في الثامن من سبتمبر من كل سنة يحيي العالم بأسره يومًا تضامنيًا مع الشعوب والفئات التي تعاني من الأمّية بما يعزّز جهودها في محاربتها وتحقيق أحد حقوق الإنسان الأساسيّة وهو "الحقّ في التعليم"، وتشير الإحصائيات (الألكسو، المرصد العربي للتّربية، 2015) إلى أن عدد الأميّين في وطننا العربي بلغ 54 مليون أمّي وأميّة تمثل النساء ما نسبته 60 % منهم، وهو الأمر الذي دعا الألكسو سابقا إلى التأكيد على بذل جهود استثنائية لمحاربتها من خلال الخطط
والاستراتيجيات المتخصّصة في تعليم الكبار، ممّا دعا الدّول العربية إلى مزيد من التركيز على توفير الفرص التعليميّة المتكافئة لجميع المواطنين.
وتضاف إلى تلك الخطط والاستراتيجيات "العقد العربي لمحو الأمّية 2015/2024" الذي يدعو الدّول العربية إلى تنفيذ مضامينه وتوفير التّمويل اللاّزم له محو الأمية، وتعزيز الشراكات بين المؤسّسات الرسميّة ومؤسّسات المجتمع المدني ذات الصلة لإنجاز ويوازي هذا الجهد العربي لمحاربة الأميّة تحالف دولي دعت إليه منظمة اليونسكو (معهد اليونسكو للتعلّم مدى الحياة، 2016) بهدف تشجيع الدول ومساعدتها في تنفيذ سياسات تناسب سياقاتها الوطنية، وتحقيق تعهداتها الستة ومنها تحقيق أهداف التعليم للجميع، وخاصة تحقيق الهدف الرابع من الأهداف الإغاثية.
وضمن مقاربة شاملة تدرج محاربة الأميّة ضمن أُطُرٍ إنمائية أوسع نطاقاً وإنّ الألكسو ومنذ إنشائها عام في 25 يوليو 1970 تعمل جادة على محاربة الأميّة إذ ترى في ذلك الأداة الأساسيّة لتحقيق التنمية الشاملة، وبهذه المناسبة تجدد دعوتها للدول العربيّة إلى العمل على إنجاز العقد العربي لمحو الأميّة، وفتح مساقات وبرامج جديدة لتعليم الكبار ما من شأنه أن يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المستدامة.
ويصبح الأمر ضروريا وملحا أمام الوضع الإنساني الصعب الذي تمرّ به بعض الدول العربيّة التي تشهد نزاعات وصراعات مسلّحة، وموجة نزوح ولجوء كبيرة من نتائجها حرمان نحو 13.5 مليون طفل عربي من تلقّي تعليم مدرسي، لذلك تدقّ المنظمة ناقوس الخطر، وتحذّر من أنّ جيلا عربيا كاملا من الأطفال والشباب سوف ينشأ بلا تعليم، ممّا يشكل سببا آخر للأميّة.
أكثر من 750 مليون أمّي حول العالم
قدرت الأمم المتحدة عدد الأميين البالغين في العالم بما يزيد عن 750 مليون شخص، مشيرة الى أن النساء يشكلن نسبة 63% منهم كما تضم هذه الفئة أكثر من مئة مليون شاب تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، منهم سبعة وخمسون في المئة من الإناث.
فيما سجل معدل الأمية في الدول العربية نحو سبعة وعشرين في المئة النسبة الأكبر منه في اليمن والمغرب والسودان ومصر وفي سياق متصل ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن معدلات تسرب التلاميذ من المدارس لم تتغير تقريبا خلال العقد الماضي، وذلك بسبب الفقر والصراعات طويلة الأمد والأوضاع الإنسانية الطارئة المعقدة، داعية إلى زيادة الاستثمار في هذا المجال.
ووفقا للمنظمة فإن مئة وثلاثة وعشرين مليون طفل في سن الدراسة لا يلتحقون بالمدراس، مقارنة بـمئة وخمسة وثلاثين مليونا في عام ألفين وسبعة وبحسب مسؤولة قسم التعليم في اليونيسف فإن الأطفال الذين يعيشون في أفقر دول العالم ومناطق الصراع يتأثرون بشكل غير متناسب بالحرمان من التعليم، إذ يمثلون ستين في المئة من العدد الإجمالي من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس.
