طريقٌ واحد فيه ألف قصةٍ من الحب وملايين السبل للتعبير عنهْ فأصبح الحسين قبلة العشق الإلهي على هذه الأرض التي ملئت بالجور والظلم والأذى منذ استشهاد النبي صلى الله عليه وآله حتى يومنا هذا فكلما توالت السنون ازدادت الفتن وقتل الأئمة من ذرية الحسين الطاهرة ونحيا اليوم في حزنٍ دنيويٍ مقيت من جور الزمان على هذه الأمم وعلى هذه الشعوب البسيطة وأسوأ ما في الأمر هو الجهل الذي بدأ يأكل ما يأكل من الأطفال وانتشار الأمية كالنار في الهشيم وإن لذلك تبعاتٌ لا يعلمها سوى الله ولا يذوقها سوى المبتلون بها ولكن رغم كل هذا سنوياً هناك ملاذٌ روحي، تعبٌ جسدي وأفئدةٌ تعلوها الطمأنينة بعد زيارته والسير في طريقهِ .
تحتشد القلوب بفطرتها السليمة وبساطتها المعرفية من الكبار حتى الصغار ما من فئةٍ عمرية إلّا وسارت على الدرب وسُقيت من عذب ماءهِ وحلاوة تعبهِ، فصار طريقاً من يسلكهُ مرةً واحدة لا يتركهُ أبداً إنه الطريق إلى جنة الله في أرضه، كربلاء التي من ألقابها قبلةُ العاشقين فمهما طالت الخطوات وازدادت المسافات إلا أن لحظةً واحدة تزيل هذا التعب هذه اللحظة التي يقف الزائر أمام قبة الحسين بل الأصح حين يقف العاشق أمام المعشوق يصبح للكلام لغةً خاصة حديثٌ بين القلوب ممتزجةً بالدموع والعبرات، خلجاتٌ في الأرواح تردُ من مناهله الروية فتبيض به الوجوه يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ..
يا ضيف الحسين وزائرهُ حين تسير إلى قبلة العاشقين هل تشتاق لصاحب الزمان وتصبوا للقائه كما تفعل مع الحسين؟ هل تذكرهُ فتدعوا للحظة لقاءٍ ولو كانت لحظةً خاطفة؟
إن بقية الله موجودٌ بين الزائرين قد يسير إلى جنبك أو ربما يقدمُ لكَ كأساً من الماء وتنتفعُ من عذب مائه فهذه الدنيا وهذه الحال التي نعيشها كل يوم نزداد ذنباً على آخر حتى أصبح للقلوب رينٌ واكتست بالصديد كل عامٍ نحاول غسلها بخطواتنا نحو أبا الأحرار، إن هذا الرين يحجب عنا الرحمة الإلهية التي أنزلها الله في أرضه ثم حجبها عن خلقهِ فكلما ازددنا ذنوباً ازددنا عذاباً وآذينا إمام زماننا، وسيلة نجاتنا وندمي قلبهُ ونؤذي روحهُ الطاهرة، لذا فلـ نجعل من سبيل العشق توبةً نصوحة لأفئدتنا فقال تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].
ها هي أولى أيام شهر ربيع تهلُ علينا بخيرها وانتهى شهرا الحزن وكلٌ عاد إلى داره من زائر كان أو خادم يخدمُ في طريق الحب لكن لابد من التساؤل بماذا تغيرنا عن العام الماضي؟
ولو كان هذا التغيير إيجابياً هل سيكون راسخاً وسيتأصل في أرواحنا؟
لو كل شخص سنوياً يقرر ويصمم على تكوين عادة إيجابية تقربهُ إلى الله بذلك قد وصل إلى الإصلاح الذي ناشد الحسين عليه السلام به يوم عاشوراء (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي).
كما أن الله تعالى يحب زوار الحسين فما جعل لهم هذا الثواب الجزيل والأجر العظيم اعتباطاً إنما لعظمة مكانة الحسين عند الله الذي كتب على يمين عرشه (إن الحسين مصباح الهدى وسفينةُ النجاة).
وهذه التوبة هي وسيلتنا الوحيدة وسبيلنا الأخير للنجاة والتقرب لإمام زماننا فلهُ حقٌ عظيمٌ علينا، يعز علينا أن نزور الحسين فيجيبنا ونحن لا ندعوا ولا نجيب صاحب الزمان، هل إليك يا بن أحمد سبيل فنلقاك كما أن لجدك سبيل لنزورهُ ونلقاه، متى تسطعُ شمسكَ لتظلنا من الجهالةِ وحيرة الضلالة، متى نراك لنخطوا خطوات عشق جديد في سماء الحب الإلهي.
فلكلِ عاشقٍ سبيل أمسَتْ للروحِ مسلكاً .
اضافةتعليق
التعليقات