يستطيع الطفل اليوم الوصول إلى وسائل الإعلام عبر الأجهزة التقليدية مثل التلفاز والأجهزة المحمولة مثل التابلت والحاسوب المحمول. ومع زيادة المنافذ يصبح الأطفال أكثر عرضة لمشاهدة المحتوى العنيف مثل الحياة الحقيقية أو أفلام الرسوم المتحرّكة حيث تستخدم القوّة ويتم إحداث الأذى لفرد أو شخصية ما. وتظهر الدراسات أن 37% من المحتوى الإعلامي الموجّه للأطفال يحتوى على مشاهد للعنف الجسدي أو اللفظي.
كما أن 90% من الأفلام و68% من ألعاب الفيديو و60% من العروض التلفزيونية و15% من الفيديوهات الموسيقية تحتوي على شكلٍ من أشكال العنف. وما يزال يرتفع في بعض الأحيان، حيث تبيّن أن كمية العنف في الأفلام الرائِجة قد ارتفعت بإطراد خلال الخمسين سنة الماضية. تظهر الأدلّة أن ذلك الأمر قد يصبح مؤذياً للأطفال الصغار.
يبدأ الأطفال ما بين سن الثالثة والرابعة بتطوير منظورات وتوقّعات للعالم المُحيط بهم. وتتأثّر وجهات النظر تلك بتجاربهم اليومية. وإذا تعرّض الأطفال غالباً لمشاهد العنف فقد يطوّرون نظرة تُريهم العالم أكثر خطراً مما هو في واقع الحال.
وتتزايد آثار الإعلام المرئي على الأطفال وسلوكهم، وقد بينت دراسات وجود علاقة بين العنف والسلوك العدواني لدى الأطفال والمراهقين وبين محتوى وسائل الإعلام المرئي. كذلك تشير تقارير طبية إلى أن تأثير العنف المعروض على الشاشة يتنوع ما بين السلوك العدواني والكوابيس، والقلق، والاكتئاب، والحساسية للعنف.
لاشك أن التعرض المتكرر لمحتوى إعلامي عنيف يشجع على السلوك العدواني، ويخلق قناعة لدى الطفل أن العدوان هو الحل المناسب للمشاكل. بحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصلت أبحاث امتدت لـ 30 عاماً إلى أن تأثير العنف في الإعلام المرئي على الأطفال والمراهقين يرتبط بالسلوك العدواني والكوابيس والقلق وزيادة الحساسية للعنف.
عندما يرى الطفل الموضوعات المخيفة معروضة كواقع على وسائل الإعلام يعتبر العالم مكاناً شريراً ومروعاً، وقد يؤدي ذلك إلى الانسحاب من العلاقات مع الأصدقاء، كما قد يجعل الطفل ضحية سهلة للعنف نفسه.
وتحذّر الرابطة الأميركية لعلماء النفس من أن الكثير من الإعلانات التجارية تفتقر إلى التصنيفات التي تحدد مدى ملاءمتها للمشاهدة من قبل الأطفال والمراهقين. وقد وجدت أبحاث أميركية أن 20 بالمائة فقط من الآباء ينجحون في السيطرة ومراقبة شاشة التلفزيون، وأن الكثير من الآباء لا يدركون المخاطر الموجودة في محتوى البرامج خاصة الإعلانات التجارية لحساسية العنف.
بعض الأطفال أكثر حساسية لذلك يكونون عرضة للآثار السلبية للعنف في وسائل الإعلام المرئي. وتحذر الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال من أن أبطال المحتوى الدرامي العنيف يمكن أن يكونوا قدوة للأطفال عند بلوغهم سن المراهقة، وقد يكون ذلك طريق وقوع الطفل ضحية لاستخدام العنف لحل بعض النزاعات، خاصة عندما يحاول بعض المراهقين تقليد تصرفات أبطال بعض الأفلام لحل مشاكلهم.
مفهوم العنف
ولو أردنا أن نتطرق إلى مفهوم العنف فهو يشمل جميع أشكال السلوكيات الإنسانية التي تتخذ طابعاً عنيفاً عدوانياً في التعامل مع الآخر، فالتعامل الطبيعي بين البشر إذا خرج عن إطاره الصحيح، واستخدم فيه الضرب أو الشتم أو الصراخ كان ذلك الفعل فعلاً عنيفاً يعبر عن حالة سلبية قد تكون مؤشراً على مرض نفسي، أو قهر اجتماعي، أو تغير في ثقافة المجتمع ونظرته إلى مفهوم العنف، وربما انعكاس المعايير في تعريف مفهوم العنف لدى بعض المجتمعات.
المجموعات التالية من الأطفال قد يكون أكثر عرضة للعنف على التلفزيون:
- الأطفال من الأقليات والمهاجرين.
- الأطفال المضطربين عاطفيا.
- الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم.
- الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة من قبل والديهم. والأطفال في الأسر التي في محنة .
أشكال العنف في وسائل الإعلام
- مشاهد القتل والدماء، فمن أكثر مشاهد العنف شيوعاً في المسلسلات والأفلام وأفلام الكارتون وحتى القنوات الإخبارية مشاهد القتل واستباحة الدماء التي أصبحت أمراً مألوفاً لدى جميع الناس الذين يمتلكون جهاز تلفاز، وإنّ خطورة عرض مشاهد القتل على وسائل الإعلام أنّها تجعل المجتمع والأجيال الناشئة تستسيغ مثل هذه الأفعال والسلوكيات، فتتغير النظرة إليها من كونها أمراً شاذاً عن المجتمع، لا يمكن قبوله، إلى أمر طبيعي يمكن حدوثه ولا يستغرب منه، وبالتالي تضعف ردة فعل المجتمع في رفض مثل هذه المشاهد العنيفة.
- مشاهد العنف اللفظي والتعبيري، وتشمل السب أو التحقير وتنتشر كثيراً في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، كما تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي.
لذا أعتقد أن هناك جملة من الأساليب يجب على الأسرة والمدرسة القيام بها للحد من ظاهرة العنف لدى الأطفال أهمها:
1_ التعاون مع البيت للوقوف على أسباب السلوك وإذا عُرف أنّ السبب يتعلق بالأسرة/ البيئة التي يعيش فيها، فعلى المدرسة تقديم العون.
2- استخدام المكافآت والتعزيز.
3- التفريغ العضلي: تشجيع الطفل على تفريغ غضبه وسلوكه العنيف مع الآخرين عن طريق قيامه بنشاطات جسديّة مثل الركض، السباحة، لعب كرة القدم، أو السلة أو ضرب كيس الملاكمة لتخفيف توتره.
4- حرمان الطفل المعتدي من المكسب الذي حصل عليه نتيجة عنفه مع الآخرين حتى لا يرتبط في ذهنه العنف بنتائج إيجابيّة.
5-تغيير ظروف البيئة التي أدّت إلى العدوان وإعطائه نموذج سليم للتعامل مع غيره.
6- أن لا يستخدم الوالدين أو المعلم سلوك العدوان مع سلوك الطفل العدواني.
7- على المعلم أن يعمل على إيقاف السلوك العدواني وأن لا يتغاضى عن سلوك الطفل وعنفه.
8- تعليم الفرد كيف يتحمل الإحباط على الأقل للدرجة التي تجعله لا يضار من الإحباطات التي تحدث في حياته اليوميّة.
9- الحديث مع الذات، وبذلك يتدرب الفرد على الحديث مع ذاته للتخلص من توتره وشعوره بالغضب.
10- إمساك الطفل: فقد يفقد الطفل سيطرته على نفسه تماماً، بحيث يحتاج إلى أن يُمنع من الحركة أو يبعد عن المكان حفاظاً على سلامته ومنعه من إيذاء نفسه أو الآخرين.
11- تنمية التبصّر: بعد تجاوز نوبة الغضب تماماً، يتم نقاش الحادثة كي يتم تنمية الفهم لديه حول المشكلة بحيث يتضمن النقاش وصفاً لشعورك وشعور الفرد أثناء المشكلة
والأسباب التي أدّت إلى الغضب، والطرق البديلة لحلّ مثل هذه المشكلة في المستقبل.
12- العقاب البسيط، حتى يفهم الفرد أنّ نوبات الغضب والعنف لن تكون في صالحه يفرض عليه العزل لمدة (2- 5) دقيقة في غرفة خاصّة وكلما قرر العمل عُزل بحيث أنه يجب أن يكون هناك حزم وواقعية ضمن قاعدة (لا تظهر أي تعاطف أو غضب. وكذلك يستطيع الآباء القيام بعدة خطوات من خلال إظهار القدوة الإيجابية غير العنيفة والسلوكيات، مثل استخدام الاتصال المحترم لحل المشاكل بدلاً من العنف، والحوار مع الأطفال حول الصوَر العنيفة التي يتعرّضون لها، يتمكّن الآباء من تحجيم الآثار السلبية لوسائل الإعلام العنيفة على نمو الطفل وتطوّره.
ويجب على الآباء إزالة الشاشات من غرف النوم ومراقبة استخدام الأطفال لوسائل الإعلام وإطفاء الإنترنت خلال الليل.
وفي الختام على الوالدين انتقاء القنوات الفضائية لأبنائهم أو البرامج الثقافية أو العلمية البعيدة عن العنف والتي تسهم في بناء شخصية سوية للطفل في جميع الجوانب العقلية والجسمية والنفسية والانفعالية، فالتعلم منذ الصغر كالنقش على الحجر.
اضافةتعليق
التعليقات