يحكى ان احد السلاطين خرج متخفيا يتفقد ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ، فسار هو وحارسه المقرّب ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺣﺎﺭﺓ ﺑأﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺪﻳنة ﻓﻮﺟﺪ ﺭﺟﻼ ﻣﺮﻣﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺤﺮﻛﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻣﻴﺖ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻤﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ وﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻬﺘﻢ به.. ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ..
ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ؟
ﻗﺎﻝ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻴﺖ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻫﻮ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﺃﻫﻠﻪ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﻓﻼﻥ ﺍﻟﺰﻧﺪﻳﻖ الزاني وﺷﺎﺭﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ..
ﻗﺎﻝ أﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ (ص)؟
ﻓﺎﺣﻤﻠﻮﻩ ﻣﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻔﻌﻠﻮﺍ ..
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﺗﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺒﻜﻲ ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ وحارسه ..
ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺑﻜﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل: (رﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻧﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ)..
ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻗﺎﻝ ﻛﻴﻒ ﻣﻦ الصالحين ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ؟
ﻗﺎﻟﺖ: ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻮﻗﻊ ﻫﺬﺍ، ﺇﻥ ﺯﻭﺟﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻟﻠﺨﻤﺎﺭﺓ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﺛﻢ ﻳﺤﻀﺮﻩ ﻟﻠﺒﻴﺖ ﻭﻳﺼﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﺎﺽ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺧﻔﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ فيعطيها ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺑﻲ إﻏﻠﻘﻲ ﺑﺎﺑﻚ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺧﻔﻔﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻋﻦ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ..
ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻧﻪ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻴﺘﻜﻠﻤﻮﻥ عنه، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﺮﺓ: ﺇﻧﻚ ﻟﻮ ﻣﺖ ﻟﻦ ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻐﺴّﻠﻚ ﻭﻳﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻳﺪﻓﻨﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻀﺤﻚ ﻭﻗﺎﻝ: ﻻﺗﺨﺎﻓﻲ ﺳﻴﺼﻠﻲ ﻋﻠﻲّ السلطان..
ﻓﺒﻜﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻗﺎﻝ: ﺻﺪﻕ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ وﻏﺪﺍ ﻧﻐﺴّﻠﻪ ﻭﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻧﺪﻓنه..
كثيرا ما نسيء الظن بالآخرين ونحكم على الظاهر قبل معرفتنا بالباطن، وسوء الظن له دورٌ كبير بهدم حياة المرء ويسهم بتآكل المحبة والاحترام بين الافراد ويضعف العلاقات الاجتماعية.
فسيء الظن بدون دليل او تحقق يكون قليل الثقة كثير الشك بمن حوله يبعد احتمالات الخير والتفكير الايجابي ويقرّب السلبي، ولا قريب او بعيد يسلم من ظنونه السيئة فما إن رأى اثنين يتهامسان ويضحكان ظنهم يتكلمون عنه او وجد امرأة ورجل يتكلمون شكك بأخلاقهم وووالخ .
وهي واحدة من الصفات التي تعد من ارذل الصفات البشرية، وقد نبهنا العليم الحكيم بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَاتَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾.
أما الصفة الثانية فهي النميمة والغيبة وتعد اقبح الصفات وارذلها وشخصت كمرض نفسي وداء يصيب اللسان فالنمام هو من يقوم بنقل الكلام بين الناس ليفشي أسرار الآخرين ويهتك سترهم بالقول او الإشارة او الكتابة وسواء مايقوله صحيح او كذب فمجرد انه كشف ما يُكره كشفه أصبح نماما.
جاء رجل لعلي بن الحسين عليه السلام قائلا له: إنّ فلاناً يقول فيك ويقول. فقال عليه السلام: والله ما حفظت حق أخيك؛ إذ خنته وقد استأمنك، ولا حفظت حرمتنا إذ سَمَّعتنا مالم يكن لنا حاجة بسماعه، اما علمت أنَّ نَقَلَةَ النميمة هم كلاب النار، قل لأخيك: إنّ الموت يعمّنا، والقبر يضمّنا، والقيامة موعدنا، والله يحكم بيننا.
وهذه الصفات القبيحة والتي تكثر بين النساء لكنها موجودة ايضا عند الرجال تتزايد يوما بعد آخر في المجتمع الإسلامي لرغبة الناس فيها!، فما اجتمع اثنين او أكثر حتى أخذهم الحديث بذكر عيوب الناس ونقائصهِم، ومساوئِهم فيطيب لهم الحديث وتزيد متعتهم وتفرح شياطينهم وهم في نهم لذيذ بأكل لحم أخيهم يقول الله جل جلاله (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه).
وخلاص المؤمن هو بالابتعاد عن النمام وسيء الظن والكذاب ونهره ولا يبين انه يصدق كلامه مجاملة او صدق ليخرسه ويقطع دابر الصفة القبيحة بداخله وكتم مايسمعه منه فإن الله يحب الساترين .
اضافةتعليق
التعليقات