تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي التي تحتويها الهواتف ويتواصل أصحابها من خلالها إلى وسيلة للتواصل بل حلّت بدلاً من أشكال التواصل المتعارفة إلى أشكال أكثر إنسانية؛ إذ ربّما لا يمضي يوم بل ساعة عند بعضهن من دون التواصل والمراسلة.
ولا تتعلّق المسألة بعمر المرأة أو ثقافتها فالنساء جميعهنّ جذبتهنّ المجموعات وبساط (الجروبات) السحري يستطيع أن يحمل ويتّسع لكلِّ ما يستحوذ على اهتمام النساء في عالمها الواقعي إلى عالمها الافتراضي الذي هو بعيد عن أعين المجتمع!! لماذا دخلن إلى هذا المجتمع الأنثوي الافتراضي؟
دخلنا في هذا التحقيق إلى عالم الافتراض الأنثوي الالكتروني؛ لنسمع من أعضائه لا عنهم، دخلنا إلى المجموعات النسوية وتصفّحنا معظمها فوجدناها أقرب إلى الجلسات النسوية المتاحة على مدار الساعة؛ ففيها تستطيع المرأة أن تتحدّث وتستشير وتنصح وكأنه العالم الموازي للأنثى في الواقع، فدخلنا وسألنا عن تفاصيل:
إيجابيات المجتمع النسائي الالكتروني
(أم حسن/ أم لطفلين/ ومسؤولة عن مجموعة للرشاقة والرجيم) تقول:
إنه أصبح ملجأها بعد أن يئست من جميع حلول الرجيم وأطباء التخسيس، إلى أن دخلت إحدى المجموعات المتخصصة بهذا النوع.
وتُكمل (أم حسن): وجدتُ تفاعلاً بين أعضاء المجموعة بالاتفاق مع البعض للعمل على إنقاص الوزن، ووضع هدف معين للوصول إلى الوزن المطلوب، وأصبحنا كعائلة واحدة إحدانا تقدّم للأخرى النصح والإرشاد بالأطعمة الصحية عن طريق أخذ الصور، والرياضة اليومية التي تستوجب إنزال الصور للأجهزة ممّا هيّأ جوّاً من التفاعل بين المنضّمات لهذه المجموعة، وتضيف أنّ المجموعة لم تكن فقط وسيلة لمعرفة كيفية فقدان الوزن، بل تعرَّفتُ فيه على بنات ونساء كثيرات، واكتسبتُ خبرة في جميع أمور الحياة، فضلاً عن التنويه بطريقةٍ غير مباشرة إلى الأنماط الأسرية التي تؤثّر تأثيراً إيجابياً في الحياة الأسرية، فبدأنا بتقليص ساعات استقبال المشاركات اليومية للمجموعة عن طريق تحديد ساعة معينة، وهذا بحدِّ ذاته يمثل تحفيزاً مدروساً للوصول إلى الهدف، فضلاً عن الاهتمام بالأمور العائلية والتربية.
وتوافقها الرأي (زينب الخزرجي/ 25عاماً) قائلة:
أخذتُ خلاصة التجارب من المجموعة والأعضاء الموجودين في الحياة، وأنه يشكّل هدفاً في متابعة المجموعة والمسابقات الرياضية التي ساعدت في إنقاص وزني من دون التوجّه إلى القاعات الرياضية ممّا جعل هذه الخطوة هي خطوة روتينية في الحياة ليشمل هذا الروتين الصحي جميع أفراد العائلة، وهو بمثابة رسائل تثقيفية للجيل القادم في مدى الاستفادة من التكنولوجيا وليس على حساب الفرد.
على طبق من ذهب
تحكي (أم ديما) قصة العمل الذي استطاعت أن تتميّز به عن طريق مجموعات التواصل الاجتماعي؛ إذ إنها ومنذ المرحلة الثانوية كانت متميّزة بإعداد وصفات الطعام التراثية المختلفة، وهذا ما كانت تنقله لها والدتها إلى أن دخلت التكنولوجيا الحديثة، فاستطاعت الدخول في العديد من المجموعات المتخصصة بإعداد الحلويات للمناسبات، فتمكّنتُ من خلال هذه المجموعات توفير فرصة عمل لي من داخل المنزل، لنجتمع كصديقات في إنجاز الطلبات وتوفير فرص عمل لبعضنا البعض مع تحريك عجلة الاقتصاد بالنسبة لبعض المحال التي نتعامل معها في توفير الاحتياجات، وأرى أنَّ هذه المجموعات ما هي إلّا طبق من ذهب في توفير فرصة عمل كنّا نحلم بها.
