إن "الحُب" عبارة عن زوال الأنانية، حيث يصبح المحبوب أعلى وأعَز من روح المحب التي لا يتوانى في تقديمها فداءً للمحبوب، وهذا يعني أن يتحرر الإنسان المُحِب من قيود الـ"أنا" أو أن تندمج "أناه" في "أنا" المحبوب، ولهذا السبب أطلقوا على الحب أسماء "المربي" و"المعلم" و"الملهم" و"الكيمياء".
والحبّ الحقيقيّ هو رباط مقدّس- إذا كان في محلّه- لا مجال معه لأن يميل قلب الحبيب عن حبيبه. أمّا الحبّ المزيف فهو شهوة وغريزة، يريد الشاب من خلاله أن يشبع غرائزه مع الفتاة ثمّ يتركها.
إن العلاقات الاجتماعية القائمة على أساس التقوى والعمل الصالح هي العلاقات الوطيدة التي تحفظ للمجتمع الانساني كرامته وعزته وشموخه، أما إذا ما ابتنت على أساس المنافع المادية والإباحية في تلبية الرغبات الجنسية فإنها لا محالة تنهار في وحل الخيبة والخسران، إذ إن القوانين الطبيعية التي تحكمنا طبقا للإرادة الإلهية هي التي تقتضي السير وفق منهج السماء وطالما لمسنا كيف أنه يلبي احتياجات الانسان المادية والمعنوية ويأخذ بيده إلى سلم النجاح والكمال، أما إذا ما قرر الانسان أن يسلك منهجا مغايرا لمنهج السماء في التعاطي إزاء النوع البشري وفقا لأهدافه ورغباته ونزواته فإنه بمثابة من يهشم نفسه والطريق الذي يمشي به، وأن يكون وبالا على نفسه والآخرين، ولا يجني ذلك الوقت سوى الندم ولات حين مندم.
وتبعا لذلك فمن يطرق الأبواب غير الشرعية في تلبية رغباته الجنسية، تتراكم عليه المصائب والمتاعب، وتهجم عليه الأمراض والأسقام، ويرتع في مستنقع يلفه الضنك والحرمان، وإذا ما ابتلي بكل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فإنها الآثار الوضعية تعصف بكل من طرق أبواب العلاقات المحرمة قاصداً بذلك أن يلبي الشهوات بطرق غير شرعية، ناهيك عن العقاب الأخروي لمرتكبي هذه الطرق فإنه أشد وأخزى لاسيما لأولئك الذين يرحلون عن هذه الدنيا من دون توبة وإنابة إلى الله تعالى، هذه هي سنة الحياة، من أراد العزة والكرامة والتوفيق ما عليه إلا أن يسلك طريق الهدى والاستقامة، ومن أراد الذل والهوان التعس، فإنه يسلك مسالك الشيطان والهوى الذي يوقعه في متاهات هو في غنى عنها وعن تداعياتها الخطيرة.
فالغيرة والحفاظ على الأنساب يحتم على الفرد أن يكتفي بحلاله من الناحية الجنسية وغض البصر عن محارم الناس، ومن طرق باب الناس طرقت بابه كما يقولون، وباستطاعة الرجل والمرأة أن يلبيا احتياجاتهما الجنسية وهي في أوجها، أي في مرحلة المراهقة والشباب بالطرق المشروعة كالزواج والابتعاد عن الطرق غير المشروعة كالزنا والسفاح التي تأتي عن طريق العلاقات المحرمة إذ تكن في بداية الأمر علاقة عادية ثم تتطور شيئاً فشيئا إلى أن تصل إلى الزنا والعياذ بالله، وطالما علمتنا التجارب أن تلبية الرغبات الجنسية بالحلال يجلب للإنسان راحة الضمير والاطمئنان والاستقرار النفسي والجسدي بخلاف تلبيتها بالطرق المحرمة فإنها وإن كانت تطفئ أوار الجنس في برهة من الزمن ولكن تداعياتها الاجتماعية والنفسية والصحية خطيرة، فالشرف نبل انساني مطلوب، والفجور محطة متدنية تأباها النفوس الأبية، وهذا ما يقره العقلاء النبلاء ناهيك عن التقويم الديني في السلوك البشري.
فالكثير من الشباب نراهم اليوم يقيمون تلك العلاقات غير آبهين بما سيحدث وما ستؤول إليه الأمور وما تجلب من عواقب وخيمة.. بل البعض يقيم علاقات ظناً منه أنه أمر عادي ولا يعلم أن مفاكهة المرأة يجعل من شخصه من مرتكبي الذنوب فقد جاء في بعض خطب النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال: (.. ومن فاكه امرأةً لا يملكها، حبس بكلّ كلمة كلّمها في الدنيا ألف عام في النار..) الصدوق، ثواب الأعمال, ص 283. وعن أبو بصير قال: كنت أُقرئ امرأة كنت أعلّمها القرآن فمازحتها بشيء فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فقال لي: أيّ شيء قلت للمرأة؟ فغطّيت وجهي، فقال عليه السلام: "لا تعودنّ إليها" وسائل الشيعة، ج14، ص144.
فلو نظرنا إلى ما سبق من الروايات فنجد أن رسول الله وأهل بيته عليهم السلام قد نهوا عن أبسط الأمور وهي المفاكهة لما لهذا الأمر من عواقب التي قد تكون مدعاة لفتح أبواب الزنا والعياذ بالله فكيف سيكون رأيهم في اقامة العلاقات. بلا شك سينهون عنها بشدة فلذلك علينا الابتعاد عن اقامة مثل هكذا علاقات تجر لصاحبها الويلات.
وكثير ما يبتلى الشباب بمثل هذه العلاقات إما عن طريق الاختلاط بالجامعات والعمل أو عن طريق وسائل التواصل، وعليه ننصح الشباب بتوخي الحذر في هذه المواقع الحساسة جداً لكي لا يقع في مأزق أو يوقع غيره ولا تنفع الندامة حينها..
تذكر إحدى الفتيات أنها كانت طالبة في الجامعة ومن خلال الدوام المتكرر والكلام المستمر أقامت علاقة بينها وبين أحد طلبة الجامعة وهو من كلية غير كليتها، فكانت تقضي ساعات في الكلام معه تاركةٍ أمر دوامها، وفي أحد الأيام عرض عليها أن يخرجوا للغداء خارج الجامعة
ووافقت على ذلك وخرجوا وبالفعل ذهبوا لأحد المطاعم ثم أخذها إلى إحدى الشقق التي استأجرها هو مع عدد من اصدقائه لاقامة علاقات محرمة فيها لإخذ منها ما يريد تاركها تتألم لما حل بها وفي نهاية الدوام الجامعي وجدت نفسها قد رسبت بجمع دروسها نتيجة أهمالها وبالمقابل خسرت مستقبل حياتها, كما ان الشاب صورها ونشر صورها واخذ اصدقائه الواحد تلو الاخر يخرجوا معها مجبرةٍ لأن لا يصل الخبر إلى أهلها ولكن سرعان ما علموا الأهل بذلك فقام أخوتها بقتل الشاب وهي لا يُعلم أين ذهبت!.
هذه نتيجة علاقة محرمة, وكم من علاقات مشابه لها دمرت مجتمعنا الاسلامي وأبعدتهُ عن جادة الصواب.
اضافةتعليق
التعليقات