عن إمامنا الصادق (عليه السلام) أنه قال: "المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشه، ولا يَعده عِدة فيخلفه"(١).
يمكن أن نقول أن مفهوم الأخوة يتجلى عند تحقق الارتباط الروحي الوثيق، والاتصال الدائم العميق النابع من المودة والصدق والثقة بين الطرفين، فأصل وجود الأخوة بين المؤمنين هو الأمان النفسي الذي يكون متحققا عند كل منهما.
ورابط الأخوة هذا له خيوط متعددة، كلما تواجدت كلها؛ كلما توثقت عرى هذه العلاقة واشتد وثاقها أكثر ودامت لزمن اطول، وهذه الخيوط هي :
كونه (عينه ودليله)
فعين الإنسان لا تكذب على صاحبها فيما تراه، بل تنقل له كل ما يريد أن يصل إلى رؤيته، بل وهي بمثابة المصدر النوري الذي يبصر به طريقه، فمن هو أعمى لا ينتفع من الإنارة الممتدة على طول الطرقات! لأنه بلا عين فيها نور الإبصار.
وفي ذلك إشارة لأهمية ودور أن يملك المؤمن أخاً فيه هذه الصفة، بالنتيجة سيكسب صفة كونه دليله، فالعين تدله على مواطن السلامة ليسير بها، ومواطن الظلمة والخطر كي يبتعد عنها. ومن له عين تدله هو يكون آمنا، والمؤمن من سماته هو بث وإشعار من معه بالأمان، لذا فمن لا يكون مصدر أمان للآخرين فليراجع إيمانه؟
وفي الحديث "المؤمن مرآة المؤمن" فهو هنا لا يخاف إن ظهرت نواقصه ومعايبه ورآها أخيه المؤمن سواء بإرادته أو لا، فهو إن أظهرها بإرادته، فهو يكون بذلك راغباً بمعونته له ليعملا على تحسينها وتجميلها.
وإن ظهرت دون رغبة منه فهو مطمئن أن أخيه سيسترها ولن يحرجه بل سيكون له مرآة ليجعله يرى ما فيه من جوانب أخرى جميلة ومضيئة، فيعطيه مما لديه من جماليات ويأخذ منه، فالمؤمن منصف فلا يستصغراً أخيه ليعيب فيه، بل هو يدرك أن لكل واحد منا جوانب مضيئة وأخرى مظلمة، والأخوة هي رابطة تبادل العطاء والنماء والكمال بينهما.
وقوله: (ولا يَخونه)
فمن أقبح الأمور التي تقطع كل وشائج العلاقات هي الخيانة، لذا المؤمن مأمون الجانب لا يخون من ائتمنه، بل هو موثوق به دائما.
وقوله: (لا يَظلمه)
فالعدل والإنصاف من سماته، فهو لا يظلم وإن ظلم، ولا يعتدي ولا يتجاوز حدوده، بل يُعدل ما هو مائل أو معوج في أخيه.
وقوله: (لا يَغشه)
فهو لا يُحسن القبيح له فيوقعه في الزلل، ولا يُقبح الحَسن أمامه فيُبعده عن فعل الخير! بل يكون صادقاً وشفافاً كالمرآة في علاقته بأخيه المؤمن، فهو يريه الحقائق والأمور كما هي.
وقوله: (لا يَعده عدة فيخلفه)
إذ إن أصل دوام العلاقات هي الصدق والوفاء بالوعود والعهود، فكلما حرص الإنسان أن لا يَعد بما لا يقدر عليه؛ يكون قد جنب نفسه الوقوع بعدم الوفاء في نظر أخيه.
لذا فليحرص كل واحد منا أن لا يصدر منه مع أخيه المؤمن ما لا يحب أن يصدر منه تجاهه، ولنستعين بصاحب هذه الكلمات لنكون أهلاً للأخوة الإيمانية.
_______
اضافةتعليق
التعليقات