المال أحد أسباب السعادة وطعم النجاح حلو المذاق، يدفعنا بقوة نحو مزيد من الترقي.. لكن لا يجب أن یكون نجاحنا على حساب أسرتنا وأولادنا .. فنؤجل هناءنا وسعادتنا لنضيف المزيد إلى رصيدنا البنكي. ونصعد درجات أخرى في سلم النجاح ثم ندرك أن قطار السعادة قد رحل بعدما فات الأوان.
في ذلك الصباح من الشتاء.. غابت الشمس بدفئها عن المدينة وتجمعت السحب تنذر الجميع بعاصفة ممطرة لكن الزوج قرر أن يستقل سيارته ويذهب إلى مكتبه قبل هبوب العاصفة وما أن خرج إلا وثارت الرياح وأرعدت السماء وقذفت السحب ما في جوفها من ماء أوقف الزوج محرك سيارته هل يغامر ويستمر في طريقه ألقى نظره من حوله فوجد الجميع يعاودون أدراجهم . فقرر أن يعود وطرق الباب.. ففتحت له زوجته.. وتجمع حوله أبناؤه تتراقص الفرحة في أعينهم.. فقد كانوا قلقين منذ خرج الأب وسط الأمطار والعواصف ..
وكانت عودته فرصة ليستدفئوا بالجو الأسري - على مقعد بالقرب من المدفئة جلس الزوج.. جاءته الزوجة بالقهوة الساخنة.. وجلس الاثنان يتحدثان.. وقد تعلقت عين الزوج على وجه زوجته.. وقال لها :
لا أدري ماذا حل بي اليوم، ولكنني أشعر أنني أريد أن أقول لك أني سعيد بك..
سعيد ببيتي وسعيد بأطفالنا.. إنني أحبكٍ يا عزيزتي إنني لا أستطيع أن أتصور رجلا أسعد حالا مني في هذا العالم الواسع.
نظرت الزوجة إلى عينيه فوجدت فيهما لمعان ببريق صادق غريب لم يكن من قبل .. ما الذي حل به اليوم ليقول تلك الكلمات؟ منذ زواجنا الخمسة عشرة عاما وقد أخذه العمل من بيته.. لا يعود إليه إلا مرهقا، لا يجلس مع أطفاله إلا لماما ! هذا العالم الواسع.
يقول إيمرسون: كثيرون منا يمضون في طريق الحياة دون أن يعنوا المعنى الحقيقي للحياة.. المعنى الذي غاب عن أذهان العديد.. إنه عمرنا على هذه الأرض.. إنه الدقائق والساعات والأيام سنين التي نقضيها قبل أن نرحل عن هذه الدنيا.. ومن أجل هذا لا بد لنا أن نفيد ونستفيد من كل لحظة من لحظات حياتنا ! تشعر أننا أحياء، وأن تشعر من حولنا بقيمة الحياة ولعلهم قليلون هم الذين يفعلون ذلك وأقل منهم من يدرك معنى للحياة.
عبد الكريم بكار يخبرنا هو إضاعة أعمارنا وبذل جهودنا المجال الذي ينبغي أن نكون فيه كالطائر الذي يبيض في غير عشه.
فلا تضيع عمرك في العمل والصفقات والأرباح.. وتهمل أسرتك وتهمل نفسك بأن تلك تضحية منك. ثم تتفاجأ بأنه قد ضاعوا منك.
اضافةتعليق
التعليقات