خلق الله الإنسان في هذا الكون لعبادته وتعمير الأرض، ومن مصاديق التعمير هو إنجاب الأبناء والحفاظ على الوجود الإنساني لاستمرار الهدف من الخليقة، ولكن من دون التربية الصالحة لهذه الذرية قد تكون سببا للدمار والفساد في الأرض بدلا من التعمير..
قد يقول قائل إن التربية جدا سهلة فأنت مكلف بعد إنجاب الأبناء أن توفر احتياجاتهم المادية من مأكل ومشرب وملبس وبعدها سيدخلون في المدارس والمجتمع وهو يتكفل بتعليمهم أسس الحياة..
ولكنها وجهة نظر خاطئة فالتربية ليست احتياجات مادية فحسب ولا المدارس و المجتمع هم المسئولون عن تربية أبنائنا، نحن المسئولون أولا وأخيرا عن أبنائنا وأي تصرف منهم هو نتيجة ما علمناه نحن لهم..
ومن ناحية أخرى يرى البعض أن التربية شيء جدا صعب، ولن يستطيع أن يربي جيلا صالحا إذا أنجب العديد من الأبناء فيكتفي بواحد أو اثنين ويحاول بكل جهده أن يجعلهم صالحين ولكن دون جدوى..
فما هو الخطأ؟ وما هي أصول التربية؟
من خلال استماعي للعديد من المحاضرات في التربية وقراءة بعض الكتب في هذا الشأن وجدت أن أفضل طريقة في التربية هي الاعتماد على نهج أهل البيت عليهم السلام مع الاستفادة من خبرات المختصين في علم الطفل وسلوكياته، فلو أن الوالدين من بداية حياتهما الزوجية أعدا نفسيهما لتحمل هذه المسئولية لما أصبح الوضع بهذه الصعوبة، بداية بالمستحبات عند تكوين النطفة والالتزام ببرنامج عبادي والراحة النفسية للمرأة الحامل، وهو ما يوصي به أهل البيت عليهم السلام والعلماء الأجلاء، فعلى سبيل المثال هناك بعض السور التي تقرأها المرأة الحامل لتساعد الجنين على اكتساب صفات معينة مثل التقوى والحلم والجمال، وبعض الأطعمة المستحبة كذلك، والأهم ترك الأطعمة المشبوهة والمحرمة لما لها من تأثير سيء مستقبلا..
وكذلك كثرة قراءة القرآن والدعاء والصلوات المستحبة فهي ذات تأثير بكل تأكيد على مستقبل الطفل القادم..
أما بعد ولادة الطفل فاتباع نهج أهل البيت عليهم السلام والسير على طريقتهم المثلى في التعامل مع أبنائهم، وغرس حبهم وطاعتهم والتمسك بهم في نفوس الأبناء لهو خير وسيلة لتربية صالحة بعيدة عن الخطأ..
ويرى أحد العلماء الأفاضل (السيد هادي المدرسي حفظه الله) أن هناك أصول ثلاثة هي الأهم في التربية والتي تجعلها أسهل وأفضل:
اولها اللقمة الحلال، فإذا كان الطفل يتغذى على الطعام الحلال البعيد عن الشبهة منذ تكوينه في رحم أمه فإنه بذلك يكون مهيئا لتقبل النصائح وبذر البذور الصالحة في نفسه فلا يتعب أبواه في تربيته كما يحبان..
أما الثانية فهي حسن معاملة الأب والأم لبعضهما وخلق جو أسري مستقر وهادئ، وهو شيء مهم في استقرار نفسية الطفل واقتدائه بوالديه، فهو يرى أبوه شخص عظيم وأمه قديسة وأي موقف سيء يراه منهما تجاه بعضهما قد يهدم كل نظراته تجاههما وبذلك يرفض الامتثال لأوامرهما لاحقا..
أما الثالثة فهي أن يكون الوالدان قدوة لأولادهما في تصرفاتهما وأخلاقهما وطاعتهما لله، فمن فطرة الطفل تقليد والديه بكل شيء، لذلك نرى الأطفال يقفون للصلاة عند سماع الأذان إذا كان دأب الوالدين الصلاة في أول الوقت، ونرى الفتاة الصغيرة تغطي رأسها بالحجاب عندما تريد الخروج من البيت وذلك تقليدا لأمها الملتزمة بالحجاب، فالتربية لا تقوم على النصائح إنما ما يراه الطفل من تطبيق على أرض الواقع من قبل والديه..
وأخيرا وهو الأهم أن يدعو الوالدان لأبنائهما دائما وطلب السداد من الله تعالى في النجاح بهذه المهمة العظيمة وهي التربية الإيمانية..
اضافةتعليق
التعليقات