يظن بعض الناس أن أمر الزواج واستمراره مرهون بعدم وجود المنغصات فيه.. هل تعتقد أيها القاريء لهذه السطور أن هذه النظرة صحيحة وسليمة؟ ألا يمكن أن تكون هذه النظرة مثالية وبعيدة عن الواقع؟.
لا يخفى على أحد أن الزواج كمشروع قائم بين رجل وامرأة.. كلٌّ منهما ابن بيئته ويحمل من العادات والصفات قد لا تلتقي مع عادات الشريك الاخر، هذه الفروقات لا تعني بالتأكيد انهما من كوكبين مختلفين، فهما (الرجل والمرأة) أبناء هذا الزمن ويحملان ملامحه ويتأثران بعاداته وقيمه وأعرافه ولو بنسب متفاوتة.
ومن المؤكد بداية أن الحياة الزوجية تكون في أولى انطلاقتها رحلة مفعمة بالحب والألفة والمودة والرومانسية (كمصطلح حداثوي) هذه الرحلة قد لا تستمر كثيرا بنفس الاندفاع والقوة والشغف، فقد تعتريها المطبات بين الفينة والاخرى، وقد يصيبها داء الملل والروتين، فتُخمد شعلة الحب بينهما، وينطفأ ذلك البريق في عينيهما، مما يؤدي إلى الفتور والجفاف العاطفي.. وهنا لابد من ايقاف عجلة التدهور التي تسير بها حياتهما الزوجية.
فهل يمكن ايقافها؟ وهل هناك خطوات عملية لتفادي الانهيار التام للعلاقة القائمة بينهما؟
الجواب: نعم هناك بعض النصائح في هذا المجال منها:
١/ الابقاء على جذوة الحب مشتعلة بين الزوجين، وذلك من خلال إحداث بعض التغييرات في التعامل الشخصي، والتعاطي مع المشتركات التي تربطهما، فالملل قد يأتي لا محالة لو سُمح له بالمجيء كضيف ثقيل، أما اذا كان الزوجان يدركان ان الملل هو أحد اسباب النفور، فانهما بالتأكيد سيحاولان طرده من حياتهما، من خلال إحداث تغيير في منهجية كل منهما تجاه الاخر، وقد قيل: إن معرفة وتشخيص المرض هو نصف الطريق إلى العلاج.
فإذا رأى أحد الزوجين أن سفينة الزواج تميل نحو ضفاف الملل والروتين، فسيكون من الحكمة أن يبادر لتغيير دفة السفينة باتجاه اخر.. كأن يقترح مثلا الخروج في نزهة نهاية الاسبوع لتجديد الحب، أو اقتراح الذهاب إلى مطعم، وتناول وجبة محببة لكليهما كتناول المشاوي والمقبلات الشامية مثلا!! أو الاحتفال بتأريخ الارتباط الأول بينهما، ومحاولة استذكار أول أيام الخطوبة، وكيف كانت المشاعر مفعمة بالمودة ووو...
إنها مجرد اقتراحات كي لا تصاب علاقتهما الزوجية بالفتور والملل والروتين.
٢/ من أكثر العوامل التي تجدد مشاعر المودة بين الزوجين هو الرضا بالشريك، بكل ما فيه من حسنات ومساوئ، فليس هناك من انسان كامل على الاطلاق، ولابد من التسليم بأن هذا الشريك هو نفسه من حلمنا بالارتباط به.. وهذا التسليم يخلق رضىً داخليا في نفسيهما، مما يحد من المنغصات التي قد تعترض طريقهما، وتذكّر هذه الحقيقة يدفع بهما لمواجهة المشاكل الأسرية المحتملة، وهو أمر وارد لا محالة، ويخطئ من يظن أن هناك أسرة بلا مشاكل، إلا ان الحكمة تقتضي مواجهة المشاكل بالحلول الممكنة، كي لا تُحدث شرخا هائلا بين الزوجين.
٣/ الرضا بالشريك لوحده لا يكفي، لابد من التكيف معه، فهناك من النساء من تعتقد أنه بالإمكان تغيير الزوج أو ترويضه على الاقل، وهذا وهم قاتل ولقد قيل: إن من شب على شيء شاب عليه، وهذه تصدق في كثير من الأحيان، إلا ان الطريق الاقصر لتلافي المنغصات هو محاولة التكيف مع الشريك وليس تغييره من الجذور، ومن الطرق العملية لذلك، هو ابداء الليونة والمرونة في التعامل معه، بل واظهار بعض التنازلات غير المكلفة.
٤/ أن يعرف كل طرف حدود مسؤولياته في الأسرة، وتحمّل المسؤولية سيهوّن الكثير من المنغصات... ولابد للزوجين أن يعرفا أن تحمّل المسؤولية هي أولى خطوات النجاح والسعادة، أما اذا واجها الأمر بلامبالاة فهذا إنذار بدق أول مسمار في نعش حياتهما الزوجية.
فهل ستبحران _ أيها الزوجان _ بسفينة مشروخة وسط أمواج بحر الحياة المتلاطمة؟ أم ستقودان دفة سفينتكما نحو بر الأمان ببراعة وإتقان؟.
اضافةتعليق
التعليقات