وضع الموروثات والمعتقدات والعادات على طاولة التشريح للتدقيق والتحميص ومعرفة المعمر من المخرب بما يخدم حاضر متطور وتأمين مستقبل جيد، واحدة من أهم سبل تقدم أفكار الأمم.
وعمليات التدقيق في مانقوله أو نفكر به، سواء ماجاء من امتصاصنا للتقاليد والعادات المتوارثة أو المستوردة من الغرب ليست لها متسع من الاهتمام في المجتمعات العربية ولا تخضع لاختيار دقيق.
ومن ضمن المفردات التي تدخل بنطاق التربية وتوارثناها جيل بعد جيل واعتدنا على استخدامها لكبح وتعديل سلوك الأولاد منذ الصغر حتى الكبر هي كلمة (عيب) التي يفرط بترديدها على مسمع أولاده الكثير من الأهل لضعف ادراكهم وفهمهم وفقر في التعبير وقصر النظر لما تسببه هذه الكلمة وتأثيرها على بناء شخصية أبنائهم.
(لا تفعل كذا عيب، لا تقوم بكذا عيب، كيف فعلت ذلك وهو عيب)؟. أي انتبه من الناس في سلوكك هذا حتى لا يرونك وينتقدونك، وحين يكبر الأولاد أغلبهم يحاذرون كثيرا من الناس إما في الخفاء فهم يفعلون أمور لا تخطر على بال آباءهم فيصابون بالصدمة منذهلين حين معرفتهم.
لماذا لا نركز على العيب من النفس أولا وبذلك نزرع به احترامه وحبه لنفسه ومشاعره وأفكاره وجسده، ثم العيب من الله ونقربهم لله ليس بالتخويف بل بالحب والحياء، فالذي لا يحب نفسه ويحترمها لا يحب أحد حتى خالقه.
يقول المثل الانكليزي (مانفع الانسان إن كسب الناس وخسر نفسه). وهنا الأصح وضع ماذا سيقول الناس عنك وكيف سينتقدونك في آخر القائمة.
الافراط في كلمة (عيب) تجعل خوفه من الناس يتعدى خوفه من خالقه، وهي واحدة من الأسباب التي جعلت المجتمع العربي والعراقي يعاني من الازدواجية في أفكاره وتتضح جلية في أفعاله.
يصلي بخشوع أمام الناس، وإذا خلا وحده صلى مستعجلا لقضاء أمور الدنيا.
ينتقد السراق بملئ فمه وإذ سنحت له الفرصة فعلها من فوره دون تردد، وبأستطاعته أن يعبر بكلمات كثيرة ومؤثرة عن التسامح ومساعدة الاخرين والايثار وغيرها وهو يفتقدها لأنه غير مقتنع بأهميتها في حياته، ودواليك.
كيف تكون غير نافعة ونحن تربينا على هذه الكلمة؟!، أنا اقول لاتفرط في هذه الكلمة واستبدلوها بكلمة خطأ وفسروا لهم لماذا خطأ دون التضخيم بأخطاءهم ولا تغلو في التأنيب لأنها تفقد الثقة بالنفس وتجعلهم يؤمنون أنهم اشخاص سيئين، فالكلمات المتسربلة من أفواه الآباء سواء كانت وهم أم حقيقة ، خطأ أم صح، في الغد سيؤمن الأبناء بها.
وأخير طبقوا قول سيد الأوصياء: (لا تربوا أولادكم كما رباكم أباؤكم فإنهم خُلقوا لـ زمان غير زمانكم)
اضافةتعليق
التعليقات