إن تنمية القابليات في أنفسنا مهم جداً لنجسـدها في أولادنا ومن حولنا من الناس، فقد قال الإمام الجواد (عليه السلام): (توسد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون).
فما لم ترتـق النفـوس لا يمكنها أن تثمر، وأفضل وسيلة لسمو النفس الإنسانية تكمن في التعاليم الإلهية، فهي المصدر الذي يبعـث القـوة ويفجر الأحاسيس الخيرة، وهناك ثلاثة أنفس مودعة في كيان الإنسان:
1-النفس اللوامة.
2-النفس المطمئنة.
3- النفس الأمارة.
فالنفس اللوامة هي الضمير، الذي يستيقظ بعد ارتكاب الجريمة، ويمكن أن نقول أنها من النعم الفريدة التي قيضها الله عز وجل للإنسان، فلولا هـذه النفس لارتكب الإنسان أبشع الجرائم ويظل سـادراً في غيه، ولا يقف أمامه رادع أمام النفس المطمئنة، فهي مستقر الفضائل ومستودع الخيرات، سواء كـان فطرياً أو اكتسابياً، وقـوة النفس المطمئنة مرهونة بالنفس اللوامة، وبعبارة أخرى أن النفس اللوامة هي السور الواقي للنفس المطمئنة، فإذا كان الضمير حياً فإن النفس المطمئنة تخرج مخزونها من حين لآخر، أما إذا كان الضمير في إجازة إن صح التعبير، وفي غطاء عن ذكر الله تعالى، فإن النفس المطمئنة تبقى متوارية وخاملة وإذا غاب الضمير بسبب كثرة المعاصي، فإن النفس المطمئنة تتوارى وتنتهي فعندها يموت الضمير، لأنه فقد المصدر الحيوي الذي يستمد منه القوة والنشاط، وموت الضمير يشكل منعطفاً سيئاً في مسيرة الإنسان، وبداية السقوط الحتمي، وهكذا سـقط الكثير بفعـل السيئات والإصرار على المعاصي.
نعـود ونقـول: أن النفس الإنسانية لـها القابلية في أن تصبـح كنفـوس الأنبياء، بدليل قوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً).
فهذه الآية تدل على إمكانيات الإنسان الهائلة في السمو، وقدراتـه الخلاقة في الشموخ، ولو لم تكـن موجودة لم يطلب الباري عز وجل من الإنسان التأسي بأعظم كائن بشري، وهو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وحالة التأسي فطرية في الإنسان وتنمو بشكل سليم إذا تأسى الإنسان بقدوة حسنة، مثل الرسل والأئمة السلام، وتظهر حالة التأسي في الطفـل بوضوح فهو يحاول تقليـد والديه، ويميل إلى تجسيد سلوكهما، فينظر إلى حركاتهم وسكناتهم وأخلاقهم وتصرفاتهم بإمعان، وبالذات ما يصدر من الأب.
ويظل الطفـل يترقب سكنات وكلمات الوالدين، لأن قدرته ضعيفة على صياغة العبارات وإنشاء الجمل، لذا فإنه يميل إلى الآخرين وإلى من يكون بجنبه، فإذا تكلم الأب بأدب مع العائلة فإن الطفـل يتأدب، وإذا تعامل بلطف ومحبة فهو كذلك وما من شيء إلا ويأخذه الطفل وينسج على ضوء ما يرتسم في ذهنه، وعلى صفحات قلبـه، وكما هو مذكور في كتب علماء النفس التربوي فإن معظم قواعد السلوك تتكون في المراحل الأولى، والقواعد السلوكية (تقعد عند الطفولة)، فيجدر بالأب إذا أراد زرع الخصال الحميدة في ولده أن يستعرض حكايات الأبطال وبالذات بطولات الأئمة الأطهار (عليه السلام).
اضافةتعليق
التعليقات