سعيدة وممتنة للأشخاص الذين عرفتهم مؤخرا، كانت لحظات وأحاديث جميلة ساعدتني كثيرا بنموي وزيادة وعيي وانتباهي لنفسي وشعوري وبينما كل يوم يقدم لي تجربة جديدة تتسرب بعض أحاديث الفشل التي تخبرني أن لولا الأمل لكنا دولة جهل بسبب تلك الافكار السطحية.
الأستاذ كان يخبرنا أن الدراسة شي مهم ويجعل منا أشخاص ذو قيمة ولكن الطلاب قاطعوه واخبروه بأنهم لايجدون بها اهمية فهم بمجرد تخرجهم ستبقى الشهادة مجرد شيء لاقيمة له يُعلق على الحائط، مما بين لي فجوة لأنظر لعقولهم الفارغة وكأن العالم متوقف عليهم وهو من يذهب لمنازلهم ليتوسلهم بأن يعملون فخبراتهم مهمة وإني لأشك أساسا أنهم قد تعلموا شيء بهذا التفكير السطحي للأمور والتشاؤم المستمر الذي يسبق حتى الأحداث متناسين قوله تعالى: (يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه). سورة الانشقاق.
وأيضا قوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). سورة التوبة.
بينما ما أشاهده هم يجلسون وينتظرون من الله أن يُنزّل عليهم المنّ والسلوى دون ان يحركوا طرف إصبع لديهم وفي النهاية يقولون الدولة فاشلة، من المؤكد أنها ستكون فاشلة ما دام عمادها فاشلين، فكيف لدولة أن تنهض وتستعيد قواها إن لم يكن لها أساس جيد وجيل يزيل الفساد، إن كنا نحن أضعف جيل فلنقرأ السلام على بلادنا الحبيبة بعد عدة أعوام..
قرأت ذات مرة عن قصة تقول: (خلال عملية سطو في مدينة نيويورك صرخ اللص موجها كلامه إلى الموظفين الموجودين داخل البنك:
لا تتحركوا فالمال ملك الدولة وحياتكم ملك لكم. فاستلقى الجميع على الأرض بكل هدوء..
"وهذا ما يسمى بمفهوم تغيير التفكير"، وعندما انتهى اللصوص من السرقة قال اللص الأصغر والذي يحمل شهادة جامعية لزعيم اللصوص وكان أكبرهم سنا وهو خريج الدراسة الأبتدائية:
يا زعيم دعنا نحصي كم من الأموال أخذنا.
قام الزعيم بنهره وقال له: أنت غبي؟! هذه كمية كبيرة من الأموال وتأخذ منا وقتا طويلا لعدها، الليلة سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا من الأموال!. "وهذا ما يسمى الخبرة".
ففي هذه الأيام الخبرة أكثر أهمية من المؤهلات الورقية.
بعد أن غادر اللصوص البنك، قال مدير البنك لمدير الفرع: اتصل بالشرطة بسرعة، ولكن مدير الفرع قال له إنتظر دعنا نأخذ 10 ملايين دولار ونحتفظ بها لأنفسنا ونضيفها إلى ال 70 مليون دولار التي قمنا بإختلاسها سابقا!. "وهذا يسمى السباحة مع التيار وتحويل الوضع لصالحك".
قال مدير البنك: إذن سيكون الأمر رائعا إذا كان هناك سرقة كل شهر.. "وهذا ما يسمى بالتمادي".
وفي اليوم التالي ذكرت وكالات الأخبار أن 100 مليون دولار تمت سرقتها من البنك!، قام اللصوص بعد النقود المرة تلو المرة، وفي كل مرة كانوا يجدون أن المبلغ هو 20 مليون دولار فقط، غضب اللصوص كثيرا وقالوا نحن خاطرنا بحياتنا من أجل 20 مليون دولار ومدير البنك حصل على 80 مليون دولار من دون أن تتسخ ملابسه، يبدو أن من الأفضل أن تكون متعلما بدلا من أن تكون لصا.. "وهذا ما يسمى المعرفة تساوي قيمتها ذهبا".
كان مدير البنك يبتسم سعيدا لأنه اصبح مليونيراً وجميع خسائره في البورصة تم تغطيتها بهذه السرقة. "وهذا ما يسمى اقتناص الفرصة".
فاللصوص الحقيقيون هم غالبا ذوي المناصب العليا لكنهم لصوص بشهادات..
كانت قصة ظريفة لكنها إلى حدٍ ما ورغم المكر فيها فهي حتما بيّنت أن المتعلم دوما يسبق من جهل العلم وفضّل الطريق الأسهل ليدرك متأخرا أنه سلك الطريق الخاطئ..
فالعلم يساوي قيمته ذهبا، فالعلم يجعل الإنسان ذو قيمة ويحصل على التقدير اللازم ويساعد الإنسان للوصول إلى الحقّ والمعرفة والوصول إلى الطريق الصحيح و صناعة الحياة والأهداف في الحياة، فالتعيس في هذه الحياة ليس من يملك المال بل من لا يملك أهداف يسعى لتحقيقها والبحث عن المعرفة والوصول إليها، ويعتبر العلم من مقوّمات المجتمع، فمنذ قديم الزمان لم تقم حضارة بدون علم فجميع الحضارت وسر تقدمها قامت على أساس واحد وهو المعرفة والبحث.
نحن في أيامنا هذه في أمس الحاجة إلى العلم بفروعه الواسعة، فهو أساس الحياة، والنور الذي يُستَضاء به في ظلمة الحياة البشرية ومشاكلها المتعددة، وهو المنارة التي تستنير بها العقول لتستدلَّ على الطريق الصحيح وتبتعد عن طريق الضلال والجهل، وهو أساس التمدُّن وتحقيق التطور والازدهار والرقيّ بالأمم والحضارات، ومما لا شكّ فيه أنّ الشريعة الإسلامية جاءت لتحثَّ الناس على العلم والتعليم والمعرفة، فقال الله سبحانه وتعالى في سورة الزمر/9: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ". فالعلم ضرورة وحاجة دينية لا بدّ من التمسك بها.
اضافةتعليق
التعليقات