تقول قاعدة الأساس الأول: [ضع أمامك أهداف وخصائص التربية أولاً، وحقق القدوة في نفسك لهذه الأهداف، فالتربية بدون هدف واضح ستتبدل، وتتغير كل يوم أكثر من مرة، وتضيع بأدراج الرياح](١).
إن التربية هي مثل أي شيء في الحياة نريد أن نبلغه، ونرى أثره، ونجني ثماره، يحتاج إلى أن نخطط له، نعرف لمَ نريد أن نربي بهذه الطريقة أو تلك؟ وقبل كل شيء لماذا نريد أن نكون آباء وأمهات، مربين ومربيات؟
فمن دون معرفة الغاية من أن نأتي بوليد إلى هذه الحياة، يرتبط بنا نسبًا، ونحمل مسؤوليته تنشئةً، وصقلاً وبناءً على المستوى النفسي والأخلاقي والإجتماعي، لا يمكن أن ننجح في تحقيق سمة الأب/الأم المربيان لهذا الوليد.
وهذا التفكير الأولي هو بمثابة حجر أساس ليخطو كل واحد منا بشكل جدي وواقعي ليحقق في نفسه الوعي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه لتحقيق هذه الغاية.
نعم كلما كان الواحد منا قد تربى في بيئة صحية وسليمة، كلما سهلت عليه المَهمة، وكلما كانت معالم الأب/الأم المربيان واضحة فيهما؛ لأنهما تعايشا وتطبعا على السلوك الحسن، والصفات الطيبة- وكما نعلم - أن التربية والتعليم من خلال السلوك هي أصح وأكثر إثمار وتأثير من التوجيه اللفظي على الطفل.
أما من تربى في بيئة ليست كما ينبغي، أو ليست بمستوى طموحه، وادرك ذلك لما أصبح راشدًا، هنا توجد لديه فرصة ليبدأ يشق طريقه في معرفة الحياة، ومعرفة نفسه، نقاط قوة شخصيته، وضعفها، طباعه، عاداته، وعندئذ سيدرك الدور الكبير للتربية فيما هو عليه وما الذي جعل منه ما هو عليه الآن.
فما يجده غير مرضي فيه كأن يكون ممن قد نشأ في بيئة غير صحية، أو تعرض لشيء من القسوة والعنف وقلة المودة، هنا هو يحتاج أن يشتغل على نفسه، وأن يصلح، ويصحح ما تربى واعتاد عليه، فيهدم ويبني، ومع الوقت لما يتمكن من صناعة النموذج الذي يريد أن يرى نفسه عليه، سيكون من السهل عليه أن يُكون عائلة تحمل من السلوكيات والسمات التي تشابه سلوكياته الجديدة والسليمة.
وهنا لا يعني أنه ينتظر حتى يصلح كل ما يراه غير مناسب، بل هو طالما يسعى ويعمل على نفسه فهو ممن حقق ذلك المربي في نفسه، فكل تغيير يحتاج إلى وقت وإلى مجاهدة، بل كما يعبرون "أن وجود الأبناء في حياة الأزواج يجعلهم يلتفتون أكثر لسلوكياتهم، ولأنفسهم، ويكونون أحرص في مراجعة أولوياتهم، وتصحيح الثغرات في حياتهم".
وكأن هناك شيء هو كلطف خفي إلهي يظهر في الآباء والأمهات عندما يصبحان أبوان، وكأن الله تعالى كما رعى هذا الوليد في بطن أمه، وقد هيئ له سُبل السلامة والصحة في تلك المرحلة، عندما يخرج للدنيا يحرك ذلك الشعور بالمسؤولية في أبواه، كي يحيطانه بالرعاية المطلوبة، ويقدمان له النموذج الأحسن الذي منه يتعلم، وعليه يتربى ويكبر.
إذ إن من علامات وجود الهدف الواضح هي طبيعة سمات الشريك الذي سيتم اختياره، بل ومن النية والمقصد من الإرتباط، فهناك من يريد الزواج لأجل بناء أسرة ترضي الإمام (عج) بدءً، وهناك من يتزوج ثم يفكر ويسعى لبناء أسرة مهدوية، وهنا بلا شك يوجد فرق في مستوى الوضوح والجدية في بناء هكذا بيت عند هذين المريدين.
اضافةتعليق
التعليقات