الأسرة تعتبر اللبنة الأساسية التي ينشأ فيها الطفل حتى يكبر ويستطيع الإعتماد على نفسه، فالتربية الخاطئة مشكلة لا تغتفر في حق الأولاد وفي حق الأسرة كمؤسسة اجتماعية هامة جدًا في حياة البشر. فأولويات الإنسان هي الرغبة في الزواج والاستقرار، ومن ثم إنجاب الأطفال وإنشاء أسرة سعيدة يجد فيها الأب والأم الشبع والشعور بالكمال، من خلال الإحساس الأسري الفطري في الإنسان. ولكن التربية الخاطئة تأتي وتفعل كلما هو عكس ذلك، بل تنتج جيل مشوه نفسيًا.
هل تعلم عزيزي القارئ أن أكثر من 50% من السفاحين على مر التاريخ حدثت لهم مشاكل نفسية بسبب التربية. هل تعلم أن الكثير من حالات انتحار الشباب في العالم سببها عدم اهتمام الأب والأم بالأولاد كما يجب. المشكلة كبيرة جدًا فمثل الأكل والشرب هما احتياجات جسدية حتى يقدر أن يعيش الإنسان بطريقة طبيعية، هكذا أيضًا التربية بالنسبة للأطفال والمراهقين. حيث إن التربية هي تغذية النفس في هذا العمر لدى الأطفال. لذلك الحذر كل الحذر في تربية الأطفال لأنهم مسئولية كبيرة جدًا يجب أن يتحملها كل أب وأم كما يجب. وبهذا فقد أجمع أساتذة الطب النفسي وعلماء التربية أن شخصية الطفل تتشكل خلال السنوات الخمس الأولى من عمره ، من هنا كان من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شابا سويا واثقا من نفسه. متكيفا وفعاّلا في المجتمع.
الممارسات والأنماط الخاطئة في تربية الطفل
تنهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وإن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية، من الأساليب الخاطئة.
أ ـ التدليل والحماية الزائدة:
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها، والخوف عليهم، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية، "وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل" أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية.
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة:
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً. اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة خمس السنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً، ولا يدرك.
جـ ـ التفرقة في المعاملة:
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر، أو الذكر على الأنثى، "وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي، والاكتئاب، وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك".
إن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية ما يؤثر في شخصيتهم، ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية. وهذه هي أخطر سمات السلوك وأكثرها ضررًا والتي يربطها معظمنا بالتربية السيئة، وهذه هي الأشياء التي يجب معالجتها على الفور بمساعدة متخصص.
نصائح تفادي الأساليب الخاطئة في التربية
إنّ السلوكيات الوالدية الخاطئة والسلبية يمكن أن تعرض الأطفال للخطر، إلا أنه ليس العامل الوحيد الذي يحدد النتائج. حتى الآباء الذين لديهم أسلوب إيجابي في الانضباط والتفاعل يمكن أن يكون لديهم أطفال يعانون من مشاكل سلوكية أو عاطفية. الأبوة والأمومة هي عملية مستمرة، وغالبًا ما تكون صعبة، لكن يمكنك العمل على التغلب على الرسائل السلبية التي تعلمتها من والديك مثلًا في حال تلقيت أسلوب تربوي سيء معا والديك، وأنْ تبدأ في بناء علاقة صحية مع أطفالك.
وفيما يلي بعض النصائح لمساعدتك على التركيز على الجوانب الإيجابية:
- استمع إلى أفكار طفلك ومشاعره
كلنا نريد أن نسمع، وعلى الرغم من أننا لا نتفق دائمًا مع ما يقوله الآخرون، إلا أن الجميع بحاجة إلى من يستمع إليه. وعندما يتعلق الأمر بأطفالك، فإنّ الأمر متعلق لسماع مخاوفهم وإحباطاتهم، والتحقق من صحة مشاعرهم، وتوضيح أن لديهم الحق في أن يغضبوا، ولكن ليس لديهم الحق في التصرف مثل رمي أقلام التلوين في الغرفة، وبدلاً من ذلك قدم لهم بدائل لمختلف المشاعر.
- قدم العواقب المناسبة
من الأهمية بمكان توفير العواقب التي تعلم طفلك درسًا إيجابيًا، وإن ضرب الأطفال لا يعلمهم شيئًا عن العواقب، ويمكن أن يؤدي إلى الاستياء والغضب، جنبًا إلى جنب مع ذهاب الطفل إلى المدرسة وضرب الأطفال الآخرين. بدلاً من ذلك استخدم مخطط المكافآت أو اجعلهم يكسبون الوقت في فعل شيء يستمتعون به، وعند أخذ شيء ما بعيدًا، لا تأخذه بعيدًا لمدة أسبوع، فقط خذه بعيدًا في فترة ما بعد الظهر، وتأكد من أن النتيجة مناسبة للسلوك الذي تقوم بتصحيحه.
- تصنيف السلوك وليس الطفل
إذا أراد الآباء التصنيف بين الجيد والسيء فعليهم التأكد من أنهم يصنفون السلوك وليس الشخصية، على سبيل المثال عندما يتصرف أحد الأطفال بطريقة غريبة، ذكّره بأنه سلوك متنمر بدلاً من قول أنت متنمر.
- لا تحجب الانتباه
نحن جميعًا نغضب من أطفالنا، لكن تجاهلهم يربك الطفل فقط، وعلى الوالدين أنْ يشرحوا لأطفالهم غضبهم تجاههم وسببه، الشرح لهم، وإعلامهم أنّك على الرغم من أنك غاضب منهم، إلا أنك ما زلت تحبه.
- أظهر الحب والعاطفة
إن إظهار الحب والعاطفة يعني أكثر من مجرد إخبار طفلك أنك تحبه، ويأتي أيضًا من دعم طفلك وقبوله، وكونك حنونًا جسديًا، وقضاء وقت ممتع معًا.
- دعهم يخطئون
الحياة فوضوية لذا اسمح لأطفالك باستكشاف كونهم مبدعين ويرتكبون الأخطاء، دون خجل أو انتقاد، وعندما يرتكبون خطأ، اسأل طفلك ما الذي كان يمكن أن تفعله بشكل مختلف؟
استخدم أخطائك كفرصة لتظهر لهم أن التعلم لا يتوقف أبدًا، وأننا جميعًا يمكن أن نمر بأيامنا السيئة، والاعتراف بارتكاب خطأ والاعتذار ومحاولة التحسن أمر جيد للجميع.
اضافةتعليق
التعليقات