أيّها الموت مهلاً..
في زمن الحصاد لم تينع بعدُ ورودنا.. ولم تتفتق الزهور عن أكمامها، فلا تعجل علينا أرجوك تمّهل..
هنا من لم يُسعف الوقت لعناقهم بعد، ولم ترتوِ الحنايا من محيّاهم، وهناك مواعيد للّقيا لم يحن بعدُ أوانها، وما دقّت بعدُ ساعة وصالها...
فلا تعجل _ أيّها الموت _علينا بالفراق، فما أولهنا إلى ضمٍّ وعناق؟
دعنا نلتقيهم ثانية، لنعبر مسافات الوجع، ولنرمّم كلّ أخطائنا.. لقد عشنا حياة بصحبتهم نقشت في صفحة الأيام ذكريات لن تُمحى، سننسلخ من ذاك الحزن القابع في أعماقنا لسنوات طوال..
سنخرج من عباءته لنرتدي ثوبا آخر نسجناه بخيوط الحب والشوق واللهفة والأمل... سنحتفل سوية بتجاوزنا عن كل الهفوات التي اعترضت صحبتنا وتبدّدت..
سنقرّر أن نرمي كلّ أسمال الحزن المهترئة في حاوية النسيان، وأن ننزع عن أجسادنا ثيابها السوداء ونلقيها بعيدا بعيدا.. فهناك في الأفق متسعا لعالم نيوتن وألوان طيفه المفرحة.
سنتحرر من صمتنا القاتل والذي ٱحترفناه سوية، وننطلق مهرولين نحو صخب الحياة وعنفوانها المتصاعد.
ليس عيبا أن نكسر مرايانا التي إعتدنا أن نرى وجوهنا فيها .ل كنّ العيب أن نظل بذات الوجوه الجامدة، الآيلة نحو التلاشي وٱنطفاء النور.
ولكي لا تظل اللوعة تصّدع أرواحنا وتكسّر قلوبنا.. دعنا هنيهة نفتح ذراعينا لمن في الحشا مسكنهم، لنملأ صدورنا بنسمات عطرهم، ولتتدثر أضلاعنا بحرارة أنفاسهم..
فلقد آن أوان الرحيل؛ ومرافىء أيامنا موحشة؛ أطفأ منائرها غراب الليل بمنقاره الطويل.
اضافةتعليق
التعليقات