يعتقد الكثيرون ممن أفضلوا على المقربين بالحب والنصيحة أو بالمال انهم يملكون الوصاية الكاملة على حياتهم، فتراهم يتدخلون في أدق التفاصيل اليومية من مأكل و مشرب وحتى في إختيار شريك الحياة، فمن منحهم هذه السلطة ومن وضع على رؤوسهم تيجان الوصاية؟؟
تعتبر الوصاية العاطفية حالة شعورية تغمر الإنسان الذي يعتبر نفسه ولي الأمر وأنه أكثر نضجا وربما أكبر عمرا مما يعطيه الحق باتخاذ القرارات نيابة عن الشخص المقابل، ومن السلبيات التي يقع فيها أنه يحرم الانسان من أبسط حقوقه البشرية في الحكم على الأمور والتعلم من الأخطاء، ويعد هذا ظلما واضحا، اضافة إلى التسلط الذي سيمارسه شاء أم أبى في رحلته لتطبيق الوصاية المزعومة، فمن الطبيعي أن يغضب أو يحزن إذا تمرد المقابل على قوانينه الموضوعة دون سبب جلي لهذا الغضب سوى انه يشعر بفقدان السيطرة التي اعتاد عليها.
فعلى كل عاقل أن يحترم انسانية الانسان كما نص عليها الاسلام السمح فقد أعطى الحرية الكاملة لكل بالغ راشد عاقل في اتخاذ قراراته البسيطة والكبيرة بدء من اختيار مرجعه الديني
والثقافي والسياسي والاجتماعي وصولا إلى انتخاب طريقة الحياة التي يرغب بعيشها ما لم تتعد حدود الله وحريات الآخرين.
بل الأمر يتجاوز ذلك فحتى الطفل الصغير منذ ولادته يملك اختيارا ورغبات تختلف عن رغبات والديه، فهو أمير ووزير إلى سبع، ومن المفترض على المربين تعزيز ثقته بنفسه وتوجيهه دون الضغط عليه كي ينشأ نشأة سوية خالية من عقد النقص وقلة الاعتداد بالذات وغيرها من الأمراض المستشرية، ولا بأس ان نعرض له الخيارات المناسبة لينتقي ما يعجبه منها حتى يتعلم شيئا فشيئا مبادئ اتخاذ القرار الصحيح.
ولا يتصور أحدهم أن ذلك يعني أن نرفع ايدينا عن تربية ابنائنا تماما وندعهم يسبحون مع أي تيار يصادفوه ، بل دورنا هو دور البوصلة التي تريه طريق النجاة في لجج البحار، فالطرق غير المباشرة في التوجيه والتربية أتت أُكلها بشكل أنجع وفقا لكثير من التجارب التي أثبتت فشل التوجيه المباشر والمحاضرات الرنانة التي يتلوها المربي ويسمعها الابن كاسطوانة مشروخة.
وكما دعانا أهل البيت عليهم السلام أن نكون دعاة بغير ألسنتنا علينا أن نفعل دور العمل والقدوة الحسنة وأن نراعي الوسطية في كل شيء فلا نلين فنعصر ولا نقسو فنكسر..
اضافةتعليق
التعليقات