على وجه هذا الكوكب تقطنين يا حواء الجميلة؛ تملئين المكان بالعطف والحنان وتنشرين السعادة والحُب والامان ما دمتِ مرتاحة البال نقية السريرة محفوفة بالاهتمام والرضا، تبذلين اقصى ما لديك من طاقة لتمنحي من تحبين ما يتمنى ويرغب، كُلٍ حسب قربه اليكِ ومكانته لديكِ..
وما ان ينشب الخلاف، يُزعزع عرش المحبة والإتلاف! وقد يبدأ بحجم حصاة صغيرة، لكنه يكبر لديكِ تدريجياً ليصبح جبلاً من الحصى! ويعود ذلك لكونكِ رقيقة جداً وعاطفية، يُكسر قلبكِ بكلمة واحدة تجرح المشاعر، ولكنه قد لا يُجبر بما يحويه الكون من جميل الكلمات! فكيف لو جوبهت بالإهمال أو الغدر أو الاعظم من ذلك كالخيانة؟!
مما لا شك فيه بأنكِ كباقي الخلق، حينما تُقهرين قد لا تَكُنين وتهدأين بسهولة، ولن يشفي غليلكِ سوى الإنتقام!.
الانتقام أو الثأر، هو عمل ضار ضد شخص أو مجموعة ما، استجابة لمظلمة حقيقية أو متصورة، الرغبة في الانتقام شعور مشترك في كل البشر، فالجميع يأتي عليهم الوقت ويرغبون في الانتقام، على الرغم من أن العديد من جوانب الانتقام تتفق مع مفهوم العدالة، فإن الانتقام يعني ضمناً التركيز على إحداث مزيد من الضرر والعقاب في مقابل عقاب متصالح ومتناغم.
ومن مسبباته، الشعور بالظلم، اغتصاب الحقوق، الغيرة، الكرامة، الشعور بالألم، وهناك نوع آخر يسبب الشعور بالراحة!.
ربما يكون هذا النوع غريب ولكن هذه الرغبة بالانتقام تكون مليئة بالالم وعند القيام بها، تأتي الراحة وقد تكون غير دائمة، وربما هذا النوع من الانتقام يتحول احياناً الى مرض نفسي(١)، عفانا وعفاكم الله..
عزيزتي حواء.. ربما تكون الحياة اليوم بالنسبة لكِ اشبه بساحة حرب! وقد ترين فيها بأنكِ انثى مستهدفة من قبل آدم مثلاً، لكونكِ ضعيفة، ولازلتِ تفتقرين لإمتلاك حقوقكِ الكاملة في المجتمع!
وقد تكونين أيضاً مُعرضة للأذى من قِبل من يُنافسنكِ من بنات جِنسك! وعلى ضوء ذلك تعمدين على تجنيد نفسُكِ ضد الجميع، لتكونين على اهبة الاستعداد، وترهقينها بالتفكير ملياً بما يوجه لكِ من قول أو فعل.!
ولكن ما لا تعرفينه على الاغلب بأن الحروب لا تخاض بشكل هجومي دائماً، فهناك سياسات تجنبكِ الخسائر التي ربما تكون فادحة على المدى البعيد، وتبعث فيما بعد على الندم والألم..!
فما بالُكِ إن كَرهتِ، تدعين إبليس يستحكم عقلك ويسيطر على تفكيرك لتتخذي "اعنف" الوسائل للانتقام! بينما تستطيعين الانتقام برُقي ودون أن تؤذي نفسك ومَن حولكِ، كما وتصبحين محط الإهتمام والإعجاب! فأنا اكيدة بأنكِ تستطيعين تحويل الجحيم الى جنة إذا اردتِ ذلك فعلاً..!
