مع الظروف الصعبة التي تمر على العالم وانتشار البؤس، وإستفحال الظلم وكثرة الضحايا والمضطهدين على يد الطواغيت، إلا اأن الأمل ليس ببعيد، ولابد للحق أن ينتصر إيمانا منا بظهور صاحب الحق الذي سيبيد ملامح الظلم من العالم ويعم الخير بحلول دولته الكريمة.
وقد مر علينا في الكتب والتاريخ والروايات المنقولة وصفا لطبيعة النظام في حكومة الإمام المهدي وكلها تشير إلى الرفاهية والخير الكثير الذي سيتمتع الناس به في زمانه "وفي أيام دولته تطيب الدنيا وأهلها" (المهدي/ ص٢٦٦).
بالإضافة إلى المستوى الأخلاقي العالي الذي سيتوفر في القوم، فليس هنالك أحدا يقدم نفسه ومصلحته على غيره، ولا مكان للخلافات والنزاعات العشائرية ولا حتى انتهاك لحقوق النساء والأطفال ولا تجاوزات تمس الأقلية، فالعدل الذي سيتوفر في حكومته سيشمل الجميع ولا مكان فيها للحقد والكراهية وسيعم الحب والسلام في أرجاء العالم بلا شك.
سيسأل الكثير ما علاقة الأربعين الحسيني بحكومة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟
إن ما يحصل في فترة الأربعين وخصوصا في الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء هو أمر عجيب ومثالي وما قد حصل مثله بالعالم كله، ففكرة أن يستقبل الإنسان شخصا غريبا تحت مسمى زائر الحسين يختلف عنه في لون البشرة وحتى القومية، ويرحب به أفضل ترحيب ويترك له بيته وغرفة نومه وينام هو في باحة المنزل إنه فعلا لأمر يثير الاستغراب!
يا ترى ما هو مستوى التنازل الذي قدمه هذا الإنسان؟، وكيف استطاع أن يفضل راحة الآخرين على راحته، لدرجة أن يترك غرفته التي تتوفر فيها كل وسائل الراحة وينام خارجا؟
وماذا عن العطاء؟، إنه العطاء اللامحدود الذي تشاهد فيه الغني والفقير يهبون كل ما يملكون في طريق الحسين، فتجد أفقر الفقراء يحمل آخر قفة تمر يملكها، أو وعاء من الماء ويقف في الطريق، يسقي الزائرين بابتسامة عميقة.
وأمّا المجاميع العشائرية التي تقيم مواكب مختلفة على طول الطريق المؤدي إلى كربلاء... هل سمعتم بأن هنالك مشكلة حصلت؟ أو تواردت أخبار حول اطلاقات نارية على أثر نزاع عشائري حصلت بين عشيرة فلان وفلان؟
بالتأكيد لا، فإنه يمثل أمرا غريبا بالنسبة لمشكلة تكلف فصلا عشاريا من المعيار الثقيل تحل فقط بالصلاة على محمد وآل محمد، فماذا يعني أن يقول صاحب الموكب للخدام بأننا المخطئون، والحق دائما مع زائر الحسين.
ناهيك عن الموائد التي تحتضن ما تشتهي الأنفس من الطعام والحلويات، والتي لا يخرج منها أحدا إلاّ متبركا ببركات صاحب الأربعين، إذ من سابع المستحيلات أن تجد جائعا في أربعين الإمام الحسين!
كما أن الأمان الذي يحل بين الناس هو فعل غير مفتعل، فينام الزائر في خيمة تضم عشرات الأشخاص الذين لا يعرفهم واضعا هاتفه ومحفظته عند رأسه ويستيقظ صباحا فيجدهما في مكانهما، ثم يكمل المسير مع زوجته وأخواته وكله اطمئنان من نظافة عيون الزائرين ونواياهم البيضاء، فلا أحد يعترض طريقهن ولا أحد يمسسهن بسوء!.
أو ليست الروايات تقول بأن الأمان الذي سيحل في زمن الإمام المهدي تخرج فيه المرأة وتذهب إلى أي مكان تريد دون أن يتعرض لها أحد، أو ليس هذا ما يحصل في أيام الأربعين؟.
كل شيء مثالي في هذه الأيام إنها معجزة الإمام الحسين.. الأخلاقيات في أعلى مستوياتها، النفوس مهذبة، الفقراء لم يناموا جياعا، الناس يقدمون الآخرين على أنفسهم، لا وجود للمصلحة الشخصية في هذا المكان، لا أحد يطلب منك المال مقابل خدمة، لا فرق بين عربي وأعجمي، لا فرق بين الأبيض والأسود، لا فرق بين الغني والفقير، لا أحد يسألك في طريق الحسين كم تملك من الأموال والعقار أو ماهي شهادتك الجامعية، لا أحد يفعل ذلك في حكومة الإمام المهدي..
أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) هي عينة صغيرة جدا من دولته الكريمة، فهل لك أن تتخيل مقدار الخير الذي سيعم بعد ظهوره وإقامة عدله في كل العالم؟ إنه أمر غير قابل للتصور مثل حب الحسين الذي استقر في قلوب البشرية بصورة غير قابلة للتصور والوصف إنه بتعبير أدق (حب غير مشروط).
فأنت كانسان حسيني مهدوي، هل لك أن تعيش وتتصرف وتتحلى بأخلاق الأربعين طيلة حياتك لتبلط فيها طريق الظهور من أجل عين الإمام الحسين وتمهيدا لحكومة صاحب ثأره؟
اضافةتعليق
التعليقات