هناك صور عديدة لنجاح الأزواج في مجالات عملهم عندما يدعم كل منهما طموحات الآخر.
وليس من الضروري أن يكون كلا الزوجين صاحب مهنة. لكن الأبحاث تشير إلى أنه لو كنت مقترنا بشريك حياتك، فهناك فرصة جيدة للحصول على دخل مزدوج معا.
ومع أن ثمة مزايا في أن يكون لكلا الزوجين مهنة طموحة، تظهر تحديات كبيرة أمام التعامل مع علاقة كهذه تضم مهنتين ناجحتين وطموحتين، خاصة في ظل وجود أطفال.
وفي دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث عام 2015، على سبيل المثال، أوضح الباحثون أن 42 في المئة من الآباء المتزوجين أو الذي يعيشون سويا يقولون إنهم يقضون وقتا قليلا مع شركاء حياتهم .
فكيف يحقق الأزواج الناجحون ذوو الدخل المزدوج التوازن بين حياتهم المهنية وعلاقاتهم العائلية؟
تقول فيليس موين، عالمة الاجتماع في جامعة مينيسوتا التي أجرت مقابلات مع المئات من الأزواج العاملين، إن الأمر يبدأ بفهم أنك عندما تلتزم بشخص طموح لديه مهنة صعبة، فإنك تلتزم بمتطلبات مهنته إضافة إلى مهنتك أيضا.
وتتابع: "من الأشياء التي تعمل على تخفيف الإجهاد لدى الأزواج العاملين هي وجود وظيفة بقدر كبير من المرونة، وعدم العمل لساعات طويلة، إذا أمكن. ولا يتاح هذا دوما".
لكن، هل هناك خطوات عملية يمكنك اتخاذها لمحاكاة نجاح الزوجين اللذين يتمتعان بقوة وإصرار؟
أسلوب "القفزة"
تقول موين إن الالتزام بالمهنتين غالبا ما يعني أن شخصا سيضطر إلى التضحية من أجل الآخر. لكن هذه التضحيات ينبغي أن تكون بالتبادل مع الأخذ في الاعتبار الأهداف طويلة الأمد.
وتقول: "قد يجد البعض أن مهنة واحدة لها الأولوية. وليس بالضرورة أن تكون نفس المهنة طوال الوقت. يمكنك التحول مع مرور الوقت لكي تحظى مهنة الشخص الآخر بالأولوية".
وتضيف أنه من الأسهل إعطاء الأولوية لمهنة شريك حياتك عندما تعلم أنها مؤقتة وسيتم تبادل الأدوار مع مرور الوقت.
يعمل أندرو ألفورد مهندس ديكور في شركة عقارات إي جي كابيتال بارتنرز، حيث يقوم بتصميم خط فنادق جديدة. وهو متزوج من جيفري نوربيرغ، وهي محامية كبيرة في شركة "نيل ومكديفيت" القانونية.
ويقول ألفورد إنه في الأيام الأولى من علاقته في سان فرانسيسكو، كانت العلاقة أحيانا تعد أمرا ثانويا مقابل مهنة نوربيرغ الصعبة.
ويضيف: "في البداية كان علي تقبل أنه لو كان لدينا خطط للعشاء أو خطط سفر، فإنها جميعا ستعتبر مؤقتة لأن الأمور في مهنة في المحاماة يمكن أن تتغير سريعا، أو لأنه قد يتعين على جيف البقاء في المكتب حتى الساعة العاشرة".
ويقول ألفورد إنه بدلا من الشعور بالاستياء، فإن الأمن المالي الذي وفرته مهنة نوربيرغ سمح له بمتابعة حياته المهنية.
ويضيف: "تركت وظيفتي لبدء عملي الخاص، وكانت لدي الحرية لمتابعة مهنتي وتنميتها، وربما تعذر تحقيق ذلك، لو لم نكن معا".
وبعد عدة سنوات، عندما عرض على ألفورد منصب في "إي جي كابيتال بارتنرز"، تقول نوربيرغ إنه لم يتردد في ترك وظيفته والانتقال إلى شيكاغو.
تقول روبرتا نولت، رئيسة شركة "استراتيجيات الحياة المتحدة"، التي تقدم التدريب للمنظمات والأزواج المهنيين: "إن اقتطاع الوقت واعتباره مقدسا للعائلات أمر بالغ الأهمية. وإذا فشل ذلك بسبب العمل، فمن الضروري إعادة توفير ذلك في مناسبة اخرى".
