غمرتها سعادة لا توصف بعد تعيينها في مكان كانت ترغب العمل فيه بعد تخرجها من المعهد الطبي، بعد ان باشرت العمل في المستشفى لتبدأ مرحلة الحياة العملية استقبلت عملها بنشاط وابتسامة دائمة حتى صار الجميع يرغب بوجودها في ذلك المكان، شخصيتها المرحة والكفوءة والانسانية التي تمتلكها جعلها متميزة عن قريناتها، استمرت على هذا الحال حتى صار المرضى لايرغبون بالعلاج الا اذا كان من يدها، استطاعت ان تكسب الجميع بأخلاقها بالاضافة الى عملها المتميز واهتمامها بالمريض ومراعاته.
هنا أشعلت نيران الغضب بقلوب بعض زميلاتها اللاتي معها في العمل حتى اصبح الجميع يرى نجاحها ولا يرغب بغيرها، لم يحتملن ذلك قامن بحياكة مؤامرة ضدها لايقاعها في فخ، فأصبحت تتشاجر مع مسؤولها والجميع حتى قرروا نقلها بعقوبة لتجاوزها وسوء معاملتها مع زملائها في العمل لتذهب مغصوبة الى مكان لا تستطيع العمل فيه وبعيداً عن منطقتها ولاتعرف احد فيه.
أصبحت ترى جشاعة أولئك المنافقين في كل من يعمل في هذا المجال، فبدأت تعمل دون رغبة منها ولا تهتم لامر تفعله رغم ان تعاملها مع روح الانسان، وفي مكان عملها الجديد عاد لها البؤس ليقضي على رغبتها في العمل بشكل تام، عندما ادرج اسمها في قرعة الدوام المسائي الإجباري الذي اختير اسمها وكانت أسبقهم بالاختيار فقبلت مجبورة لانه لابد من إطاعة القوانين، وفي احد الخفارات المسائية كانت متعبة جدا و غير راغبة في العمل فأجبرت على الاستمرار وذلك لنقص الكادر المسائي في ذلك المكان، حتى جاء ذلك الطفل المسكين الذي لم يبلغ عمره سوى 6 شهور فقامت بوضع (كانيولا) له دون مراعاة انه طفل ومريض ويحتاج عناية اكثر وتركيز ورعاية، لم تنتبه ان غرزتها في الأنسجة بدل الوريد وأخذت تقدم له العلاج غير مكترثة لما يحصل له ولا مهتمة بحياته التي قضت عليها دون ادراكها لذلك، بعد مرور يوم كامل من اعطائه العلاج بدت يده تتورم، ظنوا انها مسألة بسيطة وبسبب العلاج ولم يأبه احد لذلك ثم ازدادت بالورم حتى تغير لونها وأصبحت زرقاء مائلة الى اللون الأسود، اخذوه الى طبيب اخر استطاع ان يشخص حالته الصحية وينقذ حياة الطفل، فقرر بتر ذراعه لان الخلايا والأنسجة قد تلفت وتآكلت، بعدها عاش الطفل بيد واحدة لان الاخرى قد اصابها إهمال الإنسانية التي قضوا عليها بقوانينهم الزائفة ونفاقهم القاتل..
من الطبيعي والشائع جدا ان الأطفال غالباً مايتعرضون لمعظم الأمراض التي تشكل خطراً في بعض الأحيان على حياتهم وتهدد صحتهم وبعضها تكون بسيطة لكنها تقابل بالإهمال من قبل الأهالي او من قبل المستشفيات التي يتوجهون اليها في حالة المرض مما يؤدي ذلك الى خلق مشكلة كبيرة وفي بعض الأحيان نفقد حياة الطفل.
والاهمال قد يكون بسبب الإغفال والجهل من الام وقلة التوعية الفكرية لدى الام فلا تأبه لنظافة طفلها او الاهتمام بصحته وتقديم العناية اللازمة له في ايام المرض كي تستطيع المحافظة على صحة طفلها واسترداد عافيته، هذا الاهمال في المنزل ومن قبل الأهل، اما الاهمال الصحي في المستشفيات او المراكز الصحية فيتمثل بنقص المستلزمات الطبية والعلاج الذي يحتاجه الطفل المريض ودفع الضريبة في المراكز الصحية التي اثّرت بشكل واضح على الخدمات الصحية، وكذلك يعتمد على الظروف المحيطة بالعمل او بالشخص نفسه الذي يقدم خدمة عناية للمريض، فعندما يجابه بالنفاق والإجبار على الدوام في الأماكن التي لايرغب بالعمل فيها او بعض القوانين المتعبة التي تقتل رغبة الشخص بالعمل فان ذلك من شأنه توليد الاهمال، وخلق مشاكل صحية كبيرة تعود بالضرر الفادح على صحة المريض.
هنا وجهنا سؤالاً الى بعض الأهالي بخصوص هذا الموضوع، وكان كالتالي: هل توجد عناية كافية للطفل المريض وهل للإهمال دور في المراكز الصحية والمستشفيات؟!
أجابت ام فاطمة: لاتخلو مستشفياتنا ومراكزنا من الاهمال الذي اصبح سمة لها، لذلك بعض الأهالي يفضلون الذهاب الى العيادات الأهلية لضمان صحة اطفالهم.
وقالت ام حسن: الاهمال شيئ طبيعي في مستشفياتنا ومتوفر في كافة النواحي سواء كانت من الخدمات المقدمة للمريض التي تساعده على الشفاء من المرض أو الخدمات التي تقدم للمستشفى كي تسعى للنهوض بالواقع الصحي.
وكان رأي ام آية: لا أفضل الذهاب الى المستشفى أو المركز الصحي بسبب وجود الجراثيم المسببة للامراض التي تهدم صحة المريض بدل من شفائه، وبسبب الاهمال اصبح الكثير من الناس ينفر من المراكز الصحية التي انعدمت فيها الإنسانية والاهتمام.
ام ليان: الاهمال موجود في المستشفيات والجميع مسؤول عن ذلك لانه في بعض الأحيان ادارة المستشفى تتغاضى عن معالجة كثير من الأمور التي تستطيع إصلاحها او المطالبة بإصلاحها ولا احد يهتم بذلك فيصبح المواطن الفقير هو الضحية للإهمال.
كذلك قمنا بتوجيه السؤال الى احد أعضاء الكادر الطبي المتواجد في المستشفى، غفران (معاون طبيب) وأطلعتنا برأيها:
نحن دورنا ككادر طبي دائما ما نسعى للنهوض بالواقع الصحي وخلق اجواء تتناسب مع ظروف المريض ومراعاته والاهتمام به لان ذلك امانة بين أيدينا، تبقى هناك بعض المخالفات وبعض الاهمال يكون خارج عن السيطرة وليس بيدنا حيلة تجاه ذلك فتكون جهات اعلى هي المسؤولة عن ذلك الاهمال او اللامبالاة في العمل.
اضافةتعليق
التعليقات