بقربه ترتاح النفوس وتزال الهموم و يفرّج عن كل ضيق، إليه يلجأ الحيارى و منه يطلب المريض الشفاء..
إنه مؤنس الغريب، ضامن الجنان السلطان علي بن موسى الرضا (عليه السلام)..
الذي قال بحقه إمامنا الجواد (عليه السلام): "إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار".
أي عظيم هو إذ بزيارته تضمن الجنة و تكشف الكربة و ترتاح النفس..
مهما نكتب و نقول فلن نستطيع تبيان معشار من حقه وعظمته..
يكفي انه انيس لكل النفوس، وامّا معنى اﻷنس فهو الراحة وسكينة النفس،
يقال أنُسَ يأنَس، أُنساً، فهو أنيس،
والمفعول مأنوس به،
أنَس به أي سكن إليه، و ذهبت به وحشته،
ألِفه وارتاح إليه،
أنَس به؛ فرح و سعِد به.
ولادته المباركة
قد بشّر به صلوات الله عليه حتى قبل ولادته،
كان اﻹمام الكاظم (عليه السلام) يقول لبنيه: "هذا أخوكم علي الرضا عالم آل محمد (ص) فاسألوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم فإني سمعت أبي جعفر بن محمد غير مرة يقول لي: إن عالم آل محمد لفي صلبك و ليتني أدركته فإنه سمي أمير المؤمنين علي".
و أيضا قالت امرأة نصرانية عندما رأت السيدة نجمة (أم اﻹمام الرضا): إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل اﻷرض فلا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما يدين له شرق اﻷرض و غربها، فولد الرضا عليه السلام.
وبعد تلك البشارات حملت السيدة نجمة (عليها السلام).
تقول السيدة الجليلة: "لما حملت بابني علي لم اشعر بثقل الحمل وكنت اسمع في منامي تسبيحا وتهليلا و تمجيدا من بطني فيفزعني ذلك فإذا انتبهت لم اسمع شيئا فلما وضعته وقع على اﻷرض واضعا يده على اﻷرض رافعا رأسه إلى السماء يحرك شفتيه.
مشكلة الواقفية
من المسائل المهمة التي عاصرها إمامنا الرضا (عليه السلام) هي الوقف، فإن جماعة من الشيعة وأصحاب الامام الكاظم (عليه السلام) اعتقدوا إن اﻹمام الكاظم لم يمت و إنما غاب وسيعود بعد حين فأطلق على هؤلاء تسمية (الواقفية) ﻷنهم توقفوا على إمامة الكاظم (عليه السلام) و رفضوا إمامة الرضا (عليه السلام)، وأصبحت هذه المجموعة على مر اﻷيام تيارا كبيرا و أحدثوا شرخا في اﻷمة الاسلامية وكان بيد رؤسائهم أموالا طائلة كانت لﻹمام الكاظم (عليه السلام) فرفضوا أن يدفعوها لﻹمام الرضا (عليه السلام) تحت ذريعة الغيبة و أن الكاظم سيعود.
فواجه مولانا الرضا هذا الخط واعتبرهم خارجين عن الاسلام وحذر الشيعة من التعامل والتفاعل مع هؤلاء المنحرفين، ﻷن الشيعة اﻹمامية تعتقد باثني عشر إماما و لا يمكن اﻹيمان ببعضهم و رفض البعض اﻵخر بل إن إنكار واحد من اﻷئمة يعد خروجا عن المذهب المقدس.
إن من أهم اﻷمور التي فعلها اﻹمام الرضا (عليه السلام) هو مواجهة السلطة مواجهة جذرية، فكان يعلن في المدينة انه الامام المفترض الطاعة وأنه أحق بالحكم والخلافة من بني العباس.
وقد امتاز إمامنا الرضا بأن التف حوله الموافق والمخالف و رضي به جميع المسلمين ولذلك لقب ب (الرضا والرضي) فكان أمر إمامته في تصاعد خصوصا وأنه كان مستجاب الدعوة عارف عالم كريم حليم...
لماذا قبل اﻹمام ولاية العهد ؟!
نلخص الاسباب في نقاط:
- أنه كان مكرها عليها.
- أنه عليه السلام رأى فيها نوع من مصلحة للمسلمين كما عمل النبي يوسف مع فرعون عصره.
- من خلال هذا المنصب المهم سيتعرف عليه كبار رجال الدولة وعلماء البلاد مما يعزز موقعه أكثر فأكثر..
وقد سئل (عليه السلام) عن قبوله لولاية العهد في ذلك الزمان فأجاب:
"قد علم الله كراهتي لذلك، فما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا و رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له: (اجعلني على خزائن اﻷرض إني حفيظ عليم)، و دفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه و إجبار بعد اﻹشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا اﻷمر إلا دخول الخارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان".
أنـا لسـتُ أطلـبُ مِنـكَ مَـولايَ الرِّضـا
غيـرَ الـرِّضَـا أيخـيـبُ مَهـمُـومٌ دعَــاكْ
عِنـدي ذُنـوبٌ أثقـلَـتْ ظـهـري وَفــي
قلبـي سَــوادٌ لـيـسَ يجـلُـوهُ سِــواكْ
أو َلَـسـت مَــنْ ضَـمـنَ الـغَـزالَ بـرأفـة
يومَ استَجارتْ يابنْ مُوسى في حِماك
إنْ لــم أكــنْ لـرِضـاكَ أهْــلاً سـيِّـدي
فبِحـقِّ أختِـكَ فاطـمٍ هَبـنـي رِضَــاكْ
السلام عليك يا مولاي يابن الطيبين الاطهار
السلام عليك أيها الرضا الرضي.
اضافةتعليق
التعليقات