استمر لأشهر والكتب التي كنتُ أرسلها لها لم تقتنع وكانتْ تطالبني بمصدر الكتب، لكنها لم تبحث عن مصادر تلك الفتاة بل كانت تتلقى منها التشكيك بكل سهولة وتقبل، وغادرتني وهي مقتنعة بأفكار أولئك المشاهير وتعاملهم معاملة كأنهم حجة عليها ولا تقبل مسهم بأي تشكيك.
مثل هذه الحالات نجدها مكررة عند المراهقين الذين يلتقطون مختلف الأفكار ويقتنعون قناعة تامة بها ويرفضون مناقشتها ويعدوها أسلوب حياة، وعلى أساسها تسير حياتهم، وهذا ما شاهده الكثير عندما انتحر أحد أعضاء فرقة غنائية حيث قام الكثير بتقليده وانهاء حياته أما البقية فقد نصبوا له عزاء في مواقع التواصل ودخلوا في اكتئاب، ومثل هذا النموذج نجد أن أعداد هؤلاء يزداد فحادثة نزع الحجاب لإحدى المدعيات بأنهن يقدمن محتوى تنموي لازال صداها بين الأوساط حيث عبرت بكل لباقة عن أسباب خلعها له وأقنعت حشد من الفتيات بأنه لا يعدو عن كونه حرية شخصية وليس فرض!
إن الواجب على الآباء اليوم متابعة المحتوى الذي تتابعه الفتاة أو الفتى لأن أصبوا يبنون مفاهيمهم الأولية وأبجديات دينهم وأخلاقهم من هذه الصفحات التي هدفها الأرباح المادية وتحطيم الأسر.
اضافةتعليق
التعليقات