أضيئت سماء العالم في يوم الثلاثاء باللون الأزرق احتفالاً بالذكرى الـ 12 لليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد 2019 تحت شعار: "التقنيات المساعدة، والمشاركة الفعالة"، ويهدف الاحتفال إلى التركيز على الاستفادة من استخدام التقنيات المساعدة للأشخاص المصابين بمرض التوحد، بوصف تلك التقنيات أدوات تساعد في إزالة الحواجز التي تحول دون مشاركاتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الكاملة في المجتمع، وفي تعزيز المساواة والإنصاف والشمول.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت وبالإجماع في ديسمبر 2007 القرار 139/62، اعتبار يوم 2 أبريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة للمساعدة على تحسين نوعية حياة الذين يعانون من التوحد حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى كجزء لا يتجزأ من المجتمع. وجري أول احتفال في عام 2008.
وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة: في اليوم العالمي للتوعية بالتوحد، نرفع أصواتنا عاليةً ضد التمييز ونحتفي بالتنوع في مجتمعنا العالمي ونعزّز التزامَنا بالإدماج التام للمصابين بالتوحد وبكفالة مشاركتهم الكاملة، فمساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم كاملة جزء حيوي من جهودنا الرامية إلى الوفاء بالوعد الأساسي الذي قطعناه على أنفسنا في خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠، وهو: عدم ترك أي أحد خلف الركب.
وأضاف أن احتفالنا هذا العام يسلط الضوء على أهمية التكنولوجيات المساعِدة الميسورة التكلفة في توفير الدعم للمصابين بالتوحد لكي ينعموا بحياة لا يتمتعون فيها بالاستقلالية فحسب بل ويمارسون حقوقهم الإنسانية الأساسية أيضا، ولا تزال هناك عراقيل كبرى تحول دون الوصول إلى مثل هذه التكنولوجيات في جميع أنحاء العالم، ومنها ارتفاع تكلفتها وعدم توافرها ونقص الوعي بما تتيحه من إمكانات، وقد أطلقت في العام الماضي استراتيجية للتكنولوجيات الجديدة أردت بها كفالة اتساق التكنولوجيات الجديدة والناشئة مع القيم المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ودعا غوتيريش إلى تعزيز المشاركة الكاملة لجميع الأشخاص المصابين بالتوحد، بأن نضمن لهم الحصول على الأدوات اللازمة للتمتع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية.
وتشمل اضطرابات طيف التوحد طائفة من الاعتلالات التي تتصف بضعف السلوك الاجتماعي والتواصل والمهارات اللغوية .وتظهر هذه الاضطرابات في مرحلة الطفولة ولكنها تميل إلى الاستمرار في فترة المراهقة وسن البلوغ. وفي معظم الحالات تظهر الاعتلالات في أول خمس سنوات من العمر. وتندرج هذه الاعتلالات حالياً في فئة اضطرابات النمو المتفشية ضمن فئة أعم هي الاضطرابات النفسية والسلوكية في التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل المتعلقة بالصحة (المراجعة العاشرة).
واضطراب طيف التوحد مصطلح جامع يشمل اعتلالات من قبيل التوحد الطفلي والتوحد اللانمطي ومتلازمة أسبرغر. ويكون مستوى الأداء الذهني متفاوتاً للغاية ويتراوح بين حالة الاختلال الشديد والمهارات المعرفية العليا. ويعاني الأشخاص المصابون باضطرابات طيف التوحد في الغالب من اعتلالات أخرى مصاحبة تشمل الصرع والاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
وتشير البينات العلمية المتاحة إلى وجود عدة عوامل على الأرجح تزيد احتمال إصابة طفل باضطراب طيف التوحد وتشمل العوامل البيئية والوراثية.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى أنه من المهم التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة لتعزيز نمو المصابين باضطرابات طيف التوحد وعافيتهم على أمثل وجه. وتوصى برصد نمو الطفل في إطار الرعاية الروتينية لصحة الأم والطفل.
وقد تحد اضطرابات طيف التوحد بشكل ملحوظ من قدرة الفرد على الاضطلاع بالأنشطة اليومية والمشاركة في المجتمع. وغالباً ما تؤثر هذه الاضطرابات تأثيراً سلبياً في إنجازات الفرد التعليمية والاجتماعية وفي فرص العمل. ويكون بعض الأفراد المصابين باضطرابات طيف التوحد قادرين على التمتع بحياة مستقلة ومنتجة غير أن بعضهم يعانون من إعاقات وخيمة ويحتاجون إلى الرعاية والدعم طيلة العمر.
وتلقي اضطرابات طيف التوحد أعباء معنوية واقتصادية ثقيلة على كاهل المصابين بهذه الاضطرابات وأسرهم. وقد تنطوي رعاية الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد الوخيم على متطلبات كثيرة، وخصوصاً عندما تكون فرص إتاحة الخدمات والدعم غير كافية. ويتعرض المصابون باضطرابات طيف التوحد في كثير من الأحيان للوصم والتمييز، بما في ذلك للحرمان المجحف من الخدمات الصحية وخدمات التعليم وفرص المشاركة في مجتمعاتهم.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017 ، إلى أن مرض التوحد يصيب الملايين حول العالم، ويقدر عددهم بنحو 70 مليونا وفق إحصائية لمنظمة "التوحد يتحدث" التي تنظّم حملة عالمية للتوعية كل عام. وتعد منظمة "التوحد يتحدث" أكبر منظمة متخصصة في علوم التوحد والدفاع عنه على الصعيد العالمي.
