السنوات الماضية كانت من اصعب السنوات التي يعيشها الشعب العراقي مزدوجة بنار الحرب والفقر سنين عجاف ذاقها الشعب ولم ينقذهم الحاكم من قنطار الفقر كما فعل عزيز مصر من قبل بل تركهم في ظلمات الحرب يواجهون اشر الخلق واكفرهم بدين الله وعترة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، العصابة الاجرامية التكفيرية التي يطلق عليها (داعش) وبقية المعارك مستمرة حتى قبل اشهر حيث تم الاعلان عن تطهير الارض منهم.
فبعد هذه الازمات التي شهدها العراق وبين من يشارك في هذه الاحداث ويتعايش معها وبين من يحاول ان يبحث عن وطن يحترم انسانيته ويقدم له احتياجاته المادية والمعنوية واهم تلك الحاجات المفقودة عنده هو شعوره بالامان، فما كان امامه إلا ان يبحث عن بديل ومن الصعب أن تجد من يعوض عن بلدك فالوطن كما قالوا هو الام والانسان لا يملك غير أم واحدة، وهناك من استغنى عن هذه الام التي باتت عليلة غير قادرة على حصانة اولادها، ففتحت ابواب الهجرة لابناء هذا الشعب ليعوض عن هذا الوطن، وليعيش الانسان في حرية من دون نزاعات طائفية، او وطنية وفي المقابل تصرف له الحكومة راتب شهري، فجميعنا يعرف تفاصيل تلك المرحلة وكيف كان الوضع الاقتصادي في البلد مما جعل اغلب العراقيين يهاجرون فكانت هجرتهم مجهولة المصير.
فمنهم من اختار البحر ومنهم من دفع اموال طائلة حتى يصل الى الدولة التي يرغب فيها، وبين من اختار البحر والطريق الغير شرعي لينقذ نفسه وعائلته فكان البحر ملاذا لهم، وسمعنا الكثير من القصص لاجئين وكيف كانوا يجلسون في قارب صغير يتلاعبون بهم رجال البحر وسعيد من كان يصل الى اليونان وبعدها تبدأ رحلة طويلة وشاقة ومليئة بالتعب والقلق من المجهول وبين امواج البحر الابيض المتوسط وحيتان البحر، يقضي ساعاته حتى يصل الى مبتغاه ومنهم من كان وجبة سريعة لحوت لايرحم.
ولكثرة العدد في القوارب الرديئة التي لا تحمل هذا العدد، وعلى اختلاف اعمارهم واطيافهم فقد سجلت السنوات الماضية هجرة مكثفة للشباب ولعل اغلبهم من حملة الشهادات، وفي احصائية ذكرت أن هجرة العراقيين من البلاد شهدت ارتفاعا ملحوظا منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لكن العدد الأكبر من المهاجرين وصلوا الى تركيا بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في الشمال العراقي في يونيو/حزيران 2014.
وبلغ عدد العراقيين المهاجرين بطريقة غير شرعية خلال شهرين فقط نحو 400.000 شخص معظمهم من الشباب.
ونحو 972 عراقيا عبروا البحر المتوسط فقط في البداية، المستقبل كان السبب الرئيسي في مغادرة ثمانين بالمئة منهم. ووجدت المنظمة ايضا ان 41 بالمئة منهم لديهم شهادة جامعية و53 بالمئة كانوا عاطلين عن العمل.
وقد قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين ان النزوح العراقي الحالي هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط منذ النزوح الفلسطيني عام 1948.
فبعد هذه الهجرة التي شهدها البلد اصبح يفتقر الى الكثير من الكفاءات العراقية الشابة وفي المقابل استقبل الغرب حملة الشهادات من الشباب واستفاد من خبرتهم العلمية وبينما بقي العراق كما هو، وان كل ماجرى عليه من الازمات التي عاشها كانت محسوبة سابقا لصالح الغرب واهمها هجرة العقول الشبابية العلمية التي لم تجد فرص عمل لها في وطنها، فقدمت لها الدول العمل وما يحتاجه لتقديم بلادهم وافراغ العراق من هذه القدرات التي لو بقيت فيه وعملت في نظام صالح وبيئة مناسبة توفر لهم ابسط الامور من فرص العمل والحماية وايجاد الحلول للمعرقلات التي تقف امامهم سيتقدم العراق ويكون سيدهم في العلم والمعرفة كما كان في السابق..
"ويطلق مصطلح هجرة الكفاءات نزوح حملة الشهادات الجامعية العلمية والتقنية والفنية، كالأطباء والعلماء والمهندسين والتكنولوجيين والباحثين، ويشمل أيضاً علماء الاقتصاد والرياضيات والاجتماع وعلم النفس والتربية والتعليم والآداب والفنون والزراعة والكيمياء والجيولوجيا وجميع أصحاب المهارات والمواهب، مما يعني أن مفهوم الكفاءة لا يعني فقط أصحاب الشهادات الجامعية بل أيضاً أصحاب المؤهلات والخبرات على اختلاف أنواعها".
أرقام وإحصاءات..
تشير الدراسات المتخصصة أن ما يزيد عن «100.000» مائة ألف من المختصين والمهنيين وعلى رأسهم العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء يهاجرون كل عام من ثمانية أقطار عربية هي لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر وتونس والمغرب والجزائر، وأن 70% من هؤلاء العلماء الذين يسافرون للدول الرأسمالية للتخصص لا يعودون إلى بلدانهم، وأن 50% من الأطباء، و23% من المهندسين، و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا، إذ يساهم الوطن العربي في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية خاصة، وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم، ونتيجة لذلك يشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا نحو 34% من مجموع الأطباء العاملين فيها.
وشهد العراق ما بين ( 1991-1998م ) هجرة (7350) عالماً تركوا بلادهم نتيجة الأحداث السياسية والأمنية وبسبب الحصار الدولي الذي كان مفروضاً على العراق، وتشير هذه التقارير إلى عمل عدد كبير من العقول العربية في اختصاصات حساسة في بلاد الغرب مثل: الجراحات الدقيقة، والطب والهندسة النووية وعلوم الليزر، وعلوم الفضاء وغيرها من الاختصاصات عالية التقنية، وتشير دراسة أعدتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة إلى وجود ( 4102 ) عالم إسلامي في مختلف علوم المعرفة في مؤسسات ومراكز أبحاث غربية.
وفي تقرير آخر أعدته الجامعة العربية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان في حزيران 2009م يتضح أن فرنسا تستقبل 40% من العقول العربية المهاجرة، وأن أمـيركا 23%، وكندا 10%، وتشير دراسات أخرى للجامعة العربية أن الوطن العربي يُسهم بنحو 31% من الكفاءات والعقول المهاجرة، ويذكر التقرير أن الكفاءات العربية المهاجرة إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي تفوق أعداد المهاجرين إليها من الصين والهند.
اضافةتعليق
التعليقات