منذ ساعات الصباح الباكر تراهم يتسابقون بإبتسامة أيهم ينجز أكثر ويقدم أكثر كبارا صغارا شعارهم هو "خدمة الحسين شرف لنا" وعبارة أخرى "ياهلا بزوار الحسين"، يرتفع صوت الكرم من بيوت العراقيين مرحبا بزائري أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من كل مكان.
شعارٌ يرفعه الحاج سمير غريب القادم من سوق الشيوخ إلى منطقة العبرات في الناصرية مُقدِّماً خدمته لزائري أبي عبد الله الحُسين (عليه السلام)، ويضيف: "أول عشرة أيام من شهرِ محرمٍ الحرام أخدِمُ في قضاء سوق الشيوخ، ثُمَّ آتي إلى هنا منذ اليوم الأول من صفر ولغاية العاشر منه لأتشرف في خدمة الزائرين السائرين في طريق يا حسين، بعدها أنطلقُ مشياً صوب كربلاء.
في رحلةِ الأربعين
وعند مرورك بأهوار الجبايش في الناصريّة، حيث المنازل التي شُيِّدت من القصب وطين الأهوار، ستلتقي بالطفل مهدي ذو الـ(9) أعوام، الذي ارتوى من فطرة الأرض حبّ الحسين (عليه السلام)، مهدي يقول بلهجته الجنوبيّة "احنا من خلّينا هاي الصور حسّينا بقرب الإمام الحسين (عليه السلام) من عدنا".
تجارة مع الحسين
باعَ مواشيه ليشتري أرضاً يُشيّد عليها موكباً لخدمة السائرين في طريق يا حُسين.. إنّه الحاج أبو علي ذو الثمانين عاماً الساعي إلى إكمالِ بناء الموكب الذي يحلمُ به في منطقة آل جويبر بالناصريّة ، ويقول "مستمرٌ بسقي زائري سيّد الشهداء (عليه السلام) في كل عامٍ حتى يمن الله عليّ بتشيّيد الموكب". وفي محطة آخرى كان لرجل ذو شيبة يبلغ من العمر ٩٠ عاماً، نذر حياته لخدمة الزائرين ولم يمنعه كبر سنه من سقاية الماء لزائري سيد الماء (عليه السلام).
مشهد آخر:
ثمانيةُ شبّان انطلقوا من منطقة (رأس البيشة) أقصى جنوب العراق، وهم يحملون راية أبي الفضل العباس (عليه السلام) البالغة (150م2) على أكتافهم بالتناوب، ليجوبوا بها القرى وصولاً إلى مدينة الديوانيّة وسط البلاد، بعد مسيرٍ استغرَقَ 14 يوماً، عازمين على إكمال طريقهم إلى كربلاء ليصلوها ليلةَ الأربعين.
الأطفال في رحلة الأربعين
زينب بعمر ١١ سنة، ستجدونها، رغم حرارة الجو، في الرميثة على أطراف شارع الشيخ ياسين الرميثي تتسابق مع أخواتها لتسقي الماء زائري الإمام الحسين (عليه السلام).
الشاي مجاناً لزائري الامام الحسين (عليه السلام)
تقول الحاجة أم حسين للمركز الخبري "موكبي صغير لتقديم الشاي والحامض للزائرين المتوجهين للإمام الحسين (عليه السلام) ولا أطمح سوى أن يكتب اسمي في سِجل خِدمة الزائرين".
حينَما تكونُ خِدمةُ السبطِ حُلُماً..
حُلُمي أن يتحوّل موكبُنا الصغير إلى حسينيّةٍ تستقبل أكبر عددٍ ممكن من الزائرين، هكذا أجابت نبأ ذاتُ الاثني عشرَ ربيعاً، حينما سُئِلت عن حلمها وهي تَهُمّ بتوزيع الماء على زائري سيّد الشهداء، الماريّن بمنطقة الهارثة في اليوم السادس من صفر.
تقطع نبأ المتفوّقةُ دراسيّاً برفقة شقيقتَيْها زهراء ورُقيّة طريقَ الزائرين جيئةً وذهاباً، لتوزيع الطعام والشراب على كلّ مَنْ تصادفهم حتّى تَستنفِدَ ما بيديها، لتعود مرّةً أخرى محمَّلةً بالطعام من موكب عمّها.
أمّ سالم تسرد قصّتها في خدمة زائري الأربعين: كُنت أحمل الطعام وأجري بعيداً عن عيون الرقباء في زمن اللانظام البائد، فلاشيء يحول بيني وبين خدمة الحسين (عليه السلام)، وها أنا ما أزال سائرةً على هذا الدرب ولن أحيد عنه حتّى تفيض الروح إلى بارئها، بهذه الكلمات استهلّت : صباح السادس من صفر وعلى وقع أصوات المراثي، التي تصدح من كلّ اتّجاه على طريق السائرين في القرنة شماليّ البصرة، تقول أمّ سالم "قبل ذهابي إلى كربلاء لإحياء مراسيم زيارة أربعينيّة سيّد الشهداء(عليه السلام)، يتوجّب عليَّ خدمة زائريه هنا في القرنة، حتّى يتسنّى لي الذهاب لاحقاً إلى كربلاء وأنا زائرة وخادمة، وأكون قد نلت الدرجتين".
اضافةتعليق
التعليقات