وتشير الإحصاءات إلى أن طفلا واحدا من كل 160 طفلا يعاني اضطرابات التوحد، التي تظهر في مرحلة الطفولة وتميل للاستمرار في فترة المراهقة وسن البلوغ.
وبما أن الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد، من الفئات التي لها متطلباتها الخاصة، بوصفها إحدى حالات الإعاقة التي يعاني أصحابها من مشكلات تعوق من استيعاب المخ للمعلومات، وكيفية معالجتها، وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى المصاب في كيفية الاتصال بمن حوله، واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي، ومشاكل أخرى جمة في النطق، لذلك سعت كبريات الشركات العالمية المتخصصة بطرح برامج لمساعدة الأطفال، للتغلب على إعاقتهم وقضاء احتياجاتهم الأساسية.
وتعتبر أجهزة الـ «آي باد» المليئة بالتطبيقات المخصصة للمصابين بالتوحد، ليست محصورة فقط في التأهيل اللفظي، بل بدأت تنتشر وبشكل كبير في متجر أبل للتطبيقات، برامج متنوعة لتعزيز المهارات الأخرى لدى المصاب بالتوحد. فعلى سبيل المثال، هناك تطبيق لمساعدة الأطفال على تعلم تهجئة الحروف، عن طريق تتبع الإصبع على الشاشة. وتطبيق آخر للمساعدة على النطق الصحيح للكلمات. وأيضاً تطبيق يمكّن الآباء من استخدام الصور لمساعدة الطفل على فهم المهام والجداول الزمنية، مثل ارتداء ملابسه قبل تناول الإفطار ثم الصعود إلى الحافلة للذهاب إلى المدرسة، وما يميز مثل هذه البرامج هو تسخيرها الألوان الجميلة والأصوات الجذابة، لشد انتباه هذه الشريحة من الأطفال لأطول وقت ممكن. حسب اليوم السابع.
وفي هذا السياق، توصلت دراسة صغيرة نشرتها رويترز إلى أن استخدام الأطفال المصابين بالتوحد (نظارة جوجل) مع تطبيق على الهواتف الذكية قد يسهل عليهم تمييز تعابير الوجوه والتفاعل الاجتماعي.
ووجد الباحثون أن هذا النظام الذي يعرف باسم (سوبر باور جلاس) يساعد هؤلاء الأطفال على إدراك ما يحدث حولهم.
جاء ذلك بناء على تجربة أجراها الباحثون وشملت 71 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاما ويخضعون لعلاج معروف للتوحد يعرف بتحليل السلوك التطبيقي. يتضمن هذا العلاج عادة ممارسة تمارين معينة مثل عرض بطاقات على الطفل تحمل وجوها لمساعدته في التعرف على الانفعالات المختلفة.
واختار الباحثون بشكل عشوائي أربعين طفلا لتجربة نظام (سوبر باور جلاس)، وهو عبارة عن نظارة مع كاميرا وسماعة ترسل معلومات عما شاهده الأطفال وسمعوه إلى تطبيق بالهواتف الذكية مصمم لمساعدتهم على فهم التفاعلات الاجتماعية والاستجابة لها.
وقد يعاني الأطفال المصابون بالتوحد في تمييز الانفعالات والاستجابة إليها، لذا يقدم لهم التطبيق ملاحظات في نفس الوقت لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم.
وبعد ستة أسابيع من استخدام (سوبر باور جلاس) خلال جلسات مدتها 20 دقيقة لأربع مرات في الأسبوع، وجد الباحثون أن الأطفال الذين حصلوا على هذا الدعم الرقمي حققوا نتائج أفضل في اختبارات للتكيف الاجتماعي والتواصل والسلوك من مجموعة المقارنة التي تضم 31 طفلا تلقوا فقط الرعاية العادية لمرضى التوحد.
وقال دينيس وول كبير الباحثين في الدراسة، وهو من جامعة ستانفورد بكاليفورنيا، إن استخدام (سوبر باور جلاس) يعلم الأطفال ”السعي للتفاعل الاجتماعي وإدراك أن الوجوه أمر مثير للاهتمام وأن بمقدورهم تمييز ما تقوله لهم“.
وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني أن النظام ”فعال إذ يشجع على المبادرة الاجتماعية من الطفل ويجعل الأطفال يدركون أنهم قادرون على استيعاب انفعالات الآخرين بأنفسهم“.
تعمل النظارة كمرسل ومترجم، ويعتمد التطبيق على الذكاء الاصطناعي لتقديم ملاحظات تساعد الأطفال على تتبع الوجوه وتمييز الانفعالات. وينير ضوء أخضر عندما ينظر الطفل إلى وجه ثم يستخدم التطبيق وجوها تعبيرية تخبره بالانفعال الظاهر على هذا الوجه، وما إذا كان سعيدا أم غاضبا أم خائفا أم متفاجئا.
ويمكن للآباء استخدام التطبيق للتعرف على استجابة أطفالهم لاحقا وإخبار الطفل بمدى براعته في التعرف على الانفعالات والاستجابة لها.
اضافةتعليق
التعليقات