بعض الأزواج، مثل مارك زوكربيرغ وبريسيلا تشان، يعترف بالالتزام بالوقت رسميا. ويقال إنه بين زوكربيرغ وتشان "عقد علاقة" يشمل تخصيص 100 دقيقة أسبوعيا لهما سويا.
ويؤكد أزواج ناجحون آخرون على ضرورة تفوق جودة الوقت على الكم.
يونين ليزكانو وباتريك ريا كلاهما طالب ماجستير في إدارة الأعمال في السنة الثانية. وكلاهما عمل سابقا في مجال الاستشارات.
وتقول ليزكانو إنه مع الكثير من النشاطات الاجتماعية ذات العلاقة بدراساتهما، يمكن أن يكون من الصعب إيجاد الوقت لقضائه معا.
وتضيف: "نحاول إيجاد مواعيد صغيرة ووضع قواعد، مثل، عدم التحدث عن أي شيء مزعج لبعض الوقت".
ويقول ريا إنهما بذلا جهدا واعيا أيضا لفصل ضغوط عمله كمستشار عن علاقتهما.
ويضيف: "إذا كان لدي مشروع سيء في العمل أو نحو ذلك، نحاول ألا نجلبه إلى الوقت المشترك معا. وقد تقول يونين ‘أدرك أنك منزعج، لكن هل يمكننا تفادي التحدث عن الأمر لبعض الوقت.‘ يمكن أن يكون ذلك صعبا ولكنه في نهاية المطاف مفيد جدا".
هناك بعض الأخبار الجيدة. فرغم أن الدراسات تشير بشكل عام إلى أن الأمهات يقمن بإدارة الشؤون المنزلية أكثر من الآباء، يميل الآباء الذين يعملون إلى تقاسم الأعمال المنزلية.
ويقول ألفورد إنه من المهم الاستعانة بمصادر خارجية لإنجاز الأعمال المنزلية عندما يكون ذلك ممكنا كي لا تقع مسؤوليتها على شخص واحد أكثر من الآخر. ويستخدم هو ونوربيرغ، وهما والدان للطفلة كيت التي تبلغ خمسة أعوام، مدبرة منزل.
ويقول: "كلانا وصل الحد الأقصى من حيث الطاقة اللازمة لحياتنا المهنية. وأعتقد أنه من المهم أن ندرك أنه لدى حدوث ذلك، وبدلا من تحميل كل منا مسؤوليات أكبر للآخر، ينبغي علينا التفكير في الحصول على مساعدة".
بذل الجهد لتحقيق المرونة
لكن النصيحة الأهم التي يحصل عليها الجميع هي أنه يجب التحلي بالمرونة، وهو ما قد يكون صعبا بشكل خاص للأزواج الطموحين.
وتقول المدربة نولت: "من المهم أن تكون هناك تواصل منتظم حول الخطط للتعامل مع المسؤوليات المختلفة. لكن الحقيقة هي أن ما تقرر أو تخطط له لا يهم دائما، فالأمور لا تسير دوما بالطريقة التي تتوقع."
وتشير إلى أن الأزواج من أصحاب النجاح والطموح في كثير من الأحيان ينظرون في خيارات لا ينظر فيها أزواج آخرون، مثل العيش بعيدا عن بعضهم البعض، وكثرة التنقل.
وتقول نوربيرغ: "علينا أن نفكر أيضا فيما سيحدث قبل حدوثه. ما هي الخطوة الثانية، أو الثالثة بعد هذا القرار، وما الذي سنفعله إذا حدث شيء مخالف لتوقعاتنا. هذه الأمور شراكة بيننا، وليس بالضرورة أن يكون لك أدوار معينة؛ فأنت تقفز إلى كل ما هو ضروري لدفع الأمور إلى الأمام. وإذا كنتما تحبان بعضكما بعضا، سيتدفق النجاح من ذلك".
ويقول ألفورد إن العائد يستحق التضحية، ويضيف: "مهنة كل منا ممتعة مختلفة، ومتغيرة دوما. لدينا دائما موضوع نتحدث عنه، حسب بي بي سي.
اضافةتعليق
التعليقات