كنت أعشق المطالعة وأبحث عن الكتب في الزمن المظلم الذي كان يلاحق المثقفين والأجيال التي تحب العلم والعلماء ويُسجن من يوجد في بيته كتابا لأهل البيت ولا أخفيكم سراً كانوا أجداد ثريا لديهم كتب كثيرة بسبب إنهم يقرأون المجالس للإمام الحسين (عليه السلام).. ولو أن نصفها دفنت خوفاً من النظام البائد ولكن بقي منها الشيء القليل.. بين هذا وذاك كانت ورثتهم في حب المطالعة فتقول ثريا:
كنت أقرأ كل ما يصلني من كتب بالاستعارة السرية من بعض الصديقات الصالحات وقد حصلت على بعض مؤلفات (قصص بنت الهدى رحمها الله)، تُطبع كاستنساخ بصورة مصغرة جدا نشتريها ونقرأها ونستعير بالخفية كتبا حتى نطلع عليها وأقرأ الجرائد ولما تزوجت وكان قد سقط النظام البائس وتوفرت تدريجيا وبطباعة جميلة كنتُ أذهب إلى العتبات، كان زوجي يضع لي مصروفا شهريا فأجعل الجزء الأكبر منه لشراء المجلات والقصص كي أقرأها لأطفالي وقصص الصغار كي ينظروا إلى الصور ليتعلقوا بها.
حقيقة على مر السنوات الماضية اشتريت الكثير لكي أغرس غرسا وهو حب المطالعة عند أطفالي، اجتهدت كثيرا وصرفت كثيرا من المال فكنت آخذهم معي لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه مولاي أبي الفضل (عليه السلام)، (طفلي الصغير وبنتاي) وأتحمل المعاناة في الخروج معهم لأن زوجي عادة مايكون مشغولاً، وكان بيتنا بعيداً عن طرق النقل وأقطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام معهم وأتحمل تقلباتهم المزاجية سعياً للوصول للهدف (أن يقرأوا الكتب ويحبوا المطالعة) وذلك لأني أحببت لهم ما انتفعت به ومن جملته الآتي:
١_ فتحت القراءة مداركي العقلية.
٢_ أصبحت لدي أفكار بناءة ومقترحات قدمتها وأقيمت مشاريع كبيرة والحمد لله.
٣_ لدي شيء كبير من الثقة والثقافة الفكرية التي أنتجت لي صلابة نفسية وقوة شخصية لا أتأثر بما تصرع الموضات بالنساء في المجتمع .
٤_ توجهت للتفقه في الدين .
٥_ أرتقي في أفكاري عن الفكار المبتذلة .
٦_ أتحمل لأني قرأت الكثير فأصبر وأكسب مختلف الأمزجة خصوصا في العمل، واجهت الكثير من الأفكار المنحرفة وعملت بإخلاص وتفانٍ وخدمت عملي بقلمي وأفكاري الناتجة من القراءة.
٧_ طورت من أسلوب التعامل والاتجاه لفهم الآخر وكسبه . ويؤنسني الكتاب وقت الفراغ، أصبحت اكتب القصص والمقالات وأعبر عن مشاعري بقلمي وأنقل تجاربي للناس ليستفيدوا وهذه نعمة بحد ذاتها.
وهذه الصفة العظيمة (المطالعة) جعلتني أفهم ماحولي ومن حولي وهي نعمة تستحق الشكر، وأخيرا كبروا أطفالي وأصبحوا يعشقون القراءة وأصبحنا نزور معارض الكتاب ونقتني منها كتباً تنير حياتنا والحمد لله جنيتُ الثمرة.
اضافةتعليق
التعليقات
السويد2024-03-19