قلب الحقائق وتحريفها في الاعلام ونثر الغبار على صورة الحق لتشويهها وتلميع صورة الباطل ليست وليدة عصرنا هذا كما يتصور البعض بل هي موجودة منذ زمن بعيد وخير دليل على ذلك عندما استشهد الامام علي (عليه السلام) في محراب صلاته ووصل خبر استشهاده إلى أهل الشام قالوا: " أو كان علياً يصلي؟" .
بالرغم من الوسائل البسيطة جداً الموجودة في ذاك الزمان فإن الاعلام الفاسد والممول في وقتها استطاع التلاعب بعقول الناس وشوه صورة المعصوم وأوصل لهم بإن الامام لا يصلي.
نفس الأمر حدث مع مدينة الكوفة في أيام ثورة الامام الحسين )عليه السلام) ولإنها كانت تعد مقر التشيع كما قال عنها الامام علي (عليه السلام): "هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا" استهدفها الاعلام الأموي من خلال توجيه حملة اعلامية مخططة لتسقيطها عن طريق بث الدعايات واحضار عدة مدونين يكتبون وفق ما ترغبه حكام السلطة الأموية آنذاك فزوّر التاريخ وحُرفت الحقيقة فبدل السخط على آل أمية الذين قاتلوا الامام توجهت الأنظار إلى شيعة الكوفة وإلقاء اللوم عليهم وبهذا تمكنت الدولة الأموية عبر ماكنتها الاعلامية من صنع صورة نمطية سلبية عامة عن شيعة الكوفة وترويجها وترسيخها في أذهان الناس على أنهم تخاذلوا عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) وبسببهم قتل وسبيت عياله فهؤلاء أهل غدر وخيانة.
بينما روايات أهل البيت)عليهم السلام) أسقطت زيف الاعلام الاموي وأكدت لنا إن من قتل الامام الحسين(عليه السلام) هم أهل الشام وليس شيعة الكوفة فعندما سئل الامام الصادق )عليه السلام) عن صوم يوم تاسوعاء قال: "تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين(عليه السلام) وأصحابه بكربلاء واجتمع عليه خيل أهل الشام واناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه واصحابه رضي الله عنهم وايقنوا إنه لا يأتي الحسين ناصر ولا يمده أهل العراق" .
فهذا دليل من إمام معصوم يصرح فيه بإن أهل الشام هم من قتلوا الإمام ويذكر أيضاً بإن أنصار الامام من العراق، مع إن الحكومة الاموية في وقتها شنت حملة إعتقالات واسعة على الشيعة وملأت بهم السجون كي لا يذهبوا لنصرة الامام الحسين(عليه السلام) وكان من بين المعتقلين قيادات شيعية بارزة أمثال المختار الثقفي وسليمان بن صرد الخزاعي.
فعلى الرغم من كل هذا التضييق والطوق الأمني المفروض على الشيعة فقد جاء المدد للإمام الحسين من شيعته ونصروه، وأما الذين غدروا بالامام وتخاذلوا عن نصرته وقاتلوه كانوا من شيعة بني أمية ومناصريهم حيث يذكر المؤرخون أن في سنة 50 للهجرة أمر معاوية زياد بن أبيه القيام بحملة تصفية للشيعة حيث هجر 25 ألف عائلة عراقية من شيعة الكوفة واسكن مكانهم الآلاف من عوائل أهل الشام والذين تشكل منهم الجيش الأموي الذي حارب الإمام الحسين وقاتله.
فلو كان شيعة الكوفة هم من قتلوا الامام الحسين )عليه السلام) كما يزعم الاعلام الأموي لما امتدحهم آل محمد باحاديثهم حيث قال الامام الصادق )عليه السلام) لما علم بجماعة قادمة إليه من أهل الكوفة: "أما أنه ليس بلد من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ثم هذه العصابة أي )الشيعة فيها) إن الله هداكم لأمر جهله الناس احببتمونا وابغضنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا".
اضافةتعليق
التعليقات