قد تدخل غرفتك للتو ولا يمكنك تذكر ما أتيت من أجله، أو تضع فنجان القهوة الخاصة بك في مكان ما من المنزل وتنسى أين بالضبط، أو تنسى آخر مكان تركت فيه هاتفك، ولكن متى يعتبر النسيان بكثرة أمرا طبيعيا؟ وما هي العلامات الفارقة التي تنذر بوجود مشكلة؟
يقول سكوت نوردا، طبيب الأسرة وخبير الصحة العقلية في سانت جورج، في تقرير لموقع "ليف سترونغ" live strong الأميركي "يعد فقدان الذاكرة إلى حد ما أمرا طبيعيا في مجتمعنا. فمع زيادة المسؤوليات وارتفاع مستويات التوتر، نميل إلى إهمال صحتنا العقلية".
وحسب نوردا تشمل العلامات التحذيرية التي يجب بعدها استشارة طبيب:
الظهور المفاجئ لمشاكل الذاكرة
أي أعراض للعدوى (حمى، قشعريرة، غثيان، قيء)
صدمة في الرأس
وهذا يؤكد أنه إذا نسيت سبب ذهابك إلى المتجر أو كيفية العودة إلى المنزل، فهذا يبعث على القلق.
وفي تقريرها الذي نشره موقع "ليف سترونغ" الأميركي، تطرقت جيسيكا ميغالا إلى العوامل التي تسبب مشكلة النسيان بكثرة.
التوتر المفرط
عندما ينتقل عقلك من التفكير في شيء إلى آخر، يكون من الصعب حقا التركيز. وحسب الدكتور نوردا "حتى تتعلم شيئًا ما وتتذكره حقًا، عليك أن تركز الانتباه عليه" ولكن العقل المشتت يمكن أن يؤثر على هذه العملية.
فيؤدي ارتفاع مستوى الكورتيزول Cortisol بشكل مزمن (المعروف بهرمون التوتر) إلى دخول عقلك في وضع البقاء على قيد الحياة، وهو ما يحول دون تمكن دماغك من تخزين معلومات جديدة. بهذه الحالة، ينصح نوردا بالبحث عن نشاط واحد تستمتع به حقا وتفعله كل يوم لتخفيف التوتر، مثل التمرين أو الخروج إلى الطبيعة أو قراءة كتاب.
لا تنام بما فيه الكفاية
إن فوائد النوم تتجاوز أكثر من مجرد مساعدتك على الشعور باليقظة والنشاط والحيوية في اليوم التالي. في الواقع، يلعب النوم دورا رئيسيًا في تقوية الذاكرة، وبالتحديد تحويل الذكريات قصيرة المدى إلى ذكريات طويلة المدى.
وفي دراسة نُشرت عام 2014 في مجلة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة (Journal of the American Geriatrics Society) كان لدى النساء الأكبر سنًا اللاتي ينمن 5 ساعات أو أقل أو أكثر من 9 ساعات في اليوم مستوى إدراك أسوأ مقارنة بمن يحصلن على 7 ساعات من النوم.
أنت مكتئب
وفقًا لدراسة نُشرت عام 2018 في مجلة "الطب النفسي" (Psychological Medicine) يعاني المصابون بالاكتئاب من تدهور الذاكرة وصعوبة تذكر المعلومات، ويرجع ذلك على الأرجح إلى زيادة الكورتيزول المصاحب للاكتئاب.
يعود الدكتور نوردا فيقول "ربما يكون الاكتئاب هو الشيء الأكثر شيوعا الذي يتداخل مع ضعف الإدراك. عندما لا تتمكن من التفكير في أي شيء إلى جانب المعاناة من الاكتئاب، يمكن أن تتأثر ذاكرتك".
ووفقا للمعهد الوطني للصحة العقلية، تشمل الأعراض الأخرى للاكتئاب الشعور بالحزن أو القلق أو "الفراغ" معظم الوقت، وقلة الطاقة أو الشعور بالتعب، والشعور باليأس أو العجز، وصعوبة النوم، وتغيرات في الوزن والشهية، أو التفكير في الموت أو الانتحار.
الإصابة بعدوى
يقول الدكتور نوردا إن التهاب السحايا والتهاب المفاصل المزمن والتهابات المسالك البولية يمكن تسبب إلى حد ما مشاكل في الذاكرة وضبابية الدماغ. وإذا كانت لديك أعراض مرضيّة أخرى، مثل الحمى أو القشعريرة أو الغثيان أو القيء أو الحرقة أو كثرة التبول، فاستشر طبيبا على الفور.
مشاكل الغدة الدرقية
تقع الغدة الدرقية في قاعدة العنق، وتنتج هرمونات تتحكم في عدد كبير من العمليات الحيوية في الجسم، بما في ذلك عملية التمثيل الغذائي. وإذا تباطأت وظيفة الغدة الدرقية في حالة "قصور الغدة الدرقية" فإن ذلك يؤثر أيضًا على وظائف دماغك.