وتقول اليونيسف إن الحرب تهدد وتقلص المكاسب المحققة في مجال التعليم، اذ أدت الصراعات في كل من العراق وسوريا إلى حرمان ثلاثة ملايين وأربعمئة ألف طفل من التعليم، ليصل عدد الأطفال المتسربين من المدارس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى نحو ستة عشر مليونا، وهو نفس العدد المسجل في عام ألفين وسبعة.
نسبة الأمية في الدول العربية
بلغ عدد الأميين في العالم العربي في عام 2016 ما يقارب ال 65 مليون أميًا.
نسبة الأمية في موريتانيا: 48٪
نسبة الأمية في اليمن: 30٪
نسبة الأمية في المغرب: 28٪
نسبة الأمية في مصر: 24٪
نسبة الأمية في السودان: 24٪
نسبة الأمية في العراق: 20٪
نسبة الأمية في تونس: 19٪
نسبة الأمية في سوريا: 14٪
نسبة الأمية في الجزائر: 12%
نسبة الأمية في ليبيا: 9٪
نسبة الأمية في لبنان: 8٪
نسبة الأمية في الإمارات: 7٪
نسبة الأمية في الأردن 6.8% للمواطنين و14.7% للمقيمين من غير الأردنيين.
نسبة الأمية في عمان: 6٪
نسبة الأمية في السعودية: 5٪
نسبة الأمية في البحرين: 4٪
نسبة الأمية في الكويت: 4٪
نسبة الأمية في فلسطين: 3٪
نسبة الأمية في قطر: سجلت قطر أقل نسبة أمية في الوطن العربي بمقدار 2% لمن هم فوق سن المدرسة و0% لمن هم في سن المدرسة، بالإضافة إلى أعلى نسبة تعليم في الوطن العربي بمعدل 96.3%، تتبعها فلسطين ثم البحرين والكويت.
أما أعلى نسبة أمية في الوطن العربي فهي في الصومال حيث تتراوح بين 60% إلى 70%، وبلغت نسبة الذين يستطيعون الكتابة والقراءة 37.8% فقط وهي بالتالي أقل نسبة تعليم في الوطن العربي.
وباء الأمية يهدد العراق
الامية وباء خطير ومخيف يهدد مستقبل البلاد يفوق كل الاخطار كونه مصدر اساسي للارهاب والجريمة والفساد وغيرها من الامور السلبية المنتشرة في بلدنا الحبيب ان انتشار الأميَّة بهذا الشكل الخطير في العراق هو عقبة كبيرة من العقبات التي ستحول دون إمكانيَّة خروج البلد مما هو فيه من واقع سيء في الجانب الخدمي والامني والتعليمي وإعادة إعماره وتطوره.
انه لأمر مؤلم ومحزن ان تتفشى الامية في العراق بلد الحضارات والرقي وتتقدم الدول في ارتفاع نسبتها ونحن في نهاية عام ٢٠١٨ ومن المفترض ان يكون البلد في صدارة الدول المتطورة للامكانيات الكبيرة التي يمتلكها في الجانب البشري والاقتصادي فضلا عن ارثه الحضاري الكبير.
لا يمكن علاج الأمية والجهل دون عمل دؤوب يشارك به الجميع، فيجب ان تتضافر جهود المجتمع ككل وبالتعاون مع المؤسسات الحكومية، لحل مشكلة الأمية ومشكلة الجهل وكما يجب ان تقوم مؤسسات المجتمع المدني والنخب والمثقفين ووسائل الاعلام بدورهم في توعية الناس بأهمية التعليم وخطر الامية على المجتمع.
أسباب ارتفاع الأمية في العراق؟
العراق من الدول التي شهدت انخفاضا كبيرا في نسب الأمية، وصنّفت مؤسساتها العلمية على أنها في المراتب الأولى، ضمن بيانات منظمة اليونسكو، ولكن للأسف فإن ذات المنظمة عادت لتصنّف العراق على أن نسبة الأمية فيه في الوقت الحاضر تقدر بـ47%، وهي نسبة مهولة حيث في بياناتها الاخيرة أكدت أن عدد الأميين في العراق قد وصل إلى تسعة ملايين أمياً.
إن واحدة من أهم الاسباب التي أدّت إلى ارتفاع منسوب الأمية في العراق هو ما ورثناه من فقر وتدهور في الوضع الاقتصادي العراقي بسبب حالة الحصار التي فرضت على البلد بسبب الحرب على الكويت، وانعكاس ذلك على كافة مناحي الحياة ومنها واقع التعليم، وأعقب ذلك دخول القوات الاجنبية إلى العراق في عام 2003م وما رافق دخولها من عمليات عسكرية وتدمير البنى التحتية للمؤسسات العلمية.
