العاطفة التي تُغدق على الأم او الأب بعد ان يرزقهم الله الذرية هي نعمة من الله تعالى، فالأمومة عالية المعاني وسيل من العطاء، والابوة لاتقل عنها بشيء فهي نكران الذات أمام انامل صغيرة تنهمر رقة يتأملها الأب وهو يتعجب من بديع خلق الله.
هذه العاطفة تدخل في صراع مع ما يمليه علينا عقلنا والمنطق، فمع اول خطوات الطفل تتمكن منا العاطفة وتفرض علينا ان نلبي جميع رغباتها متناسين ان الطفل ورقة بيضاء ستخط تصرفاتنا وما نتركه دون تقويم ان يطبع فيها عمراً بأكمله، ستحدد كثيرا من توجهات سلوكه، وهذا ما يعاني منه كثيرين منها الصعوبة في الوقوف في المنتصف، الحزم والحنان والقسوة الايجابية دون تصعيد لتصل الى عنف أسري واللامبالاة بما يفعل.
تشكوا الكثير من الامهات من عدم قدرتهن على تقويم سلوك ابناءهن في عمر الفتوة بعد سنوات دلال، وهنا تبدأ مرحلة رمي الاتهامات بين الأم والأب وهو بصراحة خطأ مشترك.
فالسيدة (أ .ع) اربعينية من بغداد؛ تشكو من عدم قدرتها على اقناع ابنها البكر بأن يستمع الى ما توجهه له من كلام، وتعاود السؤال بأنه لماذا لايخاف من ابيه، هل فقد الاباء مكانتهم وهيبتهم في عصر الالكترونيات واصبحوا لايمثلون سلطة في البيت.
وكما تتفاجأ أُم اخرى بترسخ عادات وممارسات في تصرفات ابناءها كالكذب والعناد والنميمة، وتلاقي صعوبة في معالجتها..
ان هذه الحالات ليست قليلة ولا معدودة بل ان ما يجعلها مخيفة هو تزايدها وتراكم عقمها ووصول شخوصها الى طريق مسدود فلا حل بالوصول الى منطقة العقدة في المنشار.
اذن على هذه الاساسات نعلن ان التربية عملية صعبة ومعقدة تبنى على اسس لاتخطر على ذهن الاب والام في بعض الاحيان وخاصة اذا افتقرا الى الوعي والثقافة العميقة في تنشئة ابناءهم، فالتربية تبدأ كخطوة اولى بالادراك ان التربية شيء ليس له علاقة بتوفير الطعام والملبس والسكن المريح وتوفير المال ضماناً لمستقبلهم..
اولا عليهما ان يقفا لحظة ليقيّما نفسيهما فليس من المنطقي ان يتوقعا من ذريتهما الصدق وهما يكذبان او احياناً يقطعان لهما عهدا وراء عهد او وعدا مهما كبر او صغر، فتنبت زهرة افكارهم بأن يستمروا باعطاء الوعود للناس لكي يتمكنوا من النفاذ من مواقف جمة في حياتهم ولا يتوقعوا منهم الاخلاص في العمل او النزاهة، ويلاحظان ان اي من الاب والام يتلكآن في عملهما ويمارسان الخدع لأن الطفل عجينة سهلة التشكيل ويميل الى التقليد، وسوف يقلد اول ما تقع عليه عينه وهم الابوان.
لاتنتظر منهم رحمة وبِر ان كنا نقسوا على كبير في السن، تلك غاية في التشكيك بما بينت له الحياة من قواعد..
ان كنت (أُم او أَب) عليك البدء بتهذيب نفسك والقسوة عليها، عليك ان تثقف نفسك، ان تلتزم بدينك، ان لاتغش، أن تصل رحمك، ان تتعب لعيشك، ان ترسم لذريتك خطا قويما من اعمالك وافعالك، فذلك مهم اكثر من ترديد عبارات لاتتصل بما تعمل، سيتعلم طفلك الرحمة مع الناس حين تكون انسانا قبل ان تكون منحازا لطرف بسبب قربى او ملة او ايا كانت صلتك، سيكون بك بارا كما وعى بأنك اداة للخير اكثر من فم يتكلم خلاف ما يعمل..
سوف تكون ابا عظيما عندما تضع خلافات الاطفال الصغار عند حجمها دون ان تعمقها وتخاصم جارك لان ابنه جرح ابنك دون قصد، سيكونان صديقان بحق قبل ان تتعمد بأن تهول الموضوع وان ابنك اخر ابن او انت الوحيد الذي رزق بذرية.
جميل ان تشعره بأنه مميز وتقوم بتدليله ولكن ليس الى الحد الذي تجد فيه انك تماديت في ذلك وفقدت السيطرة، لا بأس ان تعلم المرء وهو صغير الاعتماد على نفسه لكي تقوى شخصيته ولا ضمان بأن تدوم الامور في هذه الحياة والظروف لاحد بحال واحد دون تغير او انقطاع..
جميل ان نهبهم القوة في انفسهم والعوض عن الاحتياج حتى لنا ليكونوا عكازا لنا لا سطوة علينا بعد مضي العمر والوصول الى ارذل العمر.
وكثيرة هي القصص والشواهد التي نراها واضحة للعيان في ابناء رموا الام او الاب بعد كبر سنهم وشيخوختهم في دور العجزة، الخطأ ليس خطأ احد، انه فقر في التربية والمبالغة في الحنان وعدم اعطاء الفرصة بتحمل المسؤولية، وبأول ضعف لك تجد نفسك مرميا بسرير يئز بصوت مزعج بعمق روحك لتفاصيل واخطاء بسيطة، في حين ترى وتجد غيرك له سند وابناء بنين وبنات يحتفون به في حياتة وبعد مماته لأنه غرس فيهم قيم اعلى لم تتمكن العاطفة ان تحذفها من قاموسه،
أم انظر للمستقبل واراه اجمل بابنائي؟!.
اضافةتعليق
التعليقات