ها قد أتت ليلة الجمعة، كنت أنتظرها كل أسبوع ليحين لقائي بمعشوق ذاب قلبي ويكاد يحترق ذوباناً في سبيل لقائه، فقمت إلى ذلك الماء لأتوضأ ولأستقبل تلك القبلة في منتصف ذلك الليل الطويل، فوضعت سجادتي وتربتي الحسينية ليقبلها جبيني في كل سجدة وأدعو: (اللهم عجل لوليك الفرج)، فيديّ المرتجفتين فتحت نحوك بهدوء، ولساني قائلاً : ياكوكب الأمل المتلألئ، ياسفينة النجاة والبشارة، أيها الموصل فيض الشمس، ياسجود العاشقين يا أيها الفجر، ياصاحب الزمان أنا مثقل بالذنوب، وروحي مُلأت بالحسرة، وجسمي متعب من الطريق، جئت لحضرتك عسى أن أكحل نواظري وأُعفّر حاجبيّ بتراب قدميك..
وها هنا بدأت عيناي تذرف الدموع ونفسي تظهر الحسرة خوفاً من الله تعالى، وشعرت بحالة من التوبة واطمأننت بظلال ساتر عطفك الالهي، واعتمدت بوعد العفو والغفران الالهي وصدرك العطوف الرحب الذي أرجعني لطلب الاعتذار، أنت أرأف من الأب على ابنته، مع كل الألم الذي سببته لك، وكسرت قلبك العطوف، ونثرت الملح على جروحك، وأبكيت منتظريك، وأقرحت جفونك، فأنا نادم طالب العفو منك، مولاي جئتك أخطو نحوك لأستظل وأنعم ببستان رحمتك وكرامتك، وأستنير بشمس جودك وعنايتك، عسى أن يتنور ويطهر جسمي وروحي من أدران ذنوبي وظلمة معصيتي..
ليس اعتباطاً أن يقول جدك أمير المؤمنين (عليه السلام): (تعطروا بالأستغفار)، نعم عطر استغفارك يلهم الإنسان حياة جديدة، أنا متوجه اليك لتنظف صحيفة قلبي بنظرتك، وأن تنوّرني بنور معرفتك ومعرفة ربك، سيدي حان الوقت لتشملني بدعائك الأبوي وأن تثمّن توبتي، لتتجلى لي ألطافك الأبدية، فكم هو جميل أن يناجي الغافلون والمحبون لذلك الإمام الوحيد الغريب وهم الذين ابتلوا بعاصفة الذنوب، وكسروا قلب الإمام الرؤوف بحجر المعصية ونثروا على جرحه الملح، فليناجوه…
فالسلام على صدرك الطاهر الذي عشقته القلوب
السلام عليك حين تستغفر لمذنبي شيعتك ومحبيك
السلام على مناجاتك عند الفجر الذي يحتاجه الوجود
السلام على صبح ظهورك الذي انتظره العالم
فكم هو مريح للقلب حينما تردد كلمات زيارتك بعنوان طلب العفو والعذر ومناجاة العشاق معك أرواح العالمين لك الفداء..
أشهد أن بولايتك تقبل الأعمال، وتزكى الأفعال، وتضاعف الحسنات، وتمحى السيئات، فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله وصدقت أقواله وتضاعفت حسناته ومحيت سيئاته…
فبعد هذه الكلمات النورانية ليكون افضل ذكر يدخل السرور على قلب الإمام: (اللهم عجل لوليك الفرج).
اضافةتعليق
التعليقات