من حسن حظك يا ولدي بأنك ستحظى بأم مثلي.. أُم تواكب التطور والتكنولوجيا فقط كي تستوعب نمط تفكيرك... أُم تغوص في تفاصيل جيلك وإهتماماتهم التي تختلف عن إهتماماتي اختلاف دهر من العمر فقط كي تفهم طريقة تفكيرك، أُم تستقبل همومك على طبق من الحب والإهتمام..
سأحتويك حتى وان كنت ذكراً، سأكون قريبةً جداً منك.. اعدك، بأنك لن تقضي ليلة واحدة وانت تبكي وحدك على وسادتك.. سأشارك همك، وسأسهر عندك حتى الصباح، العب بخصلات شعرك، واتمتم في اذنك، بأنك اجمل واقوى فتىً على وجه الكرة الأرضية..
اعدك بأني سأزرع فيك منذ الصغر حب الحياة، وسأفرش دربك بالتفاؤل والمحبة، وسأكون لك مرآة حياتك، ابين لك الخطأ من الصح، اوضح لك ضباب القدر، واشرح لك عواقب الأمور ثم اترك لك حرية الإختيار..
ولأني واثقة بخطى تربيتي، ومطمئنة بأنك تخاف الله.. بلا شك ستكون اختياراتك مقيدة بالصحة ورضا الرب. واذا اخطأت يوماً امام الناس لا تعتقد بأني سأهينك او اقلل من شأنك امام الجميع، سألاطفك بحضورهم، ولكن عندما نفترد سألومك، واوضح لك بأن ما فعلته خطأ، وانصحك بأن لا تعيد الكرة مرة أخرى بكل إحترام وهدوء، لأنني ام مسالمة، تحترم كيان طفلها في المجتمع.
سأُربيك على احترام المرأة، سأعلمك ان المرأة ليست اقل شأناً منك، ولأنك تحب أُمك ولا ترضى ان تعامل كذلك، سأعلمك بأن المرأة المطلقة ليست إمرأة سَوْء، بل هي إمرأة اختارت ان تكمل حياتها بكرامتها، سأربيك على احترام المرأة العاملة... لأن أمك عاملة، تحاول جاهدة ان توفر لك حياةً كريمة وتساعد والدك في بناء حياة مستقرة ومستقبلٌ جميل لك ولأخوانك، اعدك يا ولدي ان ازرع في قلبك ان المرأة التي تراها في الشارع، هي امك، واختك، وزوجتك.
اما اذا شاء الله وانجبتكِ فتاة، ستكونين مختلفة عن قريناتك، بلا شك ستكونين مدللة، واميرة قلبي، ولكنني سأزرع في نفسك بذور الثقة بالنفس، سأبين لكِ ان الرجل ليس افضل منكِ، وانك قادرة على الدخول في ميادين العمل بجانب الرجل ولكن، بشرط ان تحافظي على اتزانك الأنثوي ومبادىء دينك.
سأكون رفيقة دربك، نواجه معاً مشاكلك ومآسيك، سنفرش سجادات صلاتنا معاً، ونقف بيد الله مطمئنين، خاشعين النفس الضعيفة بيد الذي لا تضيع عنده ناصية.
اعلم بأن فترة المراهقة ستكون صعبة عليكِ للغاية، ولكني سأجاهد في ان نتعداها معاً، تقلباتك المزاجية وسوء تصرفاتك سأتقبلها بصبري ومحبتي لكِ، ولكني سأنتظر منكِ ردة فعلٍ حكيمة، فما جزاء الإحسان الاّ الإحسان.
سأبين لكِ بأن الحياة مليئة بالظروف الصعبة والمتاهات، فإذا وقعتي بأزمة، كوني قوية، واخرجي منها بذكاء. ولا تمنحي ثقتك الاّ لمن يستحقها، كي توفري على نفسك عذاب الفقد والخيانة و..الخ.
سأدعك تخرجين وحدك... ولكنني قبلها سأزرع فيك خوف الله وسأعطيك الثقة، لأنكِ تربيتي وتستحقين ثقة امك، ستقودين السيارة، وستشاركين بالندوات والإجتماعات الثقافية، وتمارسين هواياتك بكل حرية، فالقيود التي وضعها المجتمع لكِ ولأخواتك الإناث ستكسرها امكِ بلمح البصر!.
سنكبر سوية يا حلوتي... وسأكون دائماً بجانبك عندما تحتاجيني، لن اجبرك على الإرتباط برجلٍ لا ترغبين به انتِ.. سأترك لكِ حرية الإختيار مابين الأفضل والأفضل، لا خيار اقل من هذا لإبنتي الجميلة، واذا تزوجتِ وخرجتِ من البيت عروسة، سأبقى اراقبكِ من بعيد، بدعائي وحبي لكِ.. وسيكون حضني دائما جاهزاً ليلم رأسك في ليالي الألم.
وفي النهاية اريد ان اقول لولدي، وابنتي اللذين لم يبصرا نور الحياة بعد... مادامت امكم المستقبلية تشهق الهواء، سأحاول بكل ما اوتيت من عمر وقوة ان ابني لكما حياة هانئة، سنتناقش بكل ما ترغبون بهدوء، وسنصل معاً الى الحلول بقناعة، بلا شك ستخطئون وسأنزعج انا، ولكني سأنزعج اكثر لو لم تتعلموا من اخطائكم.. فهذه الحياة مليئة بالدروس والعبر.
الذكي من يغتنم الفرص ويستغلها بأفضل وجه، كما قال امير الكلام علي بن ابي طالب (عليه السلام): "اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب"، اجعلوني افتخر بتربيتي لكم، وارفع رأسي بإنجازاتكم الدنيوية والآخروية، ولأني اعلم بأن ما يحصده الإنسان هو نتاج لما زرعه في السابق، اذاً بلاشك سأقولها بملىء فمٍ سؤره الفخر "من حسن حظي بأني امكم وانتم اولادي".
اضافةتعليق
التعليقات