وكذلك إشاعة روح الطائفية وتعذُّر وصول الكوادر التعليمية إلى مواقع العمل بسبب الأعمال الارهابية، والقتل على الهوية، بعدها تصاعد المعارك والاشتباكات التي تحدث داخل المدن ثم دخول التنظيمات الإرهابية واحتلالها أحياء ومدنا عديدة في العراق، لتشيع الجهل والدمار بين الناس وتغلق المدارس والجامعات لعدة أعوام مما دفع بقواتنا الأمنية بكل صنوفها للدخول في معارك ضارية مع الإرهاب وإخراجه من المناطق التي احتلها، والذي أثر على الحياة الدراسية واضطراب الأوضاع الأسرية بين النزوح والخوف والتنقل، وصعّب مهمة التعليم في جميع مراحله.
نسبة مخيفة بعد ان كانت شبه معدومة الامية في العراق
9 ملايين شاب عراقي، 3 ملايين منهم، أي الثلث، لا يعرفون القراءة والكتابة هذه كانت نتيجة دراسة أجرتها وزارة الشباب والرياضة واستهدفت الدراسة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما وانقسمت الأعداد المذكورة بين الذكور والإناث، فقد بلغ عدد الذكور مليون و350 ألف شاب أمي، بينما ارتفعت النسبة بين الإناث إلى أكثر من مليون و700 ألف فتاة.
وفي دراسة أخرى أجرتها الباحثة نهى الدرويش على 300 عينة من عناصر تنظيم داعش معتقلين في جهاز مكافحة الإرهاب، خلصت الباحثة إلى أن أكثر من نصف المعتقلين كانوا أميين، فيما كان المتبقون متسربين من الدراسة.
طرق محاربة الامية
1- تشجيع الوالدين يعتبر تشجيع الوالدين من أهم الوسائل لمحاربة الأمية، حيث تشير الأبحاث إلى أنّ إنجازات الطفل تتأثر بمشاركة الوالدين في التعلم معه أكثر من أي عامل آخر، وخاصةً لأولئك الذين يكرهون المدرسة ويخشون التفكير في العودة إلى التعلّم، ومن الجدير بالذكر أنّ شخصاً واحداً من كل خمسة أشخاص يحتاج إلى المساعدة لتنمية ثقتهم في القراءة والكتابة والمحادثة.
2- بناء مهارات القراءة والكتابة منذ الصغر هناك ارتباط وثيق بين إتقان القراءة للصفوف الابتدائية والتفوق الدراسي في وقت لاحق، لذلك تزيد المنظمات التعليمية من تركيزها على بناء مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، حيث تصدر الكثير من القوانين التي تركز على القراءة وتحديد أوجه الضعف فيها في وقت مبكر، مع الإسراع في إيجاد الحلول التي تسعى إلى جعل الطلاب يصلون إلى مستوى الصف الطبيعي.
3- تعزيز فرص التعليم يجب على الحكومات تخفيض رسوم التعليم بالرغم من وجود أي ضغوطات اقتصادية، فالتعليم هو أفضل طريق للخروج من أزمة الأمية، كما يمكن الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة لتوسيع فرص التعلّم للجميع، وهذا يتطلب تقديم مساعدات لمحو الأمية من قبل الشركات الكبرى الخاصة.
4- الالتزام بالذهاب إلى المدرسة يجب التأكد من ذهاب الفتيات والفتيان إلى المدرسة والالتزام بدوامها، حيث إنّه لا ينبغي أن يترك الطلاب المدرسة والتعليم دون أن يتمكنوا من إتقان القراءة، وهذا يعني أنه يجب أن يكون لديهم أماكن مخصصة للقراءة كالمكتبات الجيدة، والمعلمين الجيدين لمساعدتهم على ذلك.
5- ممارسة القراءة والكتابة أثبتت العديد من الدراسات أنّ بعض كبار السن وعلى الرغم من حصولهم على التعليم الابتدائي، إلا أنهم يصبحون أميّين عندما لا يستخدمون ما لديهم من مهارات في القراءة والكتابة، وتكثر هذه الحالة غالباً في المناطق الريفية، حيث إنّ القدرة على الكتابة والقراءة هي التي تعزز القدرات المعرفية لدى كبار السن.
...............................
اضافةتعليق
التعليقات