المرأة نصف المجتمع فهي تعد المربية الأولى للطفل ولم تعد تنحصر واجباتها في التربية وشؤون المنزل فحسب بل أصبحت تشاطر الرجل في كل الأمور الحياتية حتى في مجال العمل، وبدون شك ان الأزمة المالية التي نمر بها لها تأثير مباشر على الجميع، فنرى بعض النساء أكثر تأثيرا بها، فعندما تحدث أزمات مالية، يحدث تغيير مادي على دخل الأسرة تتأثر به الأسرة تلقائيا مما ينعكس على الترابط الأسري فتنهال المشاكل خاصة إذا كانت الزوجة من النوع الذي لا يقدر المسؤولية، وأن كل ما يهمها الحصول على الأموال بأي وسيلة.
(بشرى حياة) سلطت الضوء على دور المرأة في المجتمع في ظل هذه التغيرات وتأثير الحرب على دورها على جميع المستويات، سواء في تقاسم المسؤولية مع الرجل، في تربية الأبناء، أو مصروف البيت، وهل اختلفت نظرتها للرجل في عصر الأزمة المالية.
إدارة البيت
تقول أم ياقوت/ ربة منزل: إن الأزمة المادية لم تخلق مشاكل بيني وبين زوجي على العكس فقط استطعت أن اثبت له إني جديرة بأن يوكل لي مسؤوليات البيت من مصاريف وغيرها حتى انه أصبح يثق بقدراتي على إدارة البيت من خلال المصروف واستطعت ادخار بعض الأموال التي ساعدتنا في البدء بتشييد الجزء الأول من بيتنا، كوننا نسكن في (الإيجار)، حتى إني أصبحت اعمل في البيت لأتمكن من توفير احتياجاتي الخاصة أنا وبناتي لأرفع عن كاهله جزء بسيط من المسؤولية.
فيما قال مهند سلام/ موظف: إن الكلام لا ينحصر فحسب على الحرب بل هناك زوجات متسلطات بطبيعتهن خصوصا ان كانت هي من تنفق على البيت وزوجها عاطل وهنا تجد التأثر من قبل الفتيات بأمهن ومحق شخصية الأب فاختلاف الأدوار يكون سببا كبيرا في تفكك الأسرة، بينما تجد البعض من النسوة تتحمل تغيرات زوجها إن كانت صحية أو مادية خصوصا فيما نواكبه من حروب داخلية.
"إن زوجتي تخلت عني حينما فقدت ذراعاي" قالها في ألم يفيض من كلماته التي أطلقها نادما، الشاب علي جابر لم يتجاوز عمره السابعة والعشرين، يقول: تزوجت قبل عامين، لم تكن زوجتي راضية عن دخلي البسيط حيث اعمل بائع متجول لملابس الأطفال وأصرت أن التحق بالجيش لتحسين مستوانا المعيشي، استجبت لرغبتها بعد إلحاحها المستمر وتهديدي بترك البيت واخذ ابنتي رغم أني أحب الحياة المدنية وعملي، لم تنقضِ شهور حتى خسرت ذراعاي في انفجار عبوة، لم تتقبل شكلي الجديد وبأنها ليست مجبرة ان تعيش مع زوج معاق ترعاه بقية عمرها وتدفن معه شبابها فطلبت الطلاق وتركت حتى ابنتها.
ومن جهته قال المحامي مسلم عواد: هناك نساء حفرن في الصخر من أجل الحياة ومن أجل الوطن والأسرة، وقد شهد العالم أجمع على دور المرأة العراقية في صمودها وتحملها مهانة لقمة العيش في ظل الأوضاع التي عصفت بالمجتمع العراقي من ثورات الحروب، وتركن بصمات واضحة في تحملهن مشقة العيش، والحرمان والصبر على ما أصابهن من آلام وأحزان جعلت منهن أسطورة، فهناك أمهات وزوجات قدمت أولادهن قربانا لأجل الوطن وتقدم المجتمع.
فيما قالت أم هبة التي تعمل محاسبة والتي تحملت أعباء المسؤولية الكاملة في بيتها بعد إصابة زوجها بمرض عضال حال دون عمله، فهي تعمل في الصباح وتعود إلى البيت وتواصل عملها كأي ربة بيت بالإضافة إلى رعاية أبنائها الذي يصغرهم يوسف الطالب في الرابع الابتدائي، أم هبة لم تشتكِ أبدا ولكنها سعيدة بنضالها من اجل الأسرة السعيدة التي تحاول دائما إدخال البسمة والسرور على شفاههم.
لم تختلف عنها أم قيصر التي استشهد زوجها تاركا خلفه أربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز الخمسة عشر ربيعا، وبيت لم يكتمل بناؤه سوى غرفة وحمام ومطبخ صغير، فاستفادت من منحة الشهداء وأكملت بناء بيتها وعن استشهاد زوجها تقول أم قيصر: لقد عشت أصعب أيام حياتي بعد المرحوم وبصراحة مر علينا أكثر من سنة ولم نعرف طعم اللحم ولا السمك، سوى ما قسمه لنا الله من مساعدات أهل الخير، وبعد أن استلمت مبلغ الاستحقاق لزوجي الشهيد، حرمته على نفسي وأنفقته على أولادي وبناء البيت، وبفضل الله قد تجاوزت تلك الأيام العصيبة.
وتضيف الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي رأيها حيث قالت:
في المجتمع الشرقي الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن مصاريف البيت والزوجة، في مفهومه القديم أنها لا تتجاوز حدود ربة البيت، ولكن بعد الانفتاح الكبير الذي طرأ على المجتمعات العربية وتأثرهم بالأفكار التحررية التي دعا لها عدد من المفكرين والظروف التي نواكبها لها الدور الأساسي جعل من المرأة تخرج من ذلك الإطار لتتعايش بواقع مختلف وهو ليس بسيء إذا كان ضمن الإطار الشرعي والأخلاقي.
حيث نرى ان الرجل أصبح أكثر تفهما لاقتحام المرأة مجال العمل، وعند البعض الآخر أصبح خروج المرأة للعمل حاجة ضرورية وملحة لبناء اجتماعي سليم أساسه التكامل الاجتماعي الاقتصادي لتوفير المناخ السليم لتربية الأولاد ومراعاة متطلباتهم واحتياجاتهم المتزايدة.
فهناك نساء حفروا أسماءهن على جدران القلوب من تضحيات ومساندة لزوجها أو ما تقدمه لبلدها أو حتى لذويها وتجد أخريات استبدلوا أزواجهن من اجل المادة وقد شاع مؤخرا ظاهرة الطلاق التي تتزايد بشكل يفوق الخيال تحت ذريعة وأسباب لا تستحق الذكر والتي أدت لانهيار ملحوظ في التفكك الاجتماعي والأسري مما يجعل البعض يرى من الصعب الاقتران بزوجة صالحة تحمل مسؤولية تكوين أسرة وإدارة بيت.
اضافةتعليق
التعليقات