الغالية حواء.. عند تملككِ الشعور بالإنتقام، تسلحي بذكائك وحسن تدبيرِك، والأهم من ذلك إيمانك القوي بطهارة وصدق نواياكِ وجهدك المبذول الذي قد صار وذهب في مهب الريح، بأن كل فلاح لن يذهب سداً، تستطيعين جني الثمار، إن واضبتِ على دراسة القضية بصورة صحيحة ولخصتِ الاسباب والمعطيات، قرري عدم الإستسلام وباشري ادارة المواجهة للتحول صوب التفكير في كيفية استعادة ما فقدتِ بطريقة "سلمية"، فكل الدوافع التي تأخذكِ نحو "العنف" في الانتقام لا مبرر لها سوى امرين، اولهما الجهل، وآخرهما اختيارك لهذه الطريقة السريعة التي تشفي الغليل في الحين، بيد إن المثل يقول: في العجلة الندامة وفي التأني السلامة.
إن الغضب سلطان متحاذق، إياكِ ان تخضعي لحكمه الآني المؤقت نسبةً للحدث، لأنك بذلك ستكونين احدى رعاياه دون شعور ولوقت ربما يطول وتطول معه معاناتك، فالغضب من شأنه ان يولد التفكير في الإنتقام "بعنف" نتيجة للشعور بالكره والحقد والضغينة وهذه المشاعر السلبية ان طال بقاؤها ستنغص عليكِ حياتكِ، وتسبب اضراراً صحية كأمراض القلب والشرايين وضغط الدم، عليكِ التخلص منها لأجلكِ انتِ..
يقول جيمس آلان (أنت اليوم حيث اوصلتك افكارك، وستكون غداً حيث تأخذك افكارك). فإن التحدث للذات بطريقة سلبية يبرمج العقل بإشارات سلبية تستقر وترسخ في العقل الباطن وتصبح عادات! بيد ان هناك قول لمرايان ويليامسون (في إستطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة حاضرنا).
إذن عليكِ بالتريث وحاولي أن تهدئي قدر الإمكان وإنكفئي في بيداء العزلة لوقت معين، تستعيدين فيه انفاسك وتحشدين قواكِ الخارقة في التغلب على من اصبح عدوكِ بطريقة ذكية و"ممتعة"..
كيف يكون ذلك؟
عليكِ ان تسامحي نفسكِ اولاً، والآخرين ثانياً، لتنعمين في الحياة برضاكِ عن نفسكِ في الدنيا وتكسبين رضا الله في الآخرة، واتركي الحكم والقصاص للعادل الذي لايظلم. قال تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} سورة فصلت الآيتان (٣٤-٣٥).
ثالثاً: عليكِ ان تجعلي الانتقام وسيلة من وسائل المتعة والسعادة، فبعد أن تسألي الله وتشكيه ظُلمكِ، كل ما عليكِ فعله هو الإهتمام بنفسكِ اكثر، من الآن فصاعداً انتِ صاحبة الأولوية، فبعد ان تنتهي من واجباتكِ، اذهبي لمركز تجميل قريب بغية الاطلاع على ما ينقصك من ادواتٍ تضيف على جمالك سحراً، وما يلزمكِ لتكوني بأبهى طلة وبهذا التغيير الجذري ستشعرين بالراحة والثقة بالنفس وترين نفسكِ وانتِ أميرة على عرش النساء..
رابعاً: تجاهلي خصومكِ قدر الإمكان وتعاملي معهم برسمية ولباقة وأنتِ بقمة الأخلاق والمنطق اللطيف، وبادري بمساعدتهم إن لزم الأمر ولو بصورة سطحية، لا تجعليهم يسخرون منكِ، ولا تنحدري لمستواهم فبذلك ستزداد وتيرة الانتقام ولن تنتهي ابداً..!
كوني فخورة بنفسكِ، وإقتليهم بطيبتكِ وعطفكِ، حينها ستلاحظين خنوعهم تدريجياً وكم الخجل والاستياء الذي سينتابهم وحتماً سيندمون!..
وأهم ما يجب عليكِ فهمه هو إنكِ مسؤولة عن فساد العلاقات واصلاحها في المجتمع كونكِ المربية الأولى ونقطة البداية..
وأخيراً إستمتعي بالحياة، وإنتقمي من قال لكِ لا؟!
ولكن ما أجملكِ وانتِ تنتقمين برقة وغنج! نعم يا حواء.. انتقمي بلُطف، سأضمن لكِ النصر بأقل الخسائر!.
اضافةتعليق
التعليقات