ويمكن لقصور الغدة الدرقية أن يحدث بسبب أمراض المناعة الذاتية التي تهاجم الغدة، أو بسبب بعض الأدوية (مثل الليثيوم) أو تلف الغدة النخامية.
نقص في المغذيات
يقول الدكتور نوردا إن أي نوع من أنواع فقر الدم، مثل نقص الحديد أو فيتامين بي 12 B12، قد يسبب ضبابية الدماغ (تشويش التفكير وتشتت) ومشكلة النسيان. وقد توصلت دراسة نُشرت عام 2020 في مجلة "الطب" (Medicine) أجريت على كبار السن إلى أن الذين لديهم مستويات كافية من الفيتامين بي 12 كان أداؤهم أفضل في اختبارات الذاكرة وغيرها من الاختبارات المعرفية.
أخيرا: أظهرت الأبحاث السابقة في "المجلة الأميركية للتغذية السريرية" (The American Journal of Clinical Nutrition) أن الشابات اللاتي تعانين من نقص في الحديد سجلن نتائج أسوأ في المهام الإدراكية مقارنة بمن لديهن مستويات كافية من المغذيات، لكن مكملات الحديد عززت أداءهن المعرفي. حسب الجزيرة
لهذه الأسباب يعاني كبار السن من النسيان وضعف الذاكرة!
في سياق متصل، نعلم أن التمتع بذاكرة قوية قادرة على تخزين كم كبير من المعلومات لفترات زمنية طويلة والحفاظ على التفاصيل ليس في متناول الجميع، خصوصاً كبار السن، بيد أن العلماء يرجعون ذلك إلى أسباب قد تساعدنا على مكافحتها في المستقبل.
يعتقد الخبراء أن أدمغة البالغين الأكبر سناً ربما تنسى بسبب فقدان إيقاع النوم خلال الليل، حين لا تتمكن أدمغتهم من تنسيق الموجات الدماغية الضرورية للحفاظ على معلومات جديدة بشكل جيد، وفق ما أشارت إليه المجلة العلمية المتخصصة "ساينس".
وقال مات ووكر، أستاذ علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، إن دماغ الأشخاص الطاعنين في السن يبدو غير قادر على مزامنة موجات الدماغ بشكل فعال. حيث أوضحت دراسة أن هذا الأمر قد يجيب عن سؤال يطرح من زمن طويل ويتعلق بكيفية تأثير الشيخوخة على الذاكرة، وحتى على الأشخاص الذين لا يعانون من مرض الزهايمر أو أمراض دماغ أخرى.
واعتمدت النتائج على تجربة أجريت على 20 شخصاً طاعناً في السن، إذ طُلب منهم تعلم 120 زوجاً من الكلمات وثبتت على رؤوسهم خلال النوم أقطاب كهربائية. وأفادت الدراسة أن الأقطاب الكهربائية سمحت للعلماء بمراقبة الموجات الكهربائية التي ينتجها الدماغ أثناء النوم العميق. كما تم التركيز على التفاعل بين الموجات البطيئة، التي تحدث كل ثانية، وموجات أسرع تسمى المغزل النومي، والتي تحدث أكثر من 12 مرة في الثانية.
وأجرى المشاركون في الدراسة صبيحة اليوم التالي اختباراً لمعرفة عدد أزواج الكلمات التي لا زالوا يتذكرونها. ولاحظ العلماء أن أداءهم تم تحديده من خلال مدى تزامن موجاتهم البطيئة والمغزل النومي خلال النوم.
كما اعتمد الخبراء أيضاً على تجربة ثانية شملت 32 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 60 و70 عاماً وخلصت إلى نفس النتيجة، بمعنى أن موجاتهم الدماغية كانت أقل تزامناً أثناء النوم، بالإضافة إلى أنهم تذكروا كلمات قليلة في صباح اليوم الذي تلا التجربة.
من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أنها وجدت سبباً لعدم التنسيق بين الموجات الدماغية للأشخاص الطاعنين في السن. ويتعلق الأمر بضمور منطقة في الدماغ تساعد على النوم العميق. وكلما عانى الأشخاص من ضمور في الدماغ، كلما فقدوا إيقاع النوم أكثر.
وأشار موقع "إن بي آر" الإخباري الأمريكي نقلاً عن ووكر قوله إن هذا الأمر مثير للإحباط، لأن ضمور منطقة في الدماغ هو نتيجة طبيعية للشيخوخة، مضيفاً أن الأمر يمكن أن يكون أسوأ بكثير للأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر. بيد أن الدراسة تشير إلى أنه يمكن تحسين الذاكرة الضعيفة من خلال إعادة تزامن إيقاعات الدماغ أثناء النوم، وذلك بالاعتماد على نبضات مغناطيسية أو كهربائية توضع في فروة الرأس، مما يعزز موجات الدماغ وتزامنها مجدداً. حسب dw
اضافةتعليق
التعليقات