شبابيك
أمّا (أم مصطفى) التي وجدت أنَّ مجموعات التواصل الاجتماعي ما هي إلّا شبابيك لحياة قد نجد فيها نوعاً من أنواع التطوّر في بناء الذات والخبرات والثقافات، وهي أجندة للأعمال العبادية اليومية أو المناسبات الدينية.
سلبيات المجتمع النسائي الالكتروني
كانت صدمة أم علي الموسوي من شيء آخر، تقول: إنَّ الحديث عن أسرار المنزل وأفراد الأسرة، ونقل ما يدور داخل هذه (الجروبات) إلى الخارج، والحديث عن محتواها بالتفصيل للآخرين، مع ذكر كلام الأفراد بأسمائهم من أكبر المشكلات، وتحدّثت (أم علي) عن وصول الأمر إلى الشكاوى في بعض الحالات للأزواج والعائلات، ممّا يتسبب في الوقوع في خلافات كبيرة.
ولفتت (زهور ناصر) إلى: اكتشاف (حسابات وهمية) لرجال يتخفّون ويدخلون على أنهم سيّدات، ويخترق بعضهم (أكونتات) العضوات.
ونبّهت (زينب هادي) إلى إحدى السلبيات في مثل هذه (الجروبات) وهي الرد على الاستفسارات والتساؤلات بغير علم، وتعميم التجارب الفردية على الجميع. وأشارت إلى حدوث غش وخداع للمشتري في بعض حالات الشراء التي تتم من خلال بعض المجموعات (الجروبات)، فيفاجأ المشتري بمواصفات مختلفة عن تلك المعروضة أو بعيوب في الشيء المباع.
المفتاح بيد المستخدم
ترى (دعاء اللواتي/ تعمل في الصحة النفسية) أنه تجمّع تستطيع المرأة أن تحكي فيه تجاربها ومشاكلها، وتستفيد من خبرات الآخرين وتتبادلها معهم؛ لكنها ترى أنَّ هناك خطورةً في مناقشة المشاكل الأسرية داخل هذه المجموعات، لِما لها من تأثير سلبي في نفسية بعض السيّدات اللاتي تطبّقن مشاكل الأخريات على حياتهنّ وتتخذنّ آراء الأخريات مقياساً لأمورهنّ، دون النظر لاختلاف ظروف كلّ أسرة عن الأخرى، ممّا يتسبب في اضطرابات نفسية وأزمات أسرية.
وشددت على ضرورة التأكّد بشكلٍ شخصي من سمعة المتخصصين في مجال الإرشاد الأسري المتواجدين لإدارة هذه المجموعات والرد على الأسئلة المرسلة إليهم، فليس كلّ من كتب على صفحته طبيب أو متخصص صار أهلاً لحل المشكلات الأسرية وبإمكانه التوجيه لصحيح التعامل والسلوك السليم.
والفضفضة بشكلٍ عام تُعدُّ وسيلةً للتفريغ عن المشاعر، وهي بالنسبة للمرأة احتياج نفسي يساعدها على التعامل لاحقاً مع مشاعرها وأحياناً تكتفي بالفضفضة كحل.
أمّا بالنسبة للرجل فالفضفضة لا تكفي، فهو يبحث غالباً عن حلول وليس مجرّد تفريغ للمشاعر؛ لذلك هو أقل حديثاً فهو لا يتحدّث إلّا لمن يعتقد أنه سيساعده في مشكلته.
ومصطلح الإدمان فيما يتعلّق بالأمور التقنية أو أي وسيلة ترفيهية أخرى يجب أن يُفهم أنه إدمان نفسي وليس فسيولوجي.
والإدمان يتحقق مع أي شيء عندما يحول بيننا وبين ممارسة أنشطة حياتنا الأخرى، وعند محاولة تركه تظهر علامات الانزعاج أو الأرق أو العصبية وغيرها من الأعراض النفسية عند الابتعاد عن ما أدمنه المستخدم.
يُنصح غالباً بمراجعة متخصص نفسي إذا لم يستطع المستخدم تجاوز هذه الأعراض بمفرده.
اضافةتعليق